ترامب يبيع القيم بثمن بخس ليربط مصيره بمصير بن سلمان
عمران نت/ 21 / نوفمبر 2018م
عدنان علامه
حاول ترامب كسب الوقت للدفاع عن بن سلمان مع تمهيد وزير خارجيته لذلك فشكك منذ عدة أيام بتقرير ال CIA وكان حسب إدعائه غير دقيق. ورفض في وقت سابق الإستماع مجددا إلى التسجيلات مبررا ذلك بأن تفاصيل الجريمة بشعة جدا ولايريد سماعها . واستمهل حتى مساء أمس بالتوقيت المحلي ليصله تقرير الCIA النهائي . وقد فجر ترامب أمس مساءً قنبلة من العيار الثقيل جدا . فاستمر في تجاهل تقرير الCIA وأكد على تغييب بن سلمان عن منصة الإتهام في إصدار الأمر بقتل خاشقجي وقالها بالحرف العريض في موقف ضبابي مدروس جيدا حيث حول إصدار الأمر إلى معرفته بذلك . وأضاف في موقف رمادي جديد :” بن سلمان قد يكون لديه علم وقد لا يكون لديه علم ذلك” . وقد قال ترامب سابقا في موقف رمادي آخر للدفاع المستميت عن بن سلمان :” بأنه لا يعلم إذا بن سلمان قد كذب عليه أم لا عندما اخبره بأنه لا يعلم” . فضمير الغائب لدى ترامب دائما موجود عندما يتعلق الأمر بMBS . وقد تحدى ترامب عقول ومنطق العالم أجمع حين أكد على دفاعه المستميت عن بن سلمان حيث قال :” سألتقي ولي العهد السعودي إذا حضر قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين” .
وقد اشترى ترامب “رضاء ومكرمة” السعودية في تغطية عدوانها على اليمن وارتكاب الإبادة العرقية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الشعب اليمني حين أطلق كذبة العصر وزعم بأن “الإيرانيين” هم سبب الحرب في اليمن . ورأى ترامب الحل في اليمن بأن ينسحب “الإيرانيون” من اليمن لتقوم السعودية بتقديم المساعدات الغذائية فوراً إلى الشعب اليمني .
يبدو أن ترامب لا يعرف القيم ومعناها بشكل عام؛ والقيم والعادات القبلية العربية بشكل خاص . ويؤكد ذلك ما قالته الواشنطن بوست :” بيان ترامب الأخير حول مقتل خاشقجي خيانة لقيم الولايات المتحدة “. ولم يأخذ ترامب العبرة من الجماهير المحتشدة للإحتفال بذكرى مولد رسول الأمة في مختلف المحافظات اليمنية . وهو أكبر حشد مدني في الوطن العربي للإحتفال والإقتداء بالرسالة والقيم التي تحويها تلك الرسالة السماوية السامية . فالإسلام عندهم تطبيق وممارسة وليس شعارا وأقوالاً تطلق في الهواء. فاليمني يموت جوعاً ولا يأخذ أية مساعدة ممن غرقت يداه في دم اليمنيين .
وسأبدأ من اليمن لأن استمرار العدوان على اليمن يضمن تدفق الأموال إلى مصانع الأسلحة الأمريكية التي تقتل أطفال اليمن .
فمصلحة ترامب “وأمريكا أولاً” هي باستمرار العدوان وهذا التصريح يثبت كذب ودجل ومراوغة ترامب . ولا بد من تذكيره بأن دعا في مطلع الشهر الحالي “الأطراف المتحاربة” في اليمن إلى وقف إطلاق النار بعد شهر ولم يذكر الإيرانيين لا من قريب أو بعيد .
نقولها بصوت مدوٍ “مهلا مهلا سيد ترامب” ؛، فالفوبيا من إيران أصبحت كذبة سمجة جداً . فإيران تحترم القوانين الدولية باعتراف المجتمع الدولي وهيئة تفتيش الوكالة الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية . ولكن ترامب لم يحترم توقيع الولايات المتحدة على معاهدات دولية. فانسحب من معاهدة الإتفاق النووي مع إيران كما انسحب من معاهدة الحد من انتشار الصواريخ النووية مع روسيا . وعلى صعيد محاربة الإرهاب في العراق وسوريا فكان ولا زال ترامب يرعى وجود الإرهاب فيهما ويدعمه مباشرة أو يضغط على الحكومة الرسمية في سوريا بواسطة مجلس الأمن أو من خلال المندوب الأممي . وحين صرح المسؤولون الأميركيون بأن تحرير العراق من داعش وأذنابها يحتاج إلى عشرات السنين تدخلت المرجعية الدينية في العراق وبالتعاون مع مستشارين إيرانيين فقط تم تحرير العراق في عدةمن الشهور. وكذلك تم الأمر في سوريا ولكن مع تدخل ودعم عسكري مباشر من روسيا .
وللتذكير فقط حين حاولت الإدارة الأمريكية خلق الفوضى في البصرة والضغط علنا على النواب المنتخبين حديثاً ؛ فتدخلت إيران وسعت إلى تهدئة الأوضاع بالرغم من إحراق قنصليتها في المدينة .
ونستنتج من تصريح ترامب بأنه لا يأبه لمصير الشعب اليمني كلياً . ويسعى لحماية بن سلمان بكل الوسائل علما بأنه من أمر بشن العدوان على الشعب اليمني وبدعم أمريكي واضح وصل إلى أوجه مع إدارة ترامب . وقد أثبتت التقارير الدولية بأن أكثر من 22.000.000 يمني على حافة الموت جوعا.بينما يدافع بشراسة عن بن سلمان ويمنع حتى مساءلته ولا يوجد لديه أي وازع أو رادع ومانع أن يسلم على يد موغلة في دم الشعب اليمني وما خاشقجي سوى ضحية إضافية .
لقد وضع ترامب نفسه في دائرة الشك بدفاعه المستميت عن بن سلمان وأحكم الطوق على نفسه حين قال أطلق شعار “أمريكا أولا” مستبعدا الإستفادة الشخصية .
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ما هو الثمن الذي قبضه ترامب ليغامر بمستقبله في الدفاع عن بن سلمان ويربط مصيره بمصيره ؟ وهذا ما ستنكشف حقيقته في الأيام والأسابيع القادمة . والواشنطن بوست تحديدا ستكشف ذلك .
الداخل الأمريكي مستاء جدا من تصريحات ترامب التي وحدت الحزبين وحتى الصحافة الأمريكية عبرت عن سخطها لسياسات ترامب بشدة . وسنستعرض بعض المواقف من الحزبين في الداخل الأمريكي :-
– هيئة تحرير واشنطن بوست: “ترامب يبرر صلاته بقائد وحشي متهور عن طريق تجاهل نتائج الاستخبارات الأمريكية”.
– السناتور الجمهوري ليندسي غراهام: “سيكون هناك دعم قوي من الحزبين لفرض عقوبات أمريكية جدية على السعودية. وسلوك ولي العهد السعودي لم يحترم العلاقات بين واشنطن والرياض” .
– السناتور الجمهوري جيف فليك: “الحلفاء الوثيقون لا يخططون لقتل صحفي ولا يوقعون بأحد مواطنيهم في فخ لقتله” .
– هيئة تحرير واشنطن بوست تقول : “إن ترامب يفتري على خاشقجي ويخون القيم الأميركية وتصف بيانه بالفظ” .
– هيئة تحرير واشنطن بوست: “ترامب بتغاضيه عن تقييم وكالة الاستخبارات يخدم رهانا سيئا على ولي العهد السعودي “.
– السناتور الجمهوري راند بول: بيان ترمب يضع “السعودية أولا” وليس “أميركا أولا” .
– بوب كوركر وبوب مينينديز: “طلبنا من ترمب تحقيقا حقوقيا ثانيا بشأن قتل خاشقجي “.
– واشنطن بوست: “بيان ترمب تضمن أكاذيب كبرى ومبالغات عن الفوائد التي تجنيها واشنطن من علاقاتها مع السعودية “.
هذا غيض من فيض التصريحات المعارضة لسياسة ترامب ومن المؤكد بأنها بداية تكوين كرة الثلج التي ستطيح بترامب وببن سلمان سوياً. ويبدو أنه بجانب صفة جنون العظمة التي يتمتع به ترامب نستطيع أن نضيف بشكل يقيني صفة صنع الأخصام بسرعة قياسية إلى مميزاته .
إن تركيا تتربص ببن سلمان وترامب لتنقض عليهما في الوقت المناسب . ويبدو أن جعبتها لا تزال مليئة بالمفاجآت التي لم تسرب . ولا تزال توزع التسريبات بالقطارة مع كل رواية للسلطات السعودية . وطبعا تركيا تزين مصالحها بالقيراط. فهل تبيع تركيا القيم كما باعها ترامب بثمن بخس ؟
فالأيام القادمة متسارعة جداً بالأحداث ؛ وهي كفيلة بكشف المستور من أوراق ترامب وأردوغان .
وإن غدا لناظره قريب