مجلة “تايم” الأمريكية: المعلمون في أمريكا لا يجدون ما يسدون به رمقهم!
عمران نت/ 17 سبتمبر 2018م
نشرت مجلة “تايم” الأمريكية مؤخراً سلسلة من التقارير حول وضع المعلمين الذين يعيشون داخل أمريكا، ساعية بذلك لإيجاد حلول جذرية لمعالجة هذه المشكلة الاجتماعية التي تفشّت في مختلف الولايات الأمريكية وفي هذه التقارير سلّطت الـ”تايم” الضوء على المعلمة “هوب براون”، الحاصلة على درجة الماجستير والتي لديها 16 عاماً من الخبرة في مجال التدريس، والتي أجبرت على العمل في ثلاث وظائف مختلفة وبيع بلازما دمها وملابسها لدفع الفواتير والأقساط المعيشية ولفتت هذه المجلة إلى أن “هوب براون” تحصل على 60 دولاراً في الأسبوع عن طريق بيع بلازما دمها، وأنها تكسب المزيد من المال إذا قامت ببيع ملابسها لمتجر يقوم ببيع الملابس المستخدمة وذلك من أجل دفع فاتورة الكهرباء أو دفع أقساط السيارة وأعربت هذه المجلة بأن هذا الوضع الاقتصادي السيئ أصبح جزءاً من حياة “هوب بروان” اليومية وحول هذا السياق قالت “براون”، بأنها تعشق التدريس ولكن المال الذي تحصل عليه من هذا العمل لا يكفيها لدفع جميع فواتيرها والتزاماتها المعيشية ولهذا فإنها تعمل أيضا في ثلاث وظائف أخرى.
المعلمة “هوب براون” وهي تعمل في وظيفتها الثانية في نادي “راب” الرياضي في مدينة “رينجز” ولاية “كنتاكي”
من جهته قال المعلم “بيت تاي” وهو أحد مدرسي الموارد البشرية في مدرسة مدينة نيويورك المتوسطة، بأن حياة المعلمين داخل أمريكا التي تعدّ الدولة الأقوى وأحد الدول الغنية في العالم، أصبحت جحيماً ولفت إلى أن الراتب الذي يتقاضاه لا يكفيه لاستئجار منزل مناسب أو دفع أقساطه المعيشية وفي السياق نفسه أعربت المعلمة “روزا شيمنس”، معلمة الدراسات الاجتماعية في كلية لوس أنجلوس للعلوم الاجتماعية، بأنها تعمل في وظيفة أخرى لسدّ احتياجاتها المعيشية واحتياجات ابنتها التي ترغب بالدراسة في الجامعة، وقالت: بأنها لم تختر وظيفة التدريس لجني المال وإنما لأنها تحب هذه الوظيفة الإنسانية وتحب أن تبني أجيالاً متعلمة ولكن للأسف الشديد الراتب الذي تتقاضاه لم يساعدها كثيراً على المضي قدماً في هذا الطريق وقالت أيضاً يجب ألّا نتوقع من المعلمين أن يطعموا أطفال الآخرين بخبز الحكمة والتعليم، ويطعموا بطون أبنائهم بالحجارة.
وفي سياق آخر تقول “ناشليندا كوك”، المعلمة في مدرسة مدينة “رالي” التابعة لولاية “كارولاينا الشمالية” والأم لطفلتين: “إن شركات “الماء والكهرباء والغاز والهاتف، الخ…، لا تهتم بأنك قضيت يوماً مثالياً مع أحد طلابك وأنك ساعدته كثيراً وأنك مدرب ماهر لفريق كرة القدم في المدرسة وإنما الشيء الذي يهمهم، هو أنه ينبغي عليك أن تدفع مقابل الخدمات التي يقدمونها لك وتقول أيضاً لا أستطيع أن أخبركم كم تلقيت هذا الصيف من رسائل وإشعارات نهائية بفصل تلك الخدمات عن منزلي”.
المعلم “بيت تاي”، أحد مدرسي الموارد البشرية في مدرسة “نيويورك المتوسطة”
وتشير إحصائيات منظمة التعليم في أمريكا إلى أن هناك 2.3 مليون من المدرّسين الذين يعملون في المدارس الحكومية الأمريكية بدوام كامل، يعانون الكثير من المشكلات المالية نظراً لعدم رفع مرتباتهم وكشفت تلك الإحصائيات بأن متوسط دخل المعلمين الأمريكيين حالياً وبالنظر إلى التضخم الحاصل في العالم، أقل مما كان عليه في عام 1990 وفي الوقت نفسه، تشير تلك الإحصائيات بأن الفجوة في الدخل بين المعلمين والوظائف الأخرى التي يشغلها أشخاص لديهم مؤهلات مماثلة، وصلت إلى أعلى مستوياتها ووفقاً لمعهد السياسة الاقتصادية “أحد مراكز الفكر اليسارية”، فإن دخل معلمي المدارس العامة في أمريكا عام 1994 مقارنة بالموظفين في وظائف مماثلة، كان يمثل أقل من 1.8 ٪ ولكن إحصائيات العام الماضي أظهرت بأن هذا الرقم قد وصل إلى 18.8٪.
وفي وقتنا الحاضر، علت أصوات المعلمين المطالبة باستعادة حقوقهم وامتيازاتهم وبالفعل قام عدد من المعلمين الذين تقطعت بهم السبل في ولاية واشنطن بالخروج في مظاهرات والقيام باعتصامات مفتوحة، وهدد آخرون في ولايتي “لوس انجليس” و”فيرجينيا” بالإضراب والتوقف عن العمل وقال معلمون آخرون بأنهم سيشاركون في انتخابات الكونغرس النصفية المزمع إجراؤها في منتصف شهر “نوفمبر” المقبل وذلك من أجل العمل على تحسين وزيادة الدعم للمدرسين وللمدارس الحكومية داخل أمريكا وفي سياق آخر حاول العديد من المعلمين تذكير الجمهور العام بأن “المعلمين” هم الطليعة التي تعمل على حفظ الأمن الاجتماعي داخل أمريكا، لأنهم يتعاملون مع الأطفال الذين يواجهون العديد من أزمات المخدرات، ويعيشون في الفقر.
المعلمة “ناشفندا كوك” وسط منزلها وبالقرب من بناتها في مدينة “رالي” التابعة لولاية “كارولاينا الشمالية”
وتظهر الاستطلاعات الأخيرة التي قامت بها بعض المؤسسات التعليمية بأن معظم الشعب الأمريكي متضامنون مع جميع مطالب المعلمين وتشير نتائج الاستطلاع المشترك الذي نشره مركز الأبحاث والإحصاءات الفرنسي “ابسو” وصحيفة “يو أس أي تودي” الأمريكية في 12 سبتمبر، إلى أن 60٪ من الأمريكيين يعتقدون بأن المعلمين في هذا البلد لا يحصلون على حقوق كافية، وأن معظم مؤيدي الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي يؤيدون حق المعلمين بالقيام بالإضراب والتوقف عن العمل حتى تقوم الحكومة الأمريكية بتلبية جميع مطالبهم ورفع أجورهم وإعطائهم جميع حقوقهم.