11 فبراير .. لن يعودَ زمنُ الوصاية
// مقالات // علي الدرواني
الذكرى الثامنةُ لثورة 11 فبراير ثورة الشباب ثورة التغيير ثورة الشعب من أقصاه إلى أقصاه ضد نظام علي صالح الذي أدار البلادَ عبر تحالف عريض مع قوى العسكر والمشيخ والفتوى وبدعم من جارة السوء السعودية ورعاية من الشيطان الأكبر في واشنطن.
ثورةٌ حملت في أهدافها روحَ الشعب العزيز وتطلعاته للقضاء على الفساد السياسيّ والاقتصادي الذي نخر كُــلَّ جوانب الحياة وسلّم البلادَ وثرواتها لحفنةٍ من الذين يدورون حول فلك النظام وأزلامه، تحت عباءة الحماية التي وفّرها لهم ارتهانهم للخارج وبيع السيادة والقرار الوطني لقوى دولية وإقليمية.
أصواتُ الشعب الهادر في مختلف الميادين والساحات من صنعاء إلى صعدةَ وتعز وغيرها من المحافظات أكّــدت على النهاية الوشيكة للنظام وحملت بعض القوى من حلفاء صالح وشركائه إلى القفز إلى سفينة الثورة وساحتها عَلَّهم ينجون بجلودهم ولا تنالهم غضبةُ الشعب الثائر.
ولم تكُنْ صرخةُ الشعب المدوية مرعبةً لشركاء النظام في الداخل فحسب، بل جعلت حالةَ القلق تدُبُّ لدى أرباب النظام في العواصم الخارجية بخروج الوضع عن سيطرتهم وانفلات مقاليد الأمر من أيديهم، فسعوا سعيَهم وكادوا كيدَهم؛ للالتفاف على تلك الإرادة في التغيير وصاغوا مبادرتهم المشؤومة لإعادة إنتاج النظام.
في المقابل، كان الشعبُ اليمني في غاية الإدراك بمُخَطّطات الثورة المضادة لسرقة تضحياته وتطلعاته؛ ولهذا لم يبرح الساحات ولم يغادر الميادين ولم يقبل بإنصاف الحلول إلى أن اكتملت فصول الثورة في الحادي والعشرين من سبتمبر وانتصرت على عصابة الفساد والإفساد وأطاحت بآخر أركانها في صنعاء.
وعلى غرار الثورات النابعة من الداخل والمتجذرة في أعماقه والرافضة لهيمنة شياطين الإقليم والعالم لم ترُقْ ثورةُ سبتمبر لدول الوصاية وسفرائها، فحملوا حقائبَهم وحزموا أمتعتَهم وغادروا صنعاء؛ لأَنَّهم لم يعد لديهم ما يفعلونه كما عبّر عن ذلك أحدُهم.
هم غادروا صنعاءَ نعم، لكنهم أضمروا لها المكيدةَ، وتأبّطوا الشَّر، وشحذوا سيوفَ الغدر، وجمعوا جحافلَهم، وأعدوا آلةَ القتل، ثم أتوا بقضِّهم وقضيضهم، غير منتبهين أن مَن خرج من صنعاءَ على جناح طائرة مدنية لن يعودَ إليها على أجنحة الإف16.
ثورة 11 فبراير و21 سبتمبر مثّلت نموذجاً للإجماع الوطني الحاسم والاصطفاف الشعبيّ العريض ليتطورَ هذا النموذجُ ويصبح أكثر تجلياً في صمود الشعب أمام عدوان غاشم أراد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.. وهيهاتَ له ذلك.