لا مرحبا يا أبو المنشار؛ الجولة الدعاية ل”بن سلمان” التي كان لها تأثير عكسي
استعراض الجولة غير المرحب بها لولي العهد السعودي لبعض دول المنطقة
عمران نت/ 1 / ديسمبر 2018م
لقد عاشت الأسرة الحاكمة في السعودية خلال فترة حكمها في ظروف كان يملؤها الكثير من الخلافات والمؤامرات، لكن ربما لم يكن هنالك شخصا مثل ولي العهد الحالي، قام بخلق الكثير من المشاكل لهذه الاسرة الحاكمة وحتى الطريقة التي وصل بها “بن سلمان” إلى منصب ولاية العهد قبل عامين كانت مصحوبة بالكثير من الجدل داخل السعودية وخارجها أيضا، ففي الأسبوع الماضي شهدت العديد من عواصم الدول العربية احتجاجات واسعة ضد الجولة التي قام بها ولي العهد السعودي لبعض تلك الدول قبل أن يتوجه للمشاركة في قمة العشرين التي ستجري في الارجنتين. حيث أعربت العديد من وسائل الاعلام العربية والغربية بأن الاحتجاجات ضد ولي العهد بدأت من البحرين وانتشرت لتصل إلى الدول العربية الاخرى.
جولة ولي العهد السعودي في المنطقة
بدأ ولي العهد السعودي جولته الاولى في المنطقة عقب مقتل الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية في اسطنبول، حيث قام في البداية بزيارة دولة الإمارات وخلال تلك الزيارة أعرب عدد من المسؤولين السعوديين بأن “بن سلمان” ينوي أيضا زيارة عدد من الدول العربية الأخرى من بينها البحرين ومصر وتونس وقال المتحدث باسم ولي العهد بأن الغرض من جميع هذه الزيارات التي يقوم بها ولي العهد لن يتم الإعلان عنه، ولفت إلى أن ولي عهد سوف يقوم بالمشاركة في قمة العشرين المزمع عقدها في الارجنتين عقب إنتهاءه من جولته هذه وأثناء هذه الزيارات نشرت العديد من وسائل الاعلام العربية والغربية بأن الكثير من الناس خرجوا في مظاهرات ضد هذه الزيارات في العديد من البلدان العربية.
فعندما قام ولي العهد السعودي بزيارة البحرين، قامت الحكومة البحرينية بمراقبة جميع وسائل الإعلام وجميع التواصل الاجتماعية والجماعات السياسية واخضعتها إلى رقابة شديدة، للحيلولة من إقامة احتجاجات في الشوارع البحرينية ضد “بن سلمان”، لكن كان هناك حزبان سياسيان في البحرين هما “الوفا الإسلامي” وحركة “الحريات والديمقراطية”، استطاعا أن يصدرا بيانا نددا فيه بزيارة “بن سلمان” للبحرين وفي سياق متصل أعربت بعضا من وسائل الاعلام بأن الوضع في الإمارات لم يكن مختلفا عما كان عليه في البحرين، حيث قامت السلطات الإماراتية بفرض قيود على جميع وسائل الاعلام وعلى جميع التيارات السياسية في البلاد لمنع الناس من الخروج والمشاركة في مظاهرات ضد زيارة “بن سلمان” لابو ظبي وأما في مصر فلقد أعربت ما يقرب من 100 صحفية إخبارية رفضها القاطع لزيارة “بن سلمان” للقاهرة واصدروا بيانا أعربوا فيها بأنهم يرفضون زيارة شخص يقوم بالعبث بحياة مواطنيه، مشيرين إلى قضية مقتل الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” ولكن الاحتجاجات بلغت ذروتها في تونس، حيث نظم مئات التونسيين، مسيرة احتجاجية وسط العاصمة تونس، رفضا لزيارة ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، على خلفية اتهامات له بالوقوف وراء مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” ورفع المحتجون شعارات من قبيل “شعب مواطنين.. تونس ليست للبيع”، و”الشعب يريد طرد ابن سلمان”، و”الشعب يريد تجريم التطبيع”، كما رفعوا أعلام تونس والجزائر وموريتانيا ومصر وفلسطين ونظرا لكل هذه الاحتجاجات، قامت الحكومة المغربية والجزائرية بالتواصل مع “بن سلمان” وإبلاغه بأنهم يعتذرون عن استقباله.
الجولة الدعاية لبن سلمان كان لها تأثير عكسي
إن جولة “بن سلمان”، التي قام بها عقب قتله للصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي”، لعدد من الدول العربية، جاءت كمحاولة لإظهار أن قضية القتل تلك لم تؤدي إلى فرض عزلة على السعودية، وأن الرياض لا تزال تلعب دورا اساسيا في المنطقة ولكن نظرا لخروج المئات من الناس في مظاهرات احتجاجية على زيارة “بن سلمان” لعدد من الدول العربية وإلغاء بعض الزيارات التي كان يسعى “بن سلمان” للقيام بها إلى بعض الدول العربية كالجزائر والمغرب، قد أكدت بما لا يدع مجالا للشك بأن هذه الجولة كانت مخيبة للأمل وأن التوقعات لم تكن كما كان يظنها القادة في الرياض، وأن السياسة الخارجية الحالية للسعودية، وخاصة في المنطقة، تواجه تحدياً كبيراً.
الرجوع بأيدي فارغة تتعلق بـ”صفقة القرن”
لقد جاءت جولة “بن سلمان” الإقليمية متزامنة مع بعض الحركات الصهيونية في المنطقة، ولهذا فلقد رأى العديد من الخبراء السياسيين بأن هذه الزيارات كانت محاولة من ولي العهد السعودي لتنفيذ اقتراحات “تل أبيب” و”واشنطن” و”صفقة القرن” المشؤومة المتعلقة بالقضية الفلسطينية ودعوة الشعوب العربية إلى تطبيع علاقاتهم مع إسرائيل وهذا الامر كان أحد أهم الاسباب لخروج المئات من الناس في مظاهرات احتجاجية لزيارات “بن سلمان” لبلدانهم والتي أدت إلى عودة “بن سلمان” بأيدي فارغة من هذه الجولة الإقليمية
وبهذا كله يمكن القول هنا، بأن جولة “بن سلمان” في المنطقة وفي شمال أفريقيا لن يغير من معارضة الشعوب لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وبالتالي فإن ولي العهد السعودي سيعود إلى الرياض بعد سفره إلى الأرجنتين بخفي حنين وبأيدي فارغة ومن المحتمل أن تتزامن عودته هذه مع موجة متزايدة من المعارضة الداخلية له وهنا تشير بعض الأخبار غير الرسمية حول إمكانية عزل “بن سلمان” من منصبه كولياً للعهد من قبل مجلس البيعة السعودي، وهذا يعني نهاية نهج “بن سلمان” ونهاية مسيرته السياسية.
الوقت