حاول الجبير والنيابة العامة السعودية تخليص بن سلمان فورطوه
عمران نت/ 16 / نوفمبر 2018م
عدنان علامه
أتحفنا أمس وزير الخارجية السعودية السيد الجبير بحديثه عن جريمة قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في تركيا ..والجدير ذكره بأنه ظل غائباً أو مغيباً قسرا عن التصريحات حتى بعد مرور أكثر من شهر حيث نفى علمه بمصير الخاشقجي او مصير جثتة . والمضحك في الأمر بأن الجبير أتهم تركيا بعد التعاون في تقديم الأدلة وكأن تركيا هي التي قتلت خاشقجي . مهلا أيها الجبير لا أدافع عن تركيا فتركيا تعرف كيف تدافع عن نفسها بكفاءة عالية . ولكن يبدو أنكم لا زلتم مغيبين قسرا حتى عن الحقائق الدامغة . فمملكتكم قد أنكرت وجود المغدور خاشقجي في قنصليها لتعود بعد 18 يوما لتعترف بمقتله بعد شجار ومن ثم تغيرت الرواية إلى أنه توفي بعد كتم نفسه واليوم الرواية الجديدة بأنه بأنه توفي لأنه حُقِن بجرعة مخدرة كبيرة .
فمن ناحية مهنية بحتة . ومن بديهيات التحقيق في أي جريمة قتل لا بد من التذكير بأن تعدد الروايات دليل على الكذب . فيجب أن تكون هناك واقعة واحدة سببت تلك الجريمة . وسأعمد إلى تحليل التصريحات التي تثبت وجود ثغرات كبيرة جدا في تصريحات الجبير والناطق بإسم النيابة العامة السعودية . وسأبدأ بالتراتبية التنازلية وآمل من الأخوة التأكد من تصريحات الجبير السابقة والحالية لنتابع سويا تحليل التصريحات .
قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: “المملكة هي المعنية بقضية التحقيقات لأن الجريمة حصلت بحق مواطن سعودي وفي داخل القنصلية السعودية .”
هذا التصريح يدين الجبير شخصيا كون القنصلية تتبع مباشرة لوزارة الخارجية أي له شخصيا . فأي مواطن يدخل سفارة او قنصلية بلاده لا يتعدى وجوده مكنب الإستقبال . وببدو ان السيد الجبير قد تناسى أن القنصلية تحولت إلى مسلخ .وفريق القتل كان له مطلق الصلاحية في التصرف بالقنصلية وهذا يعني أمرين لا ثالث لهما :-
1- الجبير أعطى الأوامر شخصيا للقنصل ليكون هو والقنصلية بتصرف فريق القتل .
2- لدى الفريق مرسوم ملكي يضع القنصل والقنصلية بتصرفهم .
يعتبر الجبير إرتكاب الجريمة في القنصلية شيئا عاديأ متناسياً أن هناك أوامر أعطيت لتصفية مواطن سعودي داخل القنصلية السعودية وفي ذلك خرق لمعاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية وقد اخترت مقدمتها وبند متعلق بالوظائف القنصلية .
إن الدول الأطراف فى هذه الاتفاقية إذ تذكر بأن العلاقات القنصلية قد أنشئت بين الشعوب منذ القدم . وإذ تدرك مقاصد ومبادئ شرعة الأمم المتحدة المتعلقة بالسيادة والمساواة بين الدول، والمحافظة على السلام والأمن الدوليين، وإنماء العلاقات الودية بين الأمم. وإذ تأخذ بعين الاعتبار مؤتمر الأمم المتحدة للعلاقات والحصانات الدبلوماسية الذى تبنى اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية المعقودة بتاريخ 18 نيسان (أبريل) 1961.
المادة/5/: الوظائف القنصلية Consular Functions تشمل الوظائف القنصلية ما يلي:
(أ) حماية مصالح الدولة الموفدة ومصالح رعاياها (الأشخاص الطبيعيين والمعنويين) فى الدولة المضيفة وذلك فى الحدود التى يسمح بها القانون الدولي.
فحماية مصالح أحد الرعايا بموجب الإتفاقية تقضي بقتله وتقطيعه وتذويبه !!!!!!!!!!
ومن جهة أخرى كان بحوزة فريق القتل جوازات سفر ديبلوماسية ولم يفسر لنا السيد الجبير من هي السلطة التي أعطت فريق القتل جوازت سفر ديبلوماسية ؟ هل هي بأمر منه أو بأمر يفوق سلطاته ودون علم منه ؟
وستكشف الإيام كيفية استغلال فريق القتل للحصانة الديبلوماسية لتهريب أدوات القتل وتقطيع الجثة ومحو الأدلة وتذويب الأشلاء .
وأما بالنسبة لتصريحات النيابة العامة فسأشرح الثغرات في النص والتي لا يمكن لأي عقل تقبلها .
1- النيابة العامة السعودية: قائد مهمة استعادة خاشقجي قرر قتله في حال فشل في إقناعه .
الشخص الذي أمر بقتل خاشقجي هو قائد الفريق الذي أرسل لإعادته .
قائد الفريق هو مجرد موظف وبحسب النص فإنه مأمور وقد أرسل لإعادته . وبالتالي فأي تعديل في عدم تعاون الضحية رهن بتعليمات الجهة التي أرسلته إلا إذا كانت التعليمات مسبقة بإحضاره حياً او ميتاً قطعة واحدة أو عدة قطع .
DEAD OR ALIVE
ONE PIECE OR MANY PIECES.
2- النيابة العامة: خاشقجي حقن بجرعة مخدرة بكمية كبيرة أدت إلى وفاته.
هذه الرواية الرسمية الثالثة للسلطات السعودية لقتل خاشقجي فالأولى كانت مقتله خلال شجار والثانيةقتل أثناء كتم نفسه خلال شجار واليوم قتل نتيجة حقنه حقنة مخدر كبيرة لم يتحملها !!!!!!!!!
إن تعدد الروايات يفقدها المصداقية كليا خاصة بان هناك تسريبات صوتية بأن خاشقجي قضى خنقا بوضع كيس على رأسه وآخر جملة قالها :”إني أختنق” . فأختاروا الرواية التي يصدقها عقلكم .
3- النيابة العامة: شخص واحد قام بتسليم جثة خاشقجي بعد تجزئتها إلى متعاون محلي في تركيا .
هذا التصريح ینفي رواية الشجار والقتل بحقنة مخدر كبيرة . ونية إعادته حياً لم تكن ضمن الأوامر . ولذا كان مسؤول الأدلة الجنائية ومدير الطب الشرعي صلاح الطبيقي ضمن فريق القتل . وهناك خلل في حصر تسليم الجثة بشخص واحد عمل عدة أشخاص على نقلها علما بأن خمسة أشخاص عملوا على نقلها حسب ما ورد في فقرة سابقة . فقد ورطت السلطات السعودية نفسها بذكرها تسليم الجثة إلى متعاون محلي . لأنها لم تفصح حتى الآن عن شخصية ذلك المتعاون لمساعدة التحقيق لأنه شريك أساسي في الجريمة . وما يحيرني هو ماهية الدين الذي يعتقد به ذلك السعودي الذي أمر بقتل خاشقجي وتقطيعه؟؟؟!!!!!!!!
4- النيابة العامة السعودية: الكاميرات الأمنية تم تعطيلها من قبل شخص واحد .
تحاول السلطات السعودية أن تخفف المشاركة في فريق القتل إلى أقل عدد ممكن من القتلة ؛ فحصرت تعطيل الكاميرات بشخص واحد . فتعطيل الكاميرات كليا في داخل القنصلية وخارجها كان عملا لمنع تصوير ما يجري داخل القنصلية . وهذا دليل على عدم تعاون السلطات السعودية مع السلطات التركية نهائيا حين زعمت بأن الكاميرات لا تسجل .
5- النيابة العامة السعودية: المتهمون شكلوا فريقاً لإعادة خاشقجي بأمر من نائب رئيس الاستخبارات السابق .
آمل التدقيق جيدا في هذا البند وقراءته أكثر من مرة لتتأكدوا من الإخراج الفاشل جدا في محاولة تغطية الآمر الحقيقي لقتل خاشقجي في داخل حرم القنصلية السعودية . فقالت النيابة العامة السعودية:-
المتهمون شكلوا فريقاً لإعادة خاشقجي بأمر من نائب رئيس الاستخبارات السابق .
المتهمون شكلوا فريقا بأمر من نائب رئيس الإستخبارت السابق . وسأبدأ من كلمات الصياغة ؛ فكيف يمكن للمتهمين ان يشكلوا فريقا وكل يعمل في وحدة مستقلةولا يوجد صلة وصلةبينهما ما عدا ثلاثة يعملون في الوحدة الجوية ويبدو أن النيابة العامة السعودية قد.فاتها بأن الصحافة التركية قد نشرت صور وأسماء المتهمين وعمل معظمهم فوليد الشهري ونايف العريفي وسيف القحطاني هم ضباط في سلاح الجو . فلنفترض أن كبش الفداء اللواء أحمد عسيري هو من شكل الفريق وأمر بإحضار خاشقجي حيا او ميتا ولكن هناك تعقيدات إدارية في جمع الفريق على عجل من عدة مؤسسات مع فقدان العسيري الصلاحية التي تسمح له بجمع الفريق مع تخطي مسؤوليهم وتسمح له بإصدار جوازات سفر دبلوماسية وموازنة مفتوحة للسفر بطائرات خاصة .كما لا يتمتع العسيري بأية صلاحية لأمر القنصل السعودي بوضع نفسه والقنصلية تحت تصرف فريق القتل . وبما إن فاقد الشيء لا يعطيه ؛إذا لا بد من وجود أمر ملكي بحوزة العسيري ليتصرف بموجبه .
لم استطيع أن افهم تركيز وزير الخارجية والنيابة العامة على عدم علم بن سلمان بموضوع الخاشقجي وطلب الجبير بعدم تسييس الموضوع علما ان احد حراسه الشخصيين كان في عداد الفريق ومن المستحيل أن يعطيه إذن سفر بدون علمه . وكلنا يعلم مقدار القيود والضوابط المتعلقة بتحركات الحرس الخاص للأمراء . ويبدو أن النيابة العامة قد فاتها بأن أحكام الإعدام تصدر بالأسماء مع التهمة الموجهة لكل شخص . وللمرة الأولى تصدر يالأرقام ويبدو أن المملكة تريد إجراء قرعة على ستة أشخاص من بين المتهمين أو تركت انتقاء الأسماء بناء للإرادة الملكية.
ويبدو ان النيابة العامة قد تناست ما قاله الإدعاء العام السعودي بأن قضية قتل خاشقجي مدبرة . وهذا ما أكده وزير الخارجية التركية أمس في أول رد رسمي على تقرير النيابة العامة السعودية:- “نعتقد أن جريمة قتل خاشقجي كانت مدبرة وقتل خاشقجي كان مخططاً سلفا” .
وقد رفضت صحيفة “الواشنطن بوست” رواية النيابة العامة واتهمت بصراحة بن سلمان فقالت :- “الرواية السعودية حول قتل خاشقجي هي مثال آخر على سلوك محمد بن سلمان المتغطرس والمتهور “.
فهل نوافق على استنتاج “الواشنطن بوست ” أو نعارضه . فعلينا دراسة تاريخ شخصية بن سلمان وهل له سوابق في أتخاذ قرارات متغطرسة أو متهورة . قبل عرض القرارات التي اتخذها بن سلمان.لا بد من الإشارة إلى الإرادة الملكية يكفي أن يقول الأمير : ابأي هذا (ابغي أو أريد هذا الشيء) ليصبح الشيء أمرا مفعولا . وسأذكر شراء بعض الأشياء الخاصة والقرارات التي لم يهتم لعواقبها لأنه يعتبرها إرادة ملكية :-
1-دفع 200 الف دولار إضافة على سعر شراء اليخت مقابل إستلامه الفوري .
2- شراء قصر تاريخي في فرنسا.
3- قرار العدوان على اليمن.
4- قرار سجن الأمراء وحتى أقرب اقاربه في الريتز وشراء حريتهم مقابل دفع إتاوات بعنوان محاربة الفساد .
5- قرار إجراء صفقات شراء سلاح من أمريكا وأوروبا بمئات المليارات من الدولارات.
6- قرار قتل خاشقجي وتقطيعه بأدلة وجود المقرب من ولي العهد العقيد ماهر المطرب (المترب) في فريق القتل وحصول الفريق على جوازات سفر دبلوماسية ووجود طبيب تشريح بين الفريق وحرية التصرف في القنصلية ووضع القنصل تحت تصرف فريق القتل وجمع الفريق وتخطي كافة التعقيدات الإدارية . فمن المستحيل أن يحدث كل ذلك بدون قرار ملكي .
وردا على تصريح السيد عادل جبير لا بد من تذكيره بأن تحقيق العدالة في مرتكبي الجريمة تطال ضمن القوانين الوضعية المنفذ والمشارك والمحفذ والآمر والمتستر وتطال في قوانين السماء حتى الراضين بقتل خاشقجي . ولا بد من التذكير بقول الله سبحانه وتعالى :- {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} (المائدة-32). وقال الإمام علي عليه السلام :- “الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ، وَعَلَى كُلِّ دَاخِلٍ فِي بَاطِلٍ إِثْمَانِ: إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ، وَإِثْمُ الرِّضَى بِهِ “.
فالقضاء الآلهي يحكم على الإنسان على أعماله وأفعاله وحتى القانون الوضعي يطبق ذلك . فالسلطات السعودية بما تمثل من رمزية معنوية للإسلام فإنها وللأسف لم تحافظ على تعاليم وقيم الإسلام؛ الأمر الذي أعطى صورة مشوهة جدا عن الإسلام المحمدي الأصيل . فتم إنكار قتل خاشقجي في قنصلية المملكة في تركيا 18يوما بالرغم من التسريبات التي تثبت مقتله بعد دخوله بدقائق. وبالأمس يريدون تقديم العسيري ككبش فداء بالرغم من فقدانه للصلاحيات التي تعطي فريق القتل حرية التحرك في القنصلية .
وبدأت صحيفة “الواشنطن بوست” كما وعدت سابقا بالخطوة الأولى في ملاحقة بن سلمان ليقينها بأنه هو المسؤول الأول عن قتل خاشقجي بوحشية وتقطيعه وتذويب أشلائه بالاسيد .
فالأيام المقبلة ستبرز الكثير من الوقائع التي كانت بحوزة السلطات التركية منذ الدقائق الأولى للجريمة الوحشية لقتل خاشقجي والتي كانت تسربها وللأسف بالقطارة يوميا .
وإن غدا لناظره قريب