الإسْــلَامُ هو منظومة من القيم تربط بين البشرية وتحسسها بأنها أسرة واحدة
عمران نت/ 4 / نوفمبر 2018م
من هدي القرآن الكريم
الإسْــلَامُ هو دينُ القيم دين الأَخْلَاق (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، واليوم أين هو العدل وأين هو الاحسان أين هي قيم العطاء والبذل، في المقابل الذي نراه سائداً في واقع القوى المتجبرة والمتمكنة، حتى المحسوبة منها على الإسْــلَام في هذه الأنظمة التي تتظاهرُ بالتدين السائد والمنكر وهو البغيُ بأقسى وأبشع أشكاله، البغيُ في التعدي على الشعوب، في قتل الناس، في الانتهاك للحرمات، في الاستهانة بالدماء واسترخاص إزهاق أرواح الناس.
الإسْــلَامُ الذي هو منظومة من القيم التي تربط بين البشرية وتحسسها بأنها أسرة واحدة من نفس واحدة، اليوم يتَحَـرّك البعض حتى ممن هم محسوبون على هذا الإسْــلَام بعكسِ هذا تَمَــاماً، في الإسْــلَام يقول الله في قرآنه يقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)، يقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى (يا أيها الناس) خطابٌ للبشرية كلها، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، هذا هو الإسْــلَام الذي يؤسس للروابط الإنْـسَـانية بين المجتمع البشري بكله ويقدم للمجتمع البشري من المبادئ والقيم والأَخْلَاق ما يكفل له ويحقق له أن يعيشَ هذا الشعور الأخوي الأسرى، أن يعيش التضامن، أن يعيش التعاون، أن يعيش التفاهم، أن يعيش المواساة، أن يعيش التعاضد، بدلاً عن التظالم والتناحر والاستهداف، على ما هو قائم اليوم في واقع البشرية، الإسْــلَام بهديه العظيم والمبارك الذي يعطي الإنْـسَـان رؤية ونوراً وبصيرة تجاه الواقع بكله، فلا يعيش أعمى ولا يعيش قابلاً للخداع والتضليل وساذجاً في تفكيره يتمكن أي ضال أَوْ أي مضلل بالأسلوب الإعْــلَامي أَوْ بالأسلوب الثقافي أَوْ بالأسلوب الفكري من أن يجره إلَى المتاهات.. القُــرْآن الكريم يعطيه أعلى مستوى من الوعي، قال اللهُ عنه (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) إلَى النور وهكذا هو الإسْــلَام العظيم الذي يحول الأُمَّــة إلَى أمة لها رسالة تنشد الحقَّ تسعى إلَى الخير، وتحمل إرَادَة الخير وتسعى لنشر الخير في العالم أجمع وإحقاق الحق وإقامة العدل، الإسْــلَام الذي هو دينُ ألفة وَإخاء وتعامل وتفاهم، يقول الله فيه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، يقول الله فيه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) يقول الله فيه (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ)، هذا الإسْــلَام العظيم الذي أثمر في الواقع، تجربة معطاءة عظيمة مشروع واقعي كانت تجربتةً الواقعية وحضوره الفعلي في واقع الناس ولمس تغييره، لم يكن مجرد مشروع مثالي، ليبقى مجرد نظرية تقال أَوْ تدرس فقط، لا، نزل إلَى الواقع على يد الرَّسُــوْل مُحَمَّــد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ، ولمست عظمة هذا الإنْـسَـان وغيّرَ الواقعَ تَمَــاماً ومثّلَ فعلاً أرقى مرحلة في تَأريخ البشرية فيما عُرف عن تَأريخها، في كُلّ ما عُرف عن تَأريخ البشرية، وأرقى واقع هو ذلك الواقع الذي صنعه الإسْــلَام فعلاً في المنطقة العربية وامتدت آثاره إلَى كُلّ أرجاء المعمورة بفعل حركة النبي مُحَمَّــد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ بتلك القيم بتلك المبادئ بتلك الأَخْلَاق بتلك التعاليم، وهذا ما يجبُ أن نعيَه جيداً، ثم بعد الانحراف عن تلك القيم عن تلك الأَخْلَاق عن تلك التعاليم، عن ذلك الهدى، والاقتصار على شكليات وليست حتى في مستوها النقي، تطوّع لخدمة الجائرين والمستكبرين، أصبحت المساجد تُطوَّعُ لخدمتهم أصبحت الجبايات المالية تُطوَّع لمصلحتهم، وهكذا أصبحت بقية الهامشيات، باستثناء الأوساط التي تستمر في اتجاهها الصحيح كأوساط الأُمَّــة، ولكن نتائج الانحرَاف في واقع الأُمَّــة ملموس وكارثي ومأساويي جداً، فالدين الإسْــلَامي الذي جلب للأمة الحرية وأراد للبشرية كلها أن تكونَ حرة، عندما غاب عنه هذا المبدأ ما هو واقعنا اليوم نحن المسلمين، تأتي قوى العالم المتجبرَة المستكبرة، وفي طليعتها أَمريكا ومعها إسرائيل، ويأتي البعضُ من داخل المسلمين من العملاء والخونة والمجرمين المنقلبين على مبادئ الإسْــلَام العظيمة والطاعنين لأمتهم في الظهر، ياتون من جديد لاستعباد الأُمَّــة.. المشكلة التي تعاني منها اليوم أمتنا هي مشكلة الاستعباد الذي يريدُه الأَمريكي والإسرائيلي بأمتنا، هو الاستعباد لأمتنا والتحكم في كُلّ شيء في واقع أمتنا، وهذا هو الاستعباد، أن يفرضَ عليكم ثقافتَه وسياسته، أن يتحكمَ بك في كُلّ شأنك، لا تفعل إلَّا ما يريد ولا تتَحَـرّك إلَّا بما يريد، وأن يحكم حياتك، أن يحكم واقعك، أن يتحكم بكل شأنك، هذا هو الاستعباد، وديننا هو دينُ الحرية الذي تعلمنا فيه ونتعلم منه أن لا نقبل أبداً بأن نُستعبد لأحد وأن لا نكونَ عبيداً إلَّا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، ديننا هو الذي علمنا الله فيه وقال في قرآنه (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ)، الإسْــلَام يعلّمنا كمسلمين أن لا نتجه نحن لاستعباد أحد وأن لا نستعبد بعضنا البعض وأن لا نقبل من أحد من البشرية أن يستعبدنا؛ لِأَن الله لم يريد لأحد أن يتخذ العبادَ أرباباً، أن يجعل من العباد عبيداً له، وَأن يجعل من نفسه رباً لهم، حتى الملائكة ليس لها ذلك، وحتى الأنبياء ليس لهم ذلك، فما بالك بالمجرمين والمتوحشين والقوى الانتهازية والطامعة والمتجبرة.
[الله أكبر/الموت لأمريكا /الموت لإسرائيل/اللعنة على اليهود/النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من خطاب السيد القائد / عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة المولد النبوي الشريف لعام 1437 هـ.