خيبة أمل القوى الجنوبية من “التحالف”
عمران نت/ 10 / ديسمبر 2018م
الاخبار اللبنانية
يكرس استبعاد القوى الجنوبية الموالية لـ«التحالف» من مشاورات السويد، سياسة الرياض مع حلفائها في اليمن، القائمة على التبعية والارتهان لا على المصالح المشتركة
تستمر المفاوضات اليمنية في العاصمة السويدية، برعاية أممية، وحضور خليجي وعربي ودولي لافت، وعلى وقع متغيرات ميدانية وإقليمية دولية مختلفة عن المفاوضات السابقة. من المبكر استخلاص نتائج نهائية، إلا أن الأكيد أن المفاوضات، لم تنته على الأقل، هذه المرة، خالية الوفاض. أطراف عدة استبعدت، أبرزها القوى الجنوبية التابعة لـ«التحالف»، تشعر بخيبة الأمل والتحسر على تخلي الحلفاء والأصدقاء عنها. يوم أمس، أعلن «المجلس الانتقالي الجنوبي» رفضه نتائج مشاورات السويد، وعبّر عن أسفه من استجابة المجتمَعَين الإقليمي والدولي لـ«ابتزاز الشرعية والحوثيين». وفي بيان، أعلن أن «مشاورات السويد أو أي مشاورات أخرى لا تكون القضية الجنوبية حاضرة فيها، بممثلها الشرعي، المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن نتائجها غير ملزمة لشعب الجنوب ولا لقضيته».
يمر الفريق الجنوبي المنضوي في فلك «التحالف» بشقيه (حراك ما يسمى «الشرعية»، المدعوم من السعودية، و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، المدعوم من الإمارات) في وضع حرج للغاية، جراء تهميشه واستبعاده من المفاوضات. بل لم يصدر عن كل من الرياض وأبو ظبي، أي موقف أو إشارة إيجابية تجاه الفريق الجنوبي، الذي قدم لهما التضحيات، واعتبرت مشاركته العسكرية في خدمة الجبهات والمعارك التي خاضها، ولا يزال يخوضها «التحالف»، من أبرز الإسهامات، ولولاها لتوجب على «التحالف» البحث عن بدائل بشرية في أنحاء العالم.
لم يشفع للقوى الجنوبية المنخرطة في «التحالف» دفعها الثمن الأغلى في الحرب، وهي النسبة الأعلى في الدول المشاركة في «التحالف»، سواء منها الخسائر البشرية، التي تقدر بآلاف القتلى والجرحى، أو من حيث التكلفة المادية، جراء التدمير الممنهج للبنى التحتية، والتعطيل المتعمد للمرافق، وشل القطاعات الاقتصادية والزراعية والتجارية في المحافظات الجنوبية، فضلاً عن الدفع بالفاسدين إلى المراكز العليا في الدولة، وإشغال الجنوبيين في لقمة عيشهم، خشية من انتقالهم إلى المطالبة بحقوقهم السياسية والسيادية والوطنية. إلى ذلك، لم تستجب كل من الرياض وأبو ظبي، ولو شكلاً، لكل الاستغاثات والنداءات التي وجهتها قيادات الصف الثاني من المجلس «الانتقالي»، (غابت عن المشهد قيادات الصف الأول، التي يسكن معظمهم في أبو ظبي) بضرورة حضورهم مفاوضات السويد، وأن تجاهلهم يعني بالضرورة، أن القوى التي تسير في الفلك الخليجي، إنما تستخدم فقط بندقية إيجار في الميدان، من دون أن يكون لها أي هدف سياسي قريب أو بعيد في خدمة القضية الجنوبية، وسيكون لتلك المشاركة في المستقبل، تداعيات سلبية مع الشطر الشمالي على المستويات القبلية والمناطقية والسياسية، إضافة إلى ما سيخلفه العدد الهائل للضحايا من ندوب اجتماعية في الجنوب.
جاءت مفاوضات السويد لتؤكد إشكالية الانتماء الجنوبي لـ«التحالف»، ولتؤكد العلاقة بين الطرفين بأنها التحاق وتبعية وارتهان، وليس من موقع المشاركة والندية والمصالح المشتركة، وهي إشكالية طالما رفعت النخب الحرة والقوى الوطنية صوتها، مطالبة بضرورة معالجتها، ووضع حد فاصل بين مصالح الأطراف والوقوف في وجه التفرد والاستئثار والتطلع إلى المصلحة من جانب واحد.
فجأة، وجدت هذه القوى نفسها وحيدة ومن دون غطاء سياسي، فلم يكن أمامها سوى توزيع الاتهامات في كافة الاتجاهات. المحسوبون على الرياض يحملون المسؤولية لأبو ظبي، وكذلك يفعل المحسوبون على أبو ظبي، فيما يحمّل آخرون المبعوث الدولي، مارتن غريفيث، مسؤولية استبعاد الجنوبيين لمصلحة أجندة دولية. واتهامه كذلك، الكيل بمكيالين، من خلال وضع شروط تعجيزية من قبيل: عدم وجود اتفاق جامع للأطراف الجنوبية، أو عدم القدرة على تشكيل وفد موحد من تلك الأطراف، إضافة إلى اختلاف الأجندات في ما بينها.
العديد من النشطاء اعتبروا أن العيْب في القيادات الجنوبية نفسها، التي اكتنزت الثروات، وفتحت المشاريع الاستثمارية، وحوّلت القضية الجنوبية إلى مشروع استثماري، متهمين تلك القيادات بأنه تم إسكاتها بحقائب الأموال وأرصدة في البنوك، والسكن في الفلل الفارهة في أبو ظبي ودبي، رافضين في الوقت ذاته، توجيه اللوم إلى «الشرعية» لأنها كانت واضحة منذ البداية، بأن لديها مشروعاً سياسياً واضحاً، أساسه الوحدة اليمنية.
على رغم ذلك، لا تزال بعض النخب الجنوبية تراهن على فشل المفاوضات، وفي حال نجحت جزئياً، فإنها في المحصلة النهائية، لن يكون هذا النجاح أكثر من تأجيل لصراع قادم، وآنية لجزء من الأزمة، وهروباً من التعرض لجذر الأزمة اليمنية الحقيقية، طالما وقد عمَـدتْ هذه الأطراف على تجاوز القضية الجنوبية التي تمثل جذر الأزمة اليمنية، لكون هذه القضية قد ولدت من صلب حقيقة أسمها فشل وحدة بين دولتين.