المشروع الأساسي لرسالة الله في واقع الحياة هو إقامة العدل
عمران نت // من هدي القرآن الكريم//
ثم المشروع الأساسي لرسالة الله في واقع الحياة وهو إقامة العدل، وهذه قضية أساسية ورئيسية في رسالات الله سبحانه وتعالى وبشكل عام، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}(الحديد: من الآية:25)، فالقيم الإيمانية والتعاليم في المشروع الرسالي الإلهي، وطبيعة، طبيعة المشروع نفسه كلها تجعل ارتباطنا الإيماني يوفر لنا كل العوامل المعنوية التي تدفعنا إلى القيام بالمسؤولية.
إضافةً إلى المقومات الأخرى المادية بالنسبة للأمة الإسلامية، سواء من حيث الثروة البشرية، الأمة المسلمة، أمة كبيرة، واتسعت أعدادها بشكل كبير، وأصبحت تُمثل شعوب متعددة وأمة كبيرة، أو المادية ما أعد الله لهذه الأمة من مقومات مادية تحتاج إليها في بناء واقعها لتكون أمةً قويةً مقتدرةً تتوفر لها المتطلبات المادية للقيام بمسؤولياتها، أكبر مخزون من النفط على الأرض متوفر في هذه المنطقة، منطقة هذه الأمة، الخيرات الكبيرة والكثيرة في باطن الأرض وفي ظاهرها التي عندما تُستغل استغلالاً صحيحاً وبأيادٍ أمينة ستكون كافية بالقدر الذي تحتاج إليه الأمة في واقع حياتها وفي واقع مسؤوليتها.
إضافة إلى أهمية الموقع الجغرافي، المسلمون والعرب بالذات لهم أهم موقع جغرافي، له أهمية كبيرة جداً في أن يكونوا مؤثرين على المسرح العالمي وفي الواقع الدولي، وإضافة إلى ذلك كله العون الإلهي، الله جل شأنه عندما حمَّلنا مسؤولية لم يتركها عبئأً علينا، بل ليكون معنا، ليؤيدنا عندما نتحرك بالقيم العظيمة، بالأخلاق، بالمشروع الإلهي المقدس لإقامة الخير، بالمعروف وللمعروف وللنهي عن المنكر بدائرته الواسعة والسيئة، ونتحرك بهكذا قيم وأخلاق ومبادئ في مواجهة الشر، في مواجهة الفساد، في مواجهة الباطل، في مواجهة الظلم، حينها يكون الله يكون الله سبحانه وتعالى معنا، ينصرنا يؤيدنا، وهو وعد بهذا وعداً مؤكداً في آيات كثيرة من كتابه الكريم، منها قوله تعالى: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد من الآية:7).
إذاً نحن كأمة مسلمة ليس دورنا في الحياة فقط أن نقتصر على البعض من العبادات مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج ثم نكتفي بهذا، هذه العبادات هي عون لنا، وهي دائرة تربوية متكاملة تعيننا لنكون في مستوى القيام بمسؤولية أساسية وكبيرة حمَّلنا الله اياها، مسؤولية نتحرك في واقع الحياة بالمشروع الإلهي الذي هو إقامة العدل في الحياة، الأمر بالمعروف في دائرته الواسعة، النهي عن المنكر في دائرته الواسعة، مواجهة الظلم، الفساد، الشر، الطغيان، العمل على أن نتحرك بهذه الرسالة على مستوى العالم، دور عالمي، دور كبير، دور مشرّف.
فما الذي حصل في واقع الأمة الإسلامية؟ فرطت في مسؤوليتها، وقعدت عن القيام بهذه المسؤولية لتكونأمة الخير تتحرك بالخير في العالمين، فماذا كانت النتيجة؟ تحرك أهل الشر بشرهم وعلى المستوى العالمي؛ لينشروا الشر ويتحركون بالشر، بالنزعة الاستعمارية، بالتسلط، بالاستحواذ على خيرات الأرض، بالاستعباد للناس، فتحركوا بشرهم على المستوى العالمي وأصبحوا قوة عالمية، أصبحوا بما هم عليه من شر، بما يحملونه من شر، الشر في نواياهم، الشر في ممارساتهم، الشر في طبيعة المشروع الذي يتحركون به، أصبحوا هم قوةً عالميةً تتحرك بهذا الشر وتعممه في الأرض، وتمارسه في الأرض، ويعاني منه أهل الأرض في شتى بقاع الدنيا.
وتحركوا بهذا الشر كقوة في ظل قعود الأمة الإسلامية، القعود الذي أضعفها، القعود الذي أذلها، القعود الذي أتاح للآخرين الذين تحركوا بشرهم أن يكونوا هم في موقع القوة، يبنون واقعهم ليكونوا قوة، ويستمرون في بناء واقعهم ليكونوا أكثر قوة، ليكونوا أكثر اقتداراً في الهيمنة والتسلط والقهر والاستعباد والتسلط على الشعوب، والاستحواذ على خيراتها، ونهب ثرواتها ومقدراتها، وممارسة القتل والسجن والتضييق على الناس بكل ما يتضمنه الشر من ممارسات وسلوك.
تحركوا هم بمنكرهم ،بمنكرهم ليس فقط على المستوى العالمي وفي واقع شعوبهم، بل اخترقوا ساحتنا الإسلامية الداخلية، واقع الأمة الإسلامية، اخترقوه هم سواء بشرهم أو بمنكرهم بفسادهم بباطلهم، وأصبح واقع الشعوب الإسلامية والشعوب العربية – في الأعم الأغلب – ساحةً مفتوحةً لأولئك الأشرار، وأصبحوا هم نافذون فيه، متسلطون فيه، أصبحوا هم آمرون، وأصبحوا هم ناهون، وأصبحوا هم مسيطرون، متحكمون وعلى كل المستويات، أتوا إلى منطقتنا الإسلامية بكل شرهم، على المستوى العسكري يحتلون، يفرضون لهم وجوداً عسكرياً بشكل احتلال، بشكل قواعد، ويستغلون هذا التواجد العسكري لممارسة الضغط والقمع، وفرض ما يريدونه من سياسات، ثم هم يتحكمون في واقعنا فيفرضون منكرهم، ويمارسون شرهم، يقتلون، يدمرون، ينهبون الثروة، يفرضون علينا في واقع حياتنا في كل شؤوننا، على المستوى السياسي يفرضون وهم مسيطرون على القرار السياسي للحكومات داخل المنطقة العربية والعالم الإسلامي إلا القليل منها يفرضون ما يشاؤون من سياسات، وسياساتهم كلها تزيد الأمة ضعفاً، تذل الأمة، ترهق الأمة، تضرب الأمة، كل سياساتهم تتجه في اتجاه إضعاف الأمة أكثر، إذلالها، تفريقها، تجويعها، إفقارها، التنكيل بها، الأذى لها، يستهدفون الأمة على كل المستويات.
كانت نتيجة التفريط بالمسؤولية والتخلي عن المسؤولية والتنصل عن المسؤولية أنها حولت واقعنا بدلاً من أن نكون أمةً قويةً مؤثرةً فاعلةً يحكمها في واقعها الداخلي الخير والعدل والمعروف، وواقعها الداخلي وساحتها الداخلية محصنة من المنكر والباطل والفساد والطغيان، واقع سليم يسوده القيم والمبادئ الإلهية العظيمة، فنتحرك من هذا الواقع بهذه المسؤولية على المستوى العالمي، أمةً مؤثرةً نسعى إلى نشر الخير والعدل والحق في ربوع العالم، في ربوع الأرض، ونسعى إلى مواجهة الباطل والفساد والطغيان على المستوى العالمي،
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة يوم القدس العالمي 1433هـ.