حمزة بن لادن ومكافأة المليون دولار.. ماذا يدور وراء الكواليس؟
عمران نت / 9 / 3 / 2019م
// تقارير //
تمكّنت أمريكا بعدما بذلت الكثير من الجهود من الإمساك والقضاء على زعيم الإرهاب الدولي “أسامة بن لادن” زعيم تنظيم القاعدة في أيار / مايو 2011 وقبل ذلك صرفت واشنطن مليارات الدولارات من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين، لمهاجمة العراق وأفغانستان تحت ذريعة الإرهاب وأثناء تلك السنوات قتل الجنود الأمريكيون الآلاف من الأبرياء في كلا البلدين.
ومع ذلك، قامت السلطات الأمريكية بتسليط الضوء مرة أخرى على اسم “بن لادن” كتهديد للأمن القومي الأمريكي، حيث أعلنت أمريكا يوم الخميس الماضي عن مكافأة مالية قدرها مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على “حمزة بن لادن”، نجل زعيم تنظيم القاعدة الراحل “أسامة بن لادن” ووصفت الخارجية الأمريكية في بيان، “حمزة بن لادن”، بالقائد المحتمل للتنظيم مشيرة إلى أنه سجَّل مقاطع فيديو تحثّ عناصر التنظيم على شنّ هجمات ضد القواعد الأمريكية، منذ 2015، ويسعى للثأر من أجل والده الذي قتل عام 2011.
إن إعلان البيت الأبيض عن هذه الجائزة الضخمة في الوقت التي تمكّنت فيه قوات الجيش السوري ومحور المقاومة من القضاء على معظم فلول تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا وملاحقة ما تبقى منهم إلى منطقة “الباغوز” التابعة لمحافظة “دير الزور”، يثير الكثير من التكهنات حول ما الشيء الذي تسعى واشنطن إلى تحقيقه من إعلانها في هذا الوقت بالذات.
إضعاف “القاعدة” سيصبّ في مصلحة “داعش”
نشرت وسائل الإعلام عدة تقارير خلال الأشهر القليلة الماضية، تفيد بأن قادة البيت الأبيض يبذلون الكثير من الجهود لنقل ما تبقى من عناصر جماعة “داعش” الإرهابية من سوريا والعراق إلى أفغانستان ودول آسيا الوسطى وهذا ما يؤكده التقرير الأمني الذي نشرته الحكومة الباكستانية والتي حذّرت فيه من أن أمريكا قامت بنقل عناصر ينتمون إلى تنظيم داعش الإرهابي إلى الحدود الأفغانية الباكستانية للقيام بعمليات إرهابية في هذين البلدين وتحويلهما إلى سوريا أخرى.
ولقد أدّت هذه الأعمال الأمريكية والتهديدات الإرهابية إلى قيام إيران وروسيا والصين وباكستان بعقد اجتماعات مشتركة للتباحث حول هذه القضية، بما في ذلك اجتماع أجهزة الاستخبارات لهذه البلدان الأربعة في يوليو 2018.
وبالنظر إلى هذه الجائزة التي رصدتها واشنطن لرأس “بن لادن”، يرى عدد من الخبراء الأوروبيين في الشؤون السورية بأن هذه الجائزة جاءت في الوقت الذي يقود “بن لادن” حالياً جماعة “أنصار الفرقان” السورية، وهي جماعة إرهابية ناشئة استطاعت اجتذاب عدد كبير من المقاتلين الإسلاميين من “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش” خلال الأشهر الأخيرة.
ويقول هؤلاء الخبراء بأن اختيار تنظيم “داعش” وتهويل تهديد “القاعدة” من قبل أمريكا ليس أمراً غريباً وذلك لأن واشنطن وإلى جانبها السعودية هما من قاما بتأسيس تنظيم القاعدة ومن بعده تنظيم داعش الإرهابي الذي يعدّ التهديد الرئيس لمحور المقاومة ووحدة العالم الإسلامي، وعلى مدى السنوات الماضية قام هذا التنظيم الإرهابي بتنفيذ جميع خطط أمريكا، والصهاينة والنظام السعودي في المنطقة لمواجهة محور المقاومة.
وعلى الرغم من أن تنظيم القاعدة يعتبر تهديداً خطيراً على مصالح محور المقاومة ووحدة العالم الإسلامي، إلا أنه وفي نفس الوقت يشكّل نشاطه المتطرف تهديداً جدياً أيضاً على مصالح أمريكا.
وحول هذا السياق، شجع “حمزة بن لادن” الفصائل المختلفة لتنظيم القاعدة في أفغانستان وسوريا والمغرب والصومال والهند في رسالة صوتية نشرتها مؤخراً مؤسسة “الصحاب”، الذراع الإعلامية للقاعدة، على القيام بعمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية في المنطقة.
وقال “بن لادن” بأن هدفه النهائي هو تدمير إسرائيل و”تحرير المسجد الأقصى”، وقال بأن الفلسطينيين يستحقون الدعم، لكن القادة العرب خانوهم.
زيادة الضغط على إيران
هنالك هدف آخر يختبئ وراء الكواليس لإعلان واشنطن عن جائزة ضخمة لمن يدلي بمعلومات عن “بن لادن”.
ففي 7 أغسطس 2011 زعمت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان لها بأن إيران والقاعدة قد اتفقتا على جعل إيران “نقطة العبور الأكثر أهمية” لنقل الأموال لذلك التنظيم الإرهابي ولنقل المتطرفين إلى أفغانستان وباكستان.
وفي نوفمبر 2017، زعمت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أيضاً، بأن “بن لادن” كان يعيش في إيران لبعض الوقت وأنه تزوّج في العاصمة طهران، وفي نفس ذلك الوقت، قال ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، بأن قادة القاعدة يعيشون في إيران.
لقد تعمّدت أمريكا خلال العقود الماضية توجيه العديد من الاتهامات إلى طهران ووصفها بأنها الراعي الأول والداعم الرئيس للجماعات الإرهابية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط وذلك بسبب أن طهران وقفت إلى جانب جماعات المقاومة الفلسطينية واللبنانية ولم تكتفِ أمريكا بتوجيه كل تلك التهم إلى إيران، بل إنها قامت بفرض الكثير من العقوبات الاقتصادية عليها، ولكن الآن لم يعد هذا التكتيك الأمريكي يجدي نفعاً وذلك لأن جماعات المقاومة أصبح لها قاعدة شعبية وجماهيرية في مجتمعاتهم وأصبح لها شرعية سياسية وبالإضافة إلى ذلك أصبحت طبيعة “إسرائيل” الإجرامية واضحة وجلية عند الرأي العام العالمي وفي وقتنا الحالي وعلى الرغم من إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن جماعات المقاومة تعدّ جماعات إرهابية، إلا أن الرأي العام العالمي لا يعترف بهذا الإعلان الظالم ولا يصف جماعات المقاومة بأنها جماعات إرهابية وهذا الأمر عزّز من موقف جماعات المقاومة على الساحة الدولية.
ولهذا فإن الحيلة الجديدة التي تستعين بها واشنطن والتي تدّعي فيها بأن إيران تدعم الإرهاب، ما هي إلا حيلة مضحكة لن تتمكن أمريكا من الاستعانة بها مرة أخرى للضحك على الرأي العام العالمي وذلك لأنه أصبح جلياً بأن واشنطن والنظام السعودي هما اللذان قاما ومازالا يقومان بدعم هذه الجماعات الإرهابية، والمدارس التكفيرية المنتشرة في السعودية وباكستان وأفغانستان تعدّ أكبر دليل على هذا الأمر وبهذا فإنه يمكن القول هنا بأن البيت الأبيض لن يتمكّن من استخدام شعار مكافحة الإرهاب لممارسة الضغط على إيران.