ضربة “معلِّم” تربك حامي ابن سلمان
عمران نت/ 17 / ديسمبر 2018م
بقلم / أحمد كعودي
حين تجاوز وليُّ العهد السعوديّ، الممنوعَ لدى الرأي العام الأمريكي بإشرافه المباشر، على مقتل الصحافي السعوديّ، بتلبيته جشع “دونالد ترامب” اللامحدود في نهب ثروة أرض الحجاز ونجد (السعوديّ) كان يتوقع ابن سلمان، أن الرئيس الأمريكي بالإمكان، أن يوفر له كامل التغطية على جرائمه حتى وإن كانت تورطه المباشر تدمير اليمن وخلق كارثة إنسانية فيه، وتصفية الصحافي السعوديّ وبتلك الطريقة البشعة والمروّعة التي هزة العالم، اعتمد وليُّ العهد السعوديّ في ذلك على حصانة وهمية أعطاها إياه “دونالد ترامب” أَوْ هذا اعتقد أهم ما بنى عليها فرضياته:
1- مقايضة دم الضحية جمال خاشقجي بصفقات مشبوهة بملايين الدولار مقابل ضمان سكوت “دونالد ترامب”.
2- تسريع وتيرة التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني، وهذا ما أعلنته الصحفُ البريطانية مؤخراً، بأن فريقَ محمد بن سلمان، في إعداد اللمسات الأخيرة، للقاء ولي عهدهم مع رئيس وزراء الكيان “الإسرائيلي”، وتساءل الكثيرُ من الباحثين في شؤون المنطقة: هل يريد استنساخ بن سلمان تجربة الرئيس “أنوار السادات”؟ والهدف من ذلك بعث ولي العهد السعوديّ رسائلَ إلى الغرب والداخل” الإسرائيلي”، بأنه -أي ولي العهد السعوديّ- الرجل القوي في المملكة ورائد القومية “السنية” ورجل المحبة وَالسلام مع “إسرائيل”.
3 – التعجيل بوتيرة إنجاز بلاده، ما تسمى “صفقة القرن” والتي تستهدف كما هو معروف الإجهاز على القضية الفلسطينية، وَعلى ما يبدو ويتأكد، سيجهضها الشعب الفلسطيني بإجماع معارضته وموالاته (للسلطة) وَمقاومته والتي لها الكلمة الحسم في الصراع الوجودي مع العدو الإسرائيلي، وهذا ما تؤكده بوادر الانتفاضة في الضفة الغربية.
4- شروع السعوديّة في تشكيل جيش خليجي عربي، بمواصفات طائفية يطلق عليه نعت من النعوت “الناتو العربي” لمواجهة ما تعتبره دول الخليج ومن يتماهى مع سياستها، النفوذ اﻹيراني في المنطقة وَ”العالم الإسلامي”، مطلع العام القادم، وهذا ما يفسّر في نظري تمسُّكَ الرئيس الأمريكي، بولي العهد السعوديّ والرهان على دوره في تمرير استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة، في موضوع ذي صلة رد دونالد ترامب على منتقديه أَعضاء الكونغرس على علاقته الشخصية مع ابن سلمان قائلاً: “لولا السعوديّة لكانت إسرائيل في مأزقٍ” كلام مثل هذا له ما له من دلالات سياسيّة متعلقة بالدور، الذي تلعبه السعوديّة في الشرق الأوسط-، ترامب يراهن في الوقت الحالي عن الدور الوظيفي لولي العهد السعوديّ، وحين ينتهي هذا الدور كما هو متوقع، لكل حادث حديث، كما يقال.
ما لم يكن في حُسبان “أبو منشار”، هو تسريباتٌ للتسجيلات الصوتية للمخابرات التركية والأَمريكية للإعلام الغربي عامة، وبالأخص لإعلام الولايات المتحدة، على سبيل المثال لا الحصر، (الواشنطن بوست…..) وَالتي أشارت بالوا ضح في حملة ضخمة بمسؤولية ولي العهد السعوديّ المباشرة، بإعطائه الأمر بالقتل لمن خرج عن مبايعته”، وما قطع الشك باليقين في مقتل خاشقجي بأمر من المرشح لكرسي المملكة شخصياً، هو التقرير الذي قدمته مديرة وكالة المخابرات الأمريكية، “جينا هاسيل”، إلى “دونالد ترامب” في 26 من شهر أكتوبر الفائت والذي تجاهله رئيس الأبيض مضمونه، وذات التقرير الذي أطلعت عليه مديرة “سي، أي، إيه”، فريقاً مصغراً من مشرعي الكونغرس الأمريكي يوم الثلاثاء 4 ديسمبر، بعد احتدام الخلاف بين إدارة ترامب والمخابرات الأمريكية من جهة وما بينه وبين أعضاء الكونغرس من جهة أخرى حول المسؤولية المباشرة لابن سلمان في مقتل الصحافي.
ما فاجأ المراقبين يوم الثلاثاء 13 ديسمبر 2018 هو تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية 41 صوتاً من مجموع 56 صوتاً على مشروعين مترابطين، اﻷول إنهاء الدعم العسكريّ الأمريكي للسعوديّة في حربها على اليمن، -كذا قرار يؤكد تورط الولايات المتحدة في العدوان على اليمن-، والثاني تحميلُ ولي العهد السعوديّ المسؤوليةَ في قتل جمال خاشقجي وفي انتظار مصادقة البرلمان وتوقيع الرئيس من عدمه على قرار الإدانة، تبقى إدارة ترامب مرتبكةً فلا هي قادرة أن تضحّي بابن سلمان من أجل مصالحها المالية ورهانها السياسيّ على تمرير خطة” السلام أَوْ “صفقة القرن” لمؤسسيها، مستشار الرئاسة الأمريكية، جريد كوشنر وَنتانياهو، ولا دونالد ترامب قادر على التغريد خارج سرب الكونغريس برفض قرار الجهاز التشريعي الأمريكي بالمجاهرة العلنية بالآمر الفعلي، بالقتل ومعاقبته على المنسوب إليه في قتل الصحافي، استمرار الرئيس الأمريكي في التجاهل وَالتستر عن ابن سلمان، هو أمر سيكلفه غالياً في الانتخابات القادمة.
في المقابل، صورة المملكة السعوديّة لدى الرأي العام الأمريكي مشوهةٌ وبداية نهاية لتطلعات ولي عهدها، لكرسي العرش وفي انتظار أن تبحث الإدارة الأمريكية على مرشح جديد لولايات العهد، يخدم مصالحها، ولا يتجاوز المسموح به والممنوع، ما علينا إلا أن نردد مع القائلين أن المال لوحده ليس كافياً للتغطية على السياسات الرعناء التي ينهجها كُـلّ مستبد وخاصة إذَا كانت تتعارض مع المصالح الاستراتيجية للشعوب أَوْ للدول المهيمنة على ثروات وَسيادة الدول الخليجية كما هو الحال للولايات المتحدة الأمريكية.