إذا بلغ الناس إلى درجة الوثوق القوي بالله، فإنه يجعل الأشياء البسيطة ذاتَ فاعلية كبيرة
عمران نت / / من هدي القرآن الكريم//
يتحدث عن قضية عصى موسى عليه السلام موسى الرجل الفقير الذي لا يمتلك الأسلحة التي كانت لدى فرعون، لا يمتلك الجيش الذي كان لدى فرعون، في يده عصى، وهو متجه إلى مصر بزوجته وأغنامه ومواشيه، قال الله {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} (طـه:18) ليس لها دور أكثـر من هذا – فيما أرى – الله أراد أن يجعل من تلك العصى قوة ترعب فرعون وقومه.
فمن يثق بالله، من يثقون بالله، إذا ما بلغ الناس إلى درجة الوثوق القوي بالله سبحانه وتعالى فإنه من سيجعل الأشياء البسيطة ذات فاعلية، ذاتَ فاعلية كبيرة، عصى موسى كانت ترهب فرعون، كانت تتحول إلى حيّة، كانت تُرهب آل فرعون جميعاً، قضت على كل ذلك الإفك، على كل ما عمله السحرة، أوحى الله إليه {أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (الأعراف: من الآية117) تلتهمه جميعاً، وقضت على كل تلك الحبال والعِصِيّ التي كان يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى،
هذه العصى كانت تشكل سلاحاً فعَّالاً، إنها عبارة عن سلاح، وعبارة عن آية، وعبارة عن وسيلة للفرج، لها أدوار متعددة، ضاعت كل قوة فرعون وجبروته وجيوشه وآلياته العسكرية وحصونه أمامها، تلك العصى التي قال عنها موسى: {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} (طـه: من الآية18).
وهكذا تجد في القرآن الكريم أشياء كثيرة جداً تتوجه نحو الإنسان لتخاطبه بأن عليك أن تثق بالله، فمتى ما وثقت ثقة صحيحة، ومن الثقة به هو أن تتأكد بأنك تسير على هديه، وإلا فقد تدعو، قد يجتمع صف من العلماء العبَّاد في مسجد يدعون الله سبحانه وتعالى على أمريكا وإسرائيل ولا يحصل شيء، ليست المسألة على هذا النحو.
تحركوا من منطلق الثقة لأن ما يدل على أن الإنسان يعيش حالة الثقة بالله سبحانه وتعالى هو أن ينطلق، هو أن يتحرك حتى في الظرف الذي يرى كل ما حوله ليس في اتجاهه، يرى كل ما حوله بعيداً عنه، يرى نفسه ضعيفاً، يرى موقفه غريباً، يرى منطقه ممقوتاً، هذه هي اللحظة التي أيضاً تدل على مدى ثقتك بالله، إذا ما انطلقت في ظروف مثل هذه، في مرحلة معينة.
لاحظوا، لو تأتي دولة وتقول هذا كل ما لدينا تحت أيديكم، أليس حينئذٍ سيصبح الناس أقوياء؟ ويصبحون فيما بعد يتهددون ويتوعدون الآخرين؟ . لماذا؟ أمّا في ظرف كهذا والله يقول لكم أن بإمكانكم أن تصلوا إلى مستوى أن يكون الله معكم، فمتى ما كان معكم فهو من لـه جنود السماوات والأرض. أعظم مما تمتلك الدولة الفلانية من أسلحة، لماذا أراك ضعيفاً ؟. لماذا أراك مستسلماً ؟. لماذا أراك هكذا مقهوراً ذليلاً ؟. لماذا أراك بعيداً عن أي تفكير في أي عمل ضد أعداء الله؟. لأنك لا تعيش حالة المعرفة بالله، ولا تعيش حالة الثقة بالله ؟.
ويدُلّك على هذا أنه لو تأتي الدولة تقول هذه مجموعة أسلحة ومعسكرات تحت تصرفكم سنرى الناس كلهم سيصبحون أقوياء .. أليسوا سيصبحون أقوياء ؟. أولياء الله يثقون بالله في أصعب الظروف، وفي أشد الظروف ابتعاداً عما يقدمونه من حلول، عما يقدمونه من تصور عملي في مواجهة أعداء الله.
الثقة بالله هي من أهم ما ركز عليه القرآن الكريم. وتجد أنه إذا ما افتقد الناس الثقة بالله قد يصل الناس إلى حالة من الكفر لا يشعرون بها، كيف ؟. مثلاً تجد آيات صريحة عندما يقول الله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: من الآية40) {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم} (محمد: من الآية7) {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمِ مُؤْمِنِينَ} (التوبة:14) {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) وكم لهذه الآيات من نظائر. ولكن عندما ترجع إلينا إلى الناس فتقول: أعداء الله يعملوا كذا، يتحركون فى كذا، ما لنا لا نفعل ؟. فيقال: والله ما نستطيع، نحن مستضعفون، ما بأيدينا شيء، وماذا نستطيع أن نعمل ؟.
وتلك الوعود التي في داخل القرآن أين نأتي بها ؟. ماذا يعني هذا ؟. أنه في الأخير أنني أقرأ تلك الآيات، وأقرأ قوله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} وأنا في واقعي، ونحن في واقعنا جميعاً نحكم على الله بأنه فقط أنت تستطيع أن تنصر وأنت قوي وأنت عزيز، لكن إذا كان هناك أعداء مثل قريش مثل أولئك الذين كانوا في مواجهة محمد، أما أمريكا أما إسرائيل أما ما تمتلك من أسلحة هذه القوى والله ما تستطيع، هذا واقع، أي نحن في نظرتنا إلى الله على هذا النحو
من يقول نحن أمام أمريكا لا نستطيع أن نعمل شيئاً بعد أن قال الله لـه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} بهذه العبارات {قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
معنى هذا في الأخير أنه والله صح أنت قوي، أنت عزيز لكن أما أمام أمريكا فلا، أنت غالب على أمرك، قاهر فوق عبادك لكن أما هؤلاء فلا، هكذا الواقع، نظرة الناس هي هكذا في الواقع، أليس هذا من الكفر الفضيع؟ كفر فضيع في داخلنا ونحن لا نشعر.
إن سببه ماذا؟ ضعف الثقة بالله، ضعف الثقة بالله تجعلك ترى أن الله لا يستطيع أن يعمل شيئاً أمام أولئك وهم من هم؟ هم أولياء الشيطان الذي قال الله عنه: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} (النساء: من الآية76) وكلما زاد خبثهم وازداد فسادهم، أليس يعني ذلك أنهم ازداد ولاؤهم للشيطان وكلما ازداد ولاؤهم له ازدادوا ضعفاً؟ كلما عظمت ولايتهم للشيطان كلما ارتبطوا بضعيف مذموم مدحور طرده الله، وطبعه بهذا الطابع مذموماً مدحوراً ملعوناً ضعيفاً ذليلاً {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}.
قد تسأل أحداً فيقول لك: نحن من أولياء الله، ونحن مؤمنون، لكن لماذا نراك تنظر إلى أولياء الشيطان نظرة المنبهر بهم؟ المكترث بما هم عليه؟ يراهم كباراً، يراهم سَداً أمام الله، وليس فقط أمام نفسه، بل أمام الله، وأنت تسمي نفسك بأنك من أبناء القرآن، وأنك من أبناء الإسلام، وأنك من أولياء الله، وأنك .. وأنك .. هذه حالة خطيرة
إذا لم نتعرف على الله من خلال القرآن فإن أي وسائل أخرى للمعرفة لا تصل بنا إلى هذه الدرجة التي سيوصلنا إليها القرآن الكريم، وبالتالي يمكن أن تسبِّح وأن تصلي لله، وأنت تقول (الله أكبر) وأنت تراه في واقعك أنه أعجز عن أن يعمل شيئاً أمام أولئك، هوَ لا يستطيع أن ينصر من ينصره وإن قال إنه قوي عزيز،
لو كنا نفهم القرآن الكريم، وكل من يحمل القرآن الكريم يعرف الله من خلاله لما وجدنا أي شيء أبداً أمامنا كبيراً – مهما بدا كبيراً – لأن الله في القرآن يقول لنا بأنه هو يدبر الأمر، وهو ملك السماوات والأرض، هو الذي ترجع إليه الأمور، بأنه هو الذي يستطيع أن يهيئ، هو الذي يفتح المجالات، ويهيأ الفرص، هو الذي يعمل الأشياء الكثيرة التي قد لا تتهيأ إطلاقاً، هو الذي يقوم بالدفاع عن أوليائه حتى يستطيعوا أن يصلوا درجة معينة، أشياء كثيرة لا نستطيع أن نستوعبها. أهم شيء في الموضوع هو أن تكون ثقة الناس بالله قوية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة (الثقافة القرآنية)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 4/8/2002م
اليمن – صعدة.