العنصرية في أمريكا .. أكبر التحديات الاجتماعية التي تهدد التركيبة الديموغرافية للشعب الأمريكي
عمران نت/ 6 / اكتوبر 2018م
تُعدّ قضية التمييز العنصري والعنصرية في أمريكا واحدة من أعظم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وهذه المعضلة الكبيرة جاءت نتيجة للحياة العنصرية التي خلقها العديد من الرؤساء والقادة الأمريكيين خلال العقود الماضية، حيث قاموا بإنشاء الكثير من المدارس المنفصلة للأقليات العرقية كالهنود الحمر والأقليات السود وقاموا باستعباد الكثير منهم وإنشاء الكثير من المخيمات لإيواء هذه الفئات من الناس داخل أمريكا وحتى في وقتنا الحالي لدى العديد من النخب السياسية والفكرية الأمريكية الكثير من الميول والسلوكيات العنصرية مثل الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب”، و”ستيف بينون“، مستشار الرئيس “ترامب” السابق، وتنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير في الجامعات والمراكز الصحية والمستشفيات والمدارس والمتاجر الأمريكية وكذلك تنتشر في المحاكم الأمريكية، بحيث إن الحق يكون دائماً في صف الشخص الأبيض.
وتعتبر العنصرية من أهم السياسات التي خلقت التفرقة في المعاملة بين السكان السود والبيض، وقد بدأت تلك السياسة منذ القرن الماضي في المستعمرات الأمريكية، حينما اعتاد المزارعون الأوروبيون على شراء أصحاب البشرة السمراء من الأفارقة للعمل في مزارعهم، لأنهم كانوا الأقدر على تحمل مشقات العمل وحرارة الجو المرتفعة، وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر، انتشرت تجارة العبيد بسبب اكتشاف مناجم الذهب في أمريكا، وخلال تلك الفترة قامت الحكومة الأمريكية بإصدار قانون يُنظّم هذه التجارة، وتذكر العديد من المصادر التاريخية بأنه تم ممارسة جميع أنواع الاضطهاد والظلم ضد هؤلاء السود.
إن تاريخ أمريكا مليء بالحوادث العنصرية ضد السود وضد الأقليات الأخرى ولكن بعد مرور عشرات العقود وعقب حدوث تفجير الكنيسة المعمدانية الذي قامت به عناصر من مجموعة “كو كلوكس كلان” يوم 15 سبتمبر 1963، وهي جماعة متعصبة من البيض في مدينة “بيرمنجهام” التابعة لولاية “ألاباما” الأمريكية والذي أسفر عن مقتل العديد من الأبرياء السود، بدأ السكان السود بالخروج في مظاهرات تحت قيادة “مارتن لوثر كينغ” للمطالبة بحقوقهم المدنية ومثّلت هذه المظاهرات نقطة تحوّل في تاريخ حركة الحقوق المدنية في أمريكا وساهمت أيضاً في دعم تمرير تشريع الحقوق المدنية في الكونغرس عام 1964.
التركيبة الديموغرافية والاجتماعية لأمريكا
في أمريكا، هناك ما يقرب من ست مجموعات عرقية، السكان البيض الأمريكيون، وذوو الأصول الإسبانية، والأمريكيون من أصول إفريقية، والأمريكيون الآسيويون والأمريكيون الأصليون وغيرهم ويشكّل السود ثاني أعلى نسبة بمعدل 12.7٪ وأشارت بعض الإحصائيات السكانية الصادرة عن مكتب الإحصاء الأمريكي أن عدد ذوي الأصول الإسبانية تجاوز عدد السود الأمريكيين في المدن الرئيسية عام 2010 وبهذا فإن الإسبان قد شكلوا أكبر أقليّة في 191 منطقة في ذلك العام ويمكن أن تؤثر تلك الإحصائيات على التخطيط الإداري في العديد من الولايات حيث يتم رسم الخريطة السياسية على أساس التركيبة السكانية.
جدول يلخص التركيبة الديموغرافية والسكانية لأمريكا بناءً على أحدث تعداد للسكان في عام 2010.
عدم المساواة العرقية في أمريكا
إن مفهوم مصطلح الظلم الاجتماعي في علم الاجتماع، هو التوزيع غير المتكافئ للسلطة والموارد والفرص الاقتصادية وهنا تؤكد العديد من المصادر بأن الفجوة بين ثروة السكان البيض والسكان السود في أمريكا واسعة جداً، حيث إنه من بين كل ثلاثة بيض، هنالك شخص واحد يمتلك منزلاً، وأما بالنسبة للسود فمن بين كل عشرة أشخاص، هنالك شخص واحد يمتلك منزلاً ولا يقتصر الظلم الاجتماعي على الثروة فقط وإنما أيضاً على الخدمات الصحية والتعليمية والوظائف والمجال السياسي في البلاد وهذا ما تؤكده العديد من التقارير التي نشرتها الكثير من المواقع الإخبارية.
“كو كلوكس كلان”، رمز للعنصرية في أمريكا
منظمة “كو كلوكس كلان”، أسم يُطلق على عدد من المنظمات الأخوية في أمريكا منها القديم ومنها من لا يزال يعمل حتى اليوم وتؤمن هذه المنظمات بتفوق العرق الأبيض وتعمد هذه المنظمات عموماً لاستخدام العنف والإرهاب كالحرق على الصليب لاضطهاد من يكرهونهم مثل الأمريكيين الأفارقة وغيرهم ولقد نددت جميع الكنائس المسيحية تقريباً رسمياً بأفعال “كو كلوكس كلان”.
ترامب وتنامي العنصرية في أمريكا
منذ تولي الرئيس الأمريكي “ترامب” زمام الأمور في البيت الابيض، نُشرت العديد من التقارير الإخبارية التي تؤكد قيام بعض الأشخاص داخل أمريكا بأفعال وهجمات ذات دوافع عنصرية فعلى سبيل المثال، أفاد المركز القانوني للفقر في أمريكا بأنه وقعت 1052 حالة ذات دوافع عنصرية في جميع أنحاء أمريكا في غضون شهر واحد من تولي “ترامب” للرئاسة، وآخر مثال على هذه الأعمال العنصرية التي وقعت في أمريكا، هي أحداث “شارلوتسفيل”، حيث تجمعت مجموعة من البيض وبعض القوميين المتطرفين في منطقة “شارلوتسفيل” التابعة لولاية “فيرجينيا” الأمريكية وقاموا بالعديد من أحداث العنف ورفعوا شعارات دعماً لسيادة أمريكا وللعرق الأبيض ورفعوا لافتات أيضاً ضد المهاجرين ولقد أسفرت هذه المظاهرة في نهاية المطاف عن مقتل وإصابة العديد من الأشخاص.
النتيجة
تُعدّ قضية العنصرية في أمريكا من أهم المواضيع التي كان لها آثار سلبية على الهيكل الاجتماعي الأمريكي وخلال السنوات القليلة الماضية زاد انتشار هذه الآفة بشكل كبير في مختلف الولايات الأمريكية والغريب في الأمر هو أنه حتى ولو أصبح الرجل الأسود رئيساً في هذا البلد، فإن هذه القضية لن تنتهي وهذه الظاهرة السيئة تنتشر بكثرة في المؤسسات التعليمية والصحية والأجهزة القضائية والشرطة وأجهزة الأمن، حيث يتم اعتبار ذوي البشرة البيضاء هم السلالة الأفضل في أمريكا وفي وقتنا الحالي يمثل الرئيس الأمريكي “ترامب” رمزاً حقيقياً لهذه الظاهرة التي انتشرت بشكل واسع في عهده.