اليمن قاب قوسين أو أدنى من الانفجار الجمعي
عمران نت/ 9 / اكتوبر 2018م
استمرارية الحصار الممارس على الشعب اليمني لأكثر من ثلاثة أعوام على التوالي أوصل البلاد إلى حالة يرثى لها نظراً لكمية الدمار والقتل والجوع وانتشار الأوبئة التي يعاني منها الصغير والكبير دون الوصول حتى اللحظة إلى حلّ وسطي يخفف آلام اليمنيين ويعيد إليهم جانباً من الأمل، وهذا الجحيم تتحمل مسؤوليته السعودية والإمارات اللتان تصرّان حتى الآن على حصار الشعب اليمني وتجويعه لإرضاخه بالقوة وهذا ما لا يقبله المواطنون جميعاً.
البرلمان الأوروبي
العالم يراقب ما يجري في اليمن، البعض متعاطف لكنه غير قادر على مساعدة اليمنيين بسبب الحصار المفروض عليهم براً وبحراً وجواً والبعض الآخر يرى في هذه الحرب فرصة لبيع الأسلحة وتحسين ظروفه الاقتصادية، وهنا تكمن الخطورة لأن هذه الدول التي تدعم هذا الخيار تمثل قوة عظمى على رأسها أمريكا التي تتجاهل ما يجري في اليمن لا بل توجه الدعم للتحالف السعودي وتعتبر دوره رائداً في اليمن.
وكان أول المدافعين عن إجرام آل سعود في اليمن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الشهر الماضي، الذي قال في بيانه: إنه أبلغ الكونغرس أن “حكومتي السعودية والإمارات تتخذان خطوات ملموسة للحدّ من خطر الإضرار بالمدنيين والبنية التحتية المدنية جراء عملياتهما العسكرية”، وقد وافقه على ذلك وزير الدفاع جيمس ماتيس، وذلك في ضوء الانتقادات التي وجهتها منظمات حقوقية دولية للتحالف العربي الذي تقوده الرياض.
في أوروبا وإن كانت بعض الدول سعيدة لملء خزائن بنوكها بالمال جراء الصفقات التي تم عقدها مع السعودية لبيعها طائرات حربية وأسلحة وعتاداً عسكرياً، إلا أن الإعلام هناك وقسم كبير من الشعب غاضب مما يجري في اليمن من وحشية وإجرام ضد المدنيين، لذلك وجدناه يعبّر عن هذا الغضب في جميع زيارات ولي العهد السعودي إلى أوروبا والتي قوبلت بلافتات تندد بالحرب السعودية على اليمن.
هذا الكلام لم يكن بعيداً أيضاً عن البرلمان الأوروبي الذي طالب مراراً وتكراراً بإيقاف الحرب على اليمن ومنع بيع الأسلحة للسعودية والإمارات.
تجدد الطلب ذاته يوم الخميس الماضي عبر البرلمان الأوروبي الذي أصدر قراراً أدان فيه استمرار الحرب في اليمن، وما قال إنها “الانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين”، داعياً “السعودية وجهات النزاع في اليمن إلى وقف فوري للقتال” في البلاد.
وجاء في قرار البرلمان الذي جرى تمريره بموافقة 449 عضواً مقابل معارضة 36 وامتناع 78 عضواً: “أدّت الغارات الجوية التي يشنّها التحالف بقيادة السعودية والحصار البحري الذي تفرضه على اليمن إلى وفاة الآلاف وتسبب في زيادة معدلات عدم الاستقرار في اليمن”، وطالب البرلمان الاتحاد الأوروبي بـ “فرض حظر أسلحة على السعودية بسبب تدخلها الذي يزعزع استقرار اليمن”، وطالب بحظر بيع الأسلحة وتكنولوجيا مراقبة الإنترنت لدولة الإمارات، وحثّ جميع دول الاتحاد على الامتناع عن بيع أي أسلحة أو معدات عسكرية لأي دولة مشاركة في التحالف السعودي الإماراتي، أو الحكومة اليمنية، أو أي طرف في الصراع، ودعا البرلمان المسؤولة العليا لشؤون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى “إطلاق مبادرة ترمي إلى فرض حظر أسلحة أوروبي على السعودية “.
وعلى المقلب الآخر، حثّ البرلمان الأوروبي دولة الإمارات على “مراجعة قانون الإرهاب”، وصدّق على قرار يطالب فيه بـ”الإفراج الفوري عن الناشط الإماراتي أحمد منصور”.
السعودية والإمارات
وصلت الأمور في اليمن إلى الحدّ الذي طالب فيه جميع اليمنيين سوية بخروج القوات السعودية والإماراتية من اليمن، وبرز هذا الأمر على شكل مظاهرات جابت المحافظات الجنوبية لثلاثة أيام متواصلة جراء الانهيار المتسارع للاقتصاد وانخفاض قيمة الريال اليمني أمام بقية العملات الأجنبية الأخرى وتفاقم الأوضاع المعيشية بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وردد المشاركون في التظاهرات الاحتجاجية شعارات وهتافات طالبت برحيل قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي من الجنوب وكذلك حكومة هادي المتوغلة بالفساد وعدم اكتراثها لمعاناة المواطنين في المحافظات الجنوبية.
وحمّل المتظاهرين دولة الإمارات مسؤولية انهيار الاقتصاد بسبب منعها إدارة الوضع وفتح المطارات والموانئ، وكذلك استحواذ أبو ظبي على كل منابع النفط والغاز في كل المحافظات الجنوبية بعد أن كان تصديرها يغطي جزءاً كبيراً من موارد الدولة.
أين هي “أنصار الله” مما يجري؟!
جماعة “أنصار الله” بقيادة السيد عبد الملك الحوثي أبدوا شجاعة ووطنية تحسب لهم وقدموا تنازلات كبيرة لخدمة شعبهم، حتى السيد الحوثي قال: “إن المفاوضين قدموا تنازلات كبيرة من بينها الموافقة على الدور الرقابي للأمم المتحدة على ميناء الحديدة ولكن لا يزال العدوان مستمراً”.
إذن لا تريد السعودية والإمارات الموافقة على أي حلّ سلمي يجنب المواطنين فظاعة هذه الحرب الجائرة، وحتى الدول الكبرى لم تتدخل حتى اللحظة لإنقاذ الوضع وهذا سيعقّد الأمور أكثر من اللازم وسيفتح الأوضاع على جميع الاحتمالات وقد نشهد ثورة شعبية جماعية على من يحرم الشعب من حقه بالعيش بأمان وسلام.