نحن و مولد الرّحمة
عمران نت/ 17 / نوفمبر 2018م
بقلم / أشواق مهدي دومان
نعم : سنحتفل بمولد خير البشريّة في عمق وجعنا لنحيي رسول اللّه فينا قدوة و أسوة نتأسّى به ، و هو من حاصره و حاربه تحالف أعرابيهودي كما يحاصرنا و يعتدي علينا تحالف يشبه ذلك بمسميات أخرى فرضها تغيّر الزّمان ، و بطقوس مختلفة يفرضها تطوّر آلة العدوان ؛ فكما أرادوا تفريق دمّ سيّد البشريّة (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على قبائلهم أرادوا قتلنا بل أرادوا قتل محمّد بن عبدالله فينا فهو من واجه تحالفهم قبل أربعة عشر قرنا ، و جاهد و رابط و صبر و قاتل ؛ لإعلاء كلمة اللّه و قد أعلاها .
و هم يدركون أنّهم سينحطّون للأسفل حين تعلى كلمة اللّه ؛ فإعلاؤها يعني التّحرّر من كلّ أنواع العبودية ، و كما حرّر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) البشريّة من عبوديّة الأصنام و البشر حين انتهج القرآن و استضاء به ، فها نحن -اليمانيين – نقتدي و نتأسى به كأعظم قائد بشريّ مطلقا ، قائد ما عبد سوى ربّه ، و قد حاولوا طمسه روحا و فكرا و تاريخا و نهجا حين عجزوا عن تحريف قرآنا أُوحِيَ إليه من لدن شديد القوى ، عجزوا عن تحريف القرآن حرفا و لغة و نصّا فحاولوا أن يوجدوا ندّا لكلام اللّه فلازالت نفسيّاتهم عالقة بغير اللّه فحين يحاولون إيجاد بديلا عن كتاب اللّه يعودون إليه قبل كلام اللّه باسم السّنة فهم يرتدّون عن تعاليم القرآن ، و قد عرفوا أنّهم تاهوا عنها حين جفّفوا منابعها الحقيقيّة ، و اتخذوا منابع مشوّهة لفهم عقيدة وحياة محمّد رسول اللّه بعيدا عن أعرف و أفهم و أحفظ الناس لسنّته ، و هم عترته ( آل بيته)،
نعم : يحاولون إبعاده عن المشهد العقلي و الفكري و الأيدلوجي و السّلوكي و العملي لأمته ؛ فلديهم عقيدة تقول : محمّد بن عبداللّه بن عبدالمطّلب قد مات و عندنا خلاف لهم؛ فعقيدتنا تقول : إنّ محمّدا لم يمت و لن يموت ، و ها هو حيّ يوصينا بالتّكافل و الرّحمة و التّراحم و الإيثار في حصار عدوان ظالم علينا كاد أن يكمل الأربعة أعوام ، حصار خانق ، و رسول اللّه أدرى الناس به فقد حوصر مدّة الأربعة أعوام في شعب بني هاشم قبلنا ، و هو يدرك فاقتنا ؛ و لهذا نراه يقول :
– ” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا ” ،
-” من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم جاره ” ،
” لا تحاسدوا ،لا تباغضوا ،لا تظالموا “،
و كثيرا مما قال وفعل ، و قد رأيناه كذلك ؛ و لهذا فرسول اللّه لم يمت ؛ فقضيته قضيتنا و قضيتنا قضيته .
لم يمت و هو يرابط في جبهات الشّرف مع رجال اللّه خطوة بخطوة يحرّضهم على القتال فيقولها آيات اللّه :
– “قاتلوهم يعذبهم اللّه ” ، و يقول :
-” انفروا خفافا و ثقالا”، ويقول:
-“كتب عليكم القتال “، ويقول :
– اصبروا وصابروا و رابطوا “، و يقول :
” فاضربوا فوق الأعناق ، و اضربوا منهم كلّ بنان ” ،
و يقول :” واعدوا لهم ما استطعتم من قوّة و من رباط الخيل ” ،
أفبعد حركته هذه كلّها هو ميّت ؟ !
لا و الذي رفع السّماء إنّ رسول اللّه معنا ، يتحرّك بروحه و قيمه و جهاده مع رجال اللّه في كلّ الجبهات ، يحرّضهم على القتال في سبيل الله ، و يدعو لهم بأن يعزّزهم الله بحنود من السماء ، و يعدهم بالنّصر و يؤمّنهم ، و يخطو معهم حتّى في كيفيّة صلاتهم و هم في مواجهة العدو ، و يشرح لهم كيف لا يتغافلون عن أسلحتهم ، و يدعو اللّه بأن يربط على قلوبهم بالنّصر و التّمكين ، و كثيرا مما يفعله رسول اللّه في صحبة رجال اللّه أحبابه الذين يأتمرون بأمره و ينتهون بنهيه !!
و لهذا فنحن – الشّعب اليمني – مؤمنون بأنّ هذه الحرب الظالمة علينا ليست إلّا اختيارا لنا (كأحفاد أنصار حبيبه ) بالانتصار لقضية الحقّ ، و ليست إلّا انتقاء ، و نحن نؤمن بحياة رسول اللّه بيننا عقيدة و تعاليما و حركيّة ، و لهذا ماكان عدوان العالم الأرعن علينا عذابا ؛ فما كان اللّه ليعذّبنا و حبيبه فينا ،،
و هو محمّد (رسول اللّه) نفسه الذي كان في أرواح أجدادنا الذين نصروه في ساعة العسرة ، و رأوه بدرا يطلع عليهم ، فجعلوا ينشدونه أغاني عشق ، و يعزفونه نبيا رسولا مكينا مطاعا، لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ و لأنّه رمز الكمال البشري الذي نفتقده فهو فينا وبيننا ، و من نسله حفيده الذي رفع وحمل رايته القرآنيّة ، من نسله السّيّد القائد / عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي لولا انتصاره لهذا الشّعب المستضعف ما احتفلنا بقدوم مولد جدّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حين غشت الوهابيّة وغطّت جوانح هذه الأمّة بزيفها و تضليلها على مدى المائة عام الماضية ،
نعم : كانت الوهّابية تخبرنا بأنّ عشق محمّد بدعة ، و إن لم يصرّحوا بها فقد بدّعوا الحفاوة بمولده الشّريف !!
فلكلّ ظالم وهابيّ تكفيريّ يؤمن ببدعة الاحتفال بمولد خير الأنام أقول :
سنحتفل بمحمّد بن عبداللّه ، و على مائدة حبّه سنتلو آيات عشقنا له .
فمن نحن حتى نتجاهل من احتفت به السّماوات و الأراضون ؟!
ومن نحن لنتجاهل خير ميلاد أشرق الكون به ؟!
وهو النّور في الظّلمات ،
من نحن حتّى نجرؤ و نشارك في طمس هويّته و قرآنه باسم البدعة في الحفاوة به ؟!
و يا ذوي فتاوى البدع : دعونا نضلّ و نبتدع في حبّ محمّد الذي أسماه اللّه حبيبه ، و كتب اسمه على عرشه قبل خلق السّماوات و الأرض،
و سنحتفل به لا بنتنياهو و لا بترامب ،
سنحتفي بمحمّد بن عبداللّه لا بوزراء كيان غاصب ، و لا بعيد ميلاد إيفانكا .
سنحتفل بمولد خير الأنام في حفلة غير تنكريّة كما فعلتم حين تنكّرتم للإسلام و العقيدة المحمديّة الصّحيحة السّمحاء، و التي غرّبتموها و نفيتموها في صحراء بداوة أرواحكم، و أقمتم الحفلات التنكّريّة تشربون فيها دماءنا ، و تأكلون لحومنا ، و أنتم أولياء أحفاد القردة و الخنازير ،،
سنحتفل بمحمّد (رسول اللّه) فاحتفلوا بأعياد ميلاداتكم ، و أعياد زواجاتكم ، و أعياد كرسمساتكم ، و أعياد ملوككم .
أمّا نحن فسنحتفل برسول اللّه ليس كقصائد تعلّق على أستار الكعبة التي دنّستموها حين ألبسها ثوبها ترامب و خاط نسيجها نتنياهو .
سنحتفل بمحمّد( رسول اللّه) و نحن لم ندنّس مسجده المكّي و لا المدنيّ بزيارات من نهانا اللّه عن توليهم و هم المغضوب عليهم ، و هم من لُعِنوا على لسان الأنبياء و المرسلين حين كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه و ما أبشع من منكر قتل شعب الإيمان و الحكمة الذين تقتلونه كأنّكم تفاخرون بقتل روح محمّد الذي قال لكم : ” استوصوا بالأنصار خيرا ” ، فخنتم رسول اللّه و رسل اللّه جميعا حين بعتم فلسطين أرض الأنبياء، و سلّمتموها لترامب و منه لنتنياهو ليهدم مسرى رسول اللّه كما هدمتم بيوته و بيوت أزواجه و أصحابه من قبل ..
سنحتفل برسول اللّه رغما عن أنوفكم لأنّه رمزنا و عنواننا و هويتنا التي نموت لو انسلخنا عنها ،
سنحتفل برسول اللّه لأنّه رمز لحياة العالمين ، و أيقونة الرحمة الخالدة ،
سنحتفل به احتفالا و لكن بطريقتنا ، و كما قال له ربّ العرش العظيم : ”
” يا أيّها النّبي جاهد الكفار والمنافقين و اغلظ عليهم ” .
سنحتفل بك – يارسول اللّه – احتفالا فيه تنتشي أرواحنا فرحا ، و تهزج قلوبنا و من في الكون بأكمله سعادة ،
سنحتفل و بالمثل ستحتفل بنادق رجالنا تنكيلا بالعدوّ الأجرب ،
سنحتفل انتصارات تلو انتصارات للمستضعفين ، و كما انتصرت – يا رسول اللّه – سننتصر .