بعض طرق إضعاف المنظمات
عمران نت // مقالات //
علي حكمت شعيب
تتعدّد وتتنوّع أساليب الحرب النفسية التي تشَنّ على المنظمات، سواء منها الربحية أو غير الربحية، وتتمحور في غالبيّتها على تشخيص نقاط الضعف فيها، ومن ثمّ تحديد أولويات هذه النقاط بالنسبة للمنظمة، ليتمّ بعد ذلك مهاجمتها لتعميق الضعف وتوسّعه، ليصل بالمنظمة الى حالة من القصور يعيقها عن استغلال الفرص، والحفاظ على جمهورها، ويجعلها هشّة غير منيعة أمام التهديدات.
وتتكون عادة نقاط الضعف من عدم قدرة المنظمة على تأمين الإكتفاء الذاتي من الموارد المختلفة المعنوية والبشرية والمادية والمالية، وتشكّل أولوية لدى العدو مسألة ضرب السمعة المعنوية للمنظمة غير الربحية، ومنها الدول والأحزاب، لأنها المساهم الرئيس في بناء ميزتها التنافسية، التي تستطيع من خلالها نسج علاقات طيبة مستمرة، ونامية مع محيطها وجمهورها، الذي يمدّها بالموارد اللازمة لها من أجل بقائها واستمراريتها وتطورها.
فعندما تُستهدف مثلاً القادة في المستويات الإدارية العليا والوسطى لدولة أو لحزب، يتلطّخ وجه الدولة أو الحزب ويتشوّه حتى يصبح عابساً أسود منفّراً لكل من ينظر إليه، حينها تنكفئ الناس عن التعامل معهما.
من هنا تأتي أهمية الحرب النفسية في بثّ الإشاعات لتحقيق هذا الغرض في إضعاف حركات المقاومة الشعبية ضد المستكبرين أعداء وناهبي الشعوب. فالإشاعة عندما تنتشر تسري سريان النار في الهشيم وتصيب بنارها مساحة واسعة من القاعدة الشعبية لحركة المقاومة، وهي وإن تمّ دحضها لاحقاً والتصدّي لها، إلا أن ذلك لا يتمكن من ترميم الوعي عند جزء لا بأس به من القاعدة الشعبية التي أصابتها بنارها. وهكذا تتوالى الإشاعة تلو الإشاعة لتضرب في الميدان نفسه، لتُنقص بذلك في كل مرة شيئاً من الرصيد الشعبي لحركة المقاومة، عبر خطة مدروسة محكمة. وإن أفضل ما يكون الاستهداف به، هو الإتهام بممارسة أمور غير أخلاقية، كترويج وتهريب المخدرات، وغسيل الأموال، وتسهيل وإدارة شبكات الدعارة، و…
وتوقّت إجراءات الاستهداف لتخدم مصالح عدة للعدو، على رأسها ضرب حركات المقاومة معنوياً، وتعزيز نقاط قوته الداخلية للتغلب على منافسيه في بيئته الداخلية، واسترضاء سيده العدو الأعلى…
إذن عندما يكون هناك استهداف، على المرء أن يراقب المشهد العام الإقليمي والدولي، وليس فقط المحلي الذي ينشأ فيه هذا الاعتداء والافتراء، لقراءته بدقة وتأنٍّ وشمولية بعيداً عن التسرّع والانفعال، من أجل استكشاف أهداف العدو وسياساته وإجرءاته المتَّبعة للوصول إليها، لكي نستضيء بهذه القراءة في التخطيط للوقاية من هذا الاستهداف، أو الحدّ من آثاره السلبية إذا وقع ما أمكن ذلك، فنكون بالتالي قد أفشلنا خطط العدو في الحرب النفسية.
ولتبين الصورة أكثر، فإن ما جرى بالأمس من توقيت متزامن لإجراءين، قامت بأولهما جريدة الكترونية تنتمي في خطها السياسي الى ما كان يسمى حركة ١٤ آذار بالنيل من سمعة أحد كوادر حزب الله ، بالتزامن مع قيام وزارة الداخلية البريطانية بالإجراء الثاني المتمثل في تقديم مسودة قرار الى البرلمان البريطاني، لوسم الجناح السياسي للحزب بالإرهاب يشكل مصداقاً واضحاً لما قدّمناه.