هل يوقف الكلب المسعور مجازر وجرائم حلفائه باليمن ؟
عمران نت/ 3 / نوفمبر 2018م
بقلم / عبد الرحمن راجح
تطور سياسي جديد في الموقف الاميركي تجاه العدوان السعودي الاماراتي على اليمن حيث وجهت الولايات المتحدة الامريكية عبر وزير دفاعها جيمس ماتيس، الذي يعرف بالكلب المسعور ووزير خارجيتها مايك بومبيو دعوة لوقف الاعمال القتالية ومشاركة جميع أطراف النزاع في مفاوضات تعقد في غضون الثلاثين يوماً المقبلة كما طالب الامريكان حلفائهم الاماراتيين والسعوديين بوقف كل الغارات الجوية على المناطق المأهولة وكذلك طالبوا الجيش واللجان الشعبية اليمنية بوقف اطلاق الصواريخ والغارات التي تشنها الطائرات المسيرة اليمنية على السعودية والامارات في اعتراف غير مسبوق على وصول الطائرات المسيرة الى ابوظبي والرياض.
الدعوة الامريكية هذه سبقتها قبل ايام تصريحات لوزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس حيث كشف اثناء مشاركته في مؤتمر امني اقيم في العاصمة البحرينية المنامة عما اسماها خططا رئيسية لاحلال السلام في اليمن، وقال ان خطته ترتكز على تقسيم البلاد الى مناطق حكم ذاتي بعد عملية تدريجية لنزع السلاح وينص الجزء الاول من الخطة على تامين الحدود السعودية مع اليمن وافراغها من السلاح بالتزامن مع وقف الغارات السعودية والاماراتية.
كما انه قال ان الجيش اليمني في المستقبل لا يجب ان يكون لديه اسلحة استراتيجية مثل الصواريخ البالستية في اشارة الى تخوف الرياض من اي دولة يمنية قویة في المستقبل واصرارها ان تبقى اليمن بوابة خلفية لها. الخطة الاميركية هذه لقيت ترحيبا ودعما ايضا من قبل فرنسا وبريطانيا واعتبر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت انها فرصة لفتح ممر انساني لتفادي الوضع الرهيب في البلاد. وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي ان بلادها تمارس ضغوطا بالتعاون مع الامم المتحدة للتوصل الى حل سياسي في اليمن لعدم جدوى الحلول العسكرية وعدم قدرتها على تحريك الازمة.
الى ذلك رحب الجانب اليمني في صنعاء بايقاف العدوان مضيفا ان اي عملية سلام يجب ان تكون غير مشروطة وطالب رئيس الوفد المفاوض محمد عبدالسلام، الولايات المتحدة “إذا ما كانت جادة بالدعوات إلى وقف الحرب”، بـ”برهنة ذلك بخطوات ملموسة”. وأكد عبدالسلام، تفاعل القوى السياسية في صنعاء مع أي “جهود دولية وأممية تتسم بالجدية والمصداقية والحيادية”.
واعتبر أن أميركا حينما تدعو لوقف العدوان، فإنها تدعو نفسها، وقال إن “عليها إن كانت جادةً، أن تبرهن بخطوات ملموسة برفع الغطاء السياسي” عما وصفها بـ”الحرب العبثية”، وكذلك “الوقف الفوري لتقديم الدعم اللوجستي والمعلوماتي، والامتناع عن تزويد الطائرات بالوقود والتحليق بطائرات التجسس، وسحب ضباطها من غرف عمليات العدوان وإيقاف صفقات السلاح”.
وفي الوقت نفسه، قال عبدالسلام من أن دعوات سابقة للسلام سرعان ما أعقبها تصعيد ميداني، مؤكداً جاهزية الجيش واللجان الشعبية لمواجهة أي تصعيد؛ خاصة في الساحل الغربي الذي لازل العدوان يحشد اليه القوات والمرتزقة.
وعلى صعيد متصل يعتقد العديد من اليمنيين ان الدعوات الامريكية المفاجئة والتغير في الموقف ياتي في اطار التنصل الاميريكي من المسؤولية حيال ما ارتكبته السعودية والامارات من جرائم ومجازر بحق المدنيين خاصة بعد ان بدات وسائل الاعلام تركز على هذه الجرائم وكذلك التقارير الدولية التي تصف الوضع في اليمن بانه اسوأ ازمة انسانية صنعها الانسان خلال 100 عام تقريبا. ويعتقد العديد من المحللين السياسيين ان التحول في الموقف الامريكي تجاه الحرب اللااخلاقية للرياض وابوظبي في اليمن يشكل اعترافا واضحا بالفشل العسكري والسياسي للسعودية باليمن حيث ان هاتين الدولتين اللتين دفعتا اموالا طائلة من الرشاوي للادارة الامريكية وشركات الضغط وشركات الاسلحة من اجل مساعدتها في اليمن ومنحها الحق القانوني في تخريب اليمن وتدمير البنية التحتية للبلاد قد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق اي انجاز عسكري مهم او اعادة حكومة منصور هادي الى صنعاء وهذا ما ادى الى اطالة امد الحرب واحداث اكبر ازمة انسانية في العالم وهذا ما شكل تهديدا اخلاقيا للادارة الامريكية خاصة بعد التغطية الاعلامية غير المسبوقة لقضية الصحفي والسياسي السعودي جمال خاشقجي الذي تم قتله وتقطيعه في القنصلية السعودية باسطنبول. ويرى اخرون أن الموقف الأميركي الجديد “قد يكون مؤشرا لشعور الحكومة الأميركية بالإحباط من فلتان الوضع، أو طريقة للقول إنهم يحاولون أن يفعلوا شيئا لكنهم عاجزون، ويلومون أطراف النزاع لإخفاقهم في تسويته”.
وفي ظل الحديث عن تسوية سياسية فان الوضع العسكري لايزال قائما حيث تقول مصادر يمنية وقبلها بعض وسائل الاعلام الامريكية ان الامارات والسعودية لازالتا تدفعان خلال اليومين الماضيين بالعديد من القوات والاسلحة بينهم مرتزقة من السودان الى محيط محافظة الحديدة مما يوحي بان الحرب لازالت قائمة وان حلفاء واشنطن لازالوا مصرين على استمرار الحرب وتدمير ماتبقى من حياة في الساحل الغربي لليمن.
وعلى اي حال واذا تجاوزنا الاهداف والدوافع الامريكية لهذه الدعوة فان الشكوك لا تزال ايضا تحوم حول عناصر موضوع الخطة الامريكية للسلام في اليمن حيث اثارت تصريحات وزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس حول التقسيم الذاتي للبلاد حالة من الامتعاض في الشارع اليمن وايضا للاحزاب والمكونات السياسية في صنعاء وكانت مصادر يمنية تقيم في الرياض وقريبة من حكومة هادي ومايسمى بالتحالف العربي سربت تفاصيل التسوية السياسية التي قدمتها امريكا للرياض ووافق عليها ولي العهد السعودي وقالت ان الخطة او الخارطة الامريكية تتضمن ايقاف الحرب ثم ايجاد حكم ذاتي لجنوب اليمن وكذلك محافظة صعدة واجزاء من شمال اليمن ويليها نقل صلاحيات الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي الى نائب توافقي يقوم بتشكيل حكومة وحدة وطنية وايجاد دستور للبلاد وانتحابات برلمانية ورئاسية خلال عام او عامين تحت اشراف دولي كما ان الرئيس الانتقالي يقوم بنزع جميع انواع الاسلحة الثقيلة.
التسريبات هذه والتصريحات من قبل الامريكان ادت الى ردود افعال متعددة حيث قال عضو المكتب السياسي لحركة انصارالله عبدالملك العجري، عبر سلسلة تغريدات على صفحته في «تويتر»، ان: «حديث ماتيس ، عن إمكانية حصول من أسماهم الحوثيين على منطقة حكم ذاتي، كما لو أن أنصار الله يمثّلون قومية عرقية أو أن اليمن بلد إثني متعدد العرقيات أو أن الصراع في اليمن اجتماعي وليس سياسيا»، لافتاً إلى أن «اليمن بلد واحد متجانس ثقافياً، وأنصار الله مكون وطني والصراع سياسي».وأضاف العجري أن «أنصارالله تيار وطني، يتواجد في معظم مناطق اليمن، في صعدة وحجة وذمار وتعز البيضاء وإب والحديدة والمحويت وغيرها»، معتبراً «حديث ماتيس عن مناطق حكم ذاتي يكشف عن نواياهم التفتيتية، وهي مرفوضة من كل القوى الوطنية، ولا تمثّل رؤية أنصار الله ولا غيرهم من القوى السياسية».
وترى العديد من القوى السياسية ان الحل السياسي يجب ان يحافظ على وحدة اليمن وكذلك يلزم السعودية باعادة الاعمار وتعويض كل ما دمرته كما يطالب اليمنيون بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الجرائم والمجازر التي ارتكبتها السعودية والامارات في اليمن وتقديم المنفذين والمتسببين للمحاكمة. وعلى اي حال فان السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو هل يوقف الكلب المسعور مجازر وجرائم حلفائه السعوديين والامارتيين في اليمن ؟ ام هي مجرد مناورات يراد منها كسب الانتخابات والتغطية على فضائح وفظاعات محمد بن سلمان؟ وهل الموقف الاميركي الجديد صحوة ضمير أم اعلان فشل الحرب السعودية في اليمن؟