شيكات على بياض … ثمن دم خاشقجي
عمران نت/ 17/ اكتوبر 2018م
منيب السائح / شفقنا
كما توقعنا منذ البداية، ان خواتيم حكاية الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل وقطعت جثته في قنصلية بلاده في اسطنبول، ستنتهي في صالح الرئيسين الامريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب اردوغان، حيث سيحصلا على ثمن السكوت، او ثمن تزييف ما جرى ، من الخزينة السعودية.
تقديم المعلومات بالقطارة من قبل تركيا عن جريمة قتل خاشقجي، خلال الاسبوعين الماضيين، كان امرا مريبا، فتركيا عرفت حتى تفاصيل ما جرى في القنصلية منذ اليوم الاول، الا انها كانت تساوم الجانب السعودي، بالتعاون مع الجانب الامريكي.
يوم امس الاثنين فقط وافقت السعودية على تشكيل فريق مشترك سعودي تركي للتحقيق فيما جرى بالقنصلية!، وبالفعل دخل هذا الفريق الى القنصلية، والمعروف ان هذه الخطوة لم تأت الا بعد تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو التي اعلن فيها ان السعودية لا تتعاون مع تركيا، وجاءت ايضا بعد زيارة امير مكة الامير خالد بن فيصل الى انقرة، حيث تم التوصل الى صيغة مع السعوديين في ايجاد مخرج للسعودية من هذه الورطة في مقابل دعم الاقتصاد التركي.
اما امريكا، التي كانت تعرف اكثر من تركيا بتفاصيل ما جرى، بل واكثر من ذلك، انها كانت تدير العملية قبل وقوعها، فهي كانت تعرف ان خاشقجي مهددا من قبل السلطات السعودية، فهي كانت تتبعه وترصده، فقد كشفت وسائل اعلام امريكية، بعد مقتل خاشقجي، نقلا عن مصادر الاستخبارات الامريكية، انه تم رصد معلومات موثقة تؤكد ان السلطات السعودية تسعى للتخلص منه، الا ان امريكا لاتحرك ساكنا ازاء ذلك، بل ولم تحذر خاشقي ايضا.
هذه الحقيقة بالاضافة الى الموقف المريب لادارة ترامب، والتي ظلت تماطل في اخذ موقف حازم ازاء ما جرى، الى ان فجر ترامب قنبلة من العيار الثقيل امس الاثنين، عندما اعلن في لقاء صحفي في البيت الابيض، ان الملك السعودي سلمان نفى بشكل حازم أن يكون على علم بأي شيء، وذلك في اتصال هاتفي اجراه معه، وشدد ترامب على ان جريمة قتل خاشقجي قد تكون من تنفيذ عناصر غير منضبطين!!.
يبدو ان نصف ترليون دولار التي اخذها ترامب من الخزينة السعودية، لم تشبع جشعه، فعين الرجل على كل الخزينة، لذلك اراد من خلال توريط السعودية، عبر استغلال نزق ولي العهد محمد بن سلمان وحبه للسلطة ، في جريمة تبقى سيفا مسلطا ليس على رأس بن سلمان فقط، بل على النظام السعودي برمته، الامر الذي يضمن له فتح ابواب الخزينة السعودية على مصراعيها، وضمان تدفق ليس مليارات الدولارات بل تريليونات الدولارات، حتى من دون عقود شراء اسلحة.
من السذاجة اعتبار المال فقط، هو العامل الوحيد وراء جريمة قتل خاشقجي، فالمطلوب ايضا، ان تكون هذه الجريمة منصة للاسراع في تنفيذ صفقة القرن، واخراج العلاقة السعودية مع “اسرائيل” الى العلن، والتعجيل بتشكيل الناتو العربي، وتعويض كل ما خسرته امريكا في العراق وسوريا والمنطقة بشكل عام.
زيارة وزير خارجية امريكا مايك بومبيو الى السعودية، التي كشف عنها ترامب، والتي ستجري هذه الايام، هدفها الحصول على تواقيع شيكات على بياض من قبل الملك ونجله، لتبدأ عملية الحلب الرئيسية للسعودية ، والتي طالما اكد عليها ترامب في اكثر من مرة.
اخيرا، قد يمني بعض المسؤولين السعوديين، النفس، بان عملية حلبهم، تهون في مقابل ما سيقدم عليه ترامب ضد ايران، وفي مقدمته استخدام القوة العسكرية، وفات هؤلاء ان هذه الامنية لن تتحقق ابدا، لسبب بسيط وهو ان ترامب انسان جشع وطماع الى ابعد الحدود، ويحسب للدولار الف حساب قبل انفاقه، وهو يعرف اكثر من غيره ان التعرض لايران عسكريا سيحلب خزينة امريكا، كما حلب هو خزينة السعودية، بينما الانجاز الاقتصادي هو الانجاز الوحيد الذي يفتخر به ترامب امام قاعدته الشعبية، والجميع يعلم ان هذا الانجاز مرده سرقة خزائن الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية.