عندما يكون الحديث عن الإنسانية فخروقاتها تطفو على السطح !

عمران نت / 16 سبتمبر 2018م

بقلم/عفاف محمد

منذ بدء الخليقة ولد الإنسان مفطوراً على نزعات إنسانية مغروسة في ذاته . فكانت الرحمة وهي من أساسيات هذه النوازع التي تهيأت بداخل الفرد وجُبل عليها .

والإنسان الذي تنزع منه الرحمة ؛ يُعد فردا غير سوي وسلوكه شاذا . فحين يتجرد من إنسانيته ويسلك مسلك البهائم التي غالباً ما تتواجد فيها نزعة الرحمة في غريزة الأمومة ، وانما نجد هذا الفرد ذو الطبع القاسي الذي يحمل في ذاته الضغينة والشر ؛ فهو اكثر شبهاً بتلك الوحوش الضواري التي تنهش في لحم الحيوانات الضعيفة دون إحساس .

واليوم وفي ظل الحروب الشرسة التي يشعلها بني الإنسان ضد بعضهم تتجلى صور مجردة من الرحمة ومن الرأفة .

فتلك الأسلحة الفتاكة يستخدمها تجار الحروب كعائد اقتصادي وماعداه لا يهمهم . والوحوش الآدمية يشترونها لتحقيق نصراً ما يسعون إليه سواء بتبجح أو تحت مسميات وأعذار واهية فيشعلون حلبة الصراع تلك والتي غالباً ما يتولون دق طبولها بأنفسهم وتنجم عن هذه الخطوة كوارث إنسانية جمة .

في عدوان التحالف اليوم ضد اليمن ؛ تتكرر مآسي كانت قد حدثت في دول اخرى تجرعت كؤوس الويلات قبلنا في العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان تحت مسميات رعناء لا يستصيغها المنطق من شعارات براقة يخالف مضمونها مسماها .

فالشعب اليمني وجد نفسه مجبراً للدفاع عن نفسه ؛ ووجد أصابع الاتهام تُشير إليه ظلماً وعدواناً كونه يسعى للإستقلال والحكم الذاتي. فبات يقاوم بكل ما أوتي من سبل دفاعاً عن نفسه ،أهله ، دينه ومقدراته .

ففي اليمن إن كنا بصدد التحدث عن الإنسانية ؛ نجد الأممية تلك والحقوقيون والمنظمات كلها تذوب في حضرة مأساة اليمن . فنجد الإنسانية قد طُمست وذابت كل شعاراتها في صورة أشلاء الأطفال الممزقة ، في حضرة ثكلى تتوجع وفي استفحال مرض فاتك لا سبيل لوصول الدواء لتخفيفه . وما تلك المنظمات الإنسانية التي وقفت لسنوات تسوق الحديث عن طفولة اليمن وعن المساعدات الإنسانية التي تبذلها إلا كذبة مفضوحة .

فمن بين شلالات الدماء المسفوكة ومن بين الأشلاء المترامية هنا وهناك ومن بين الدمار والحصار والجوع والمرض تصرخ الإنسانية في وجيههم قائلة :- “يا إنسانيون ماذا انتم فاعلون “؟!

أطبقت الإنسانية المزعومة فمها لأن تلك الخروقات أصبح لها صكوك غفران يجيزون به إرتكاب تلك المذابح والمجازر . ويجيزون ان تنتهك كل الحقوق ما دامت القوة والسطوة هي الصوت الطاغي . وما دام للدول العظمى حق الفيتو وهي من تبطش وتطغى ، ما دام والمصالح المالية هي العامل المشترك بينها وبين تلك الدول العربية المعتدية على يمن الحكمة والإيمان .

فهنا تطفو تلك الخروقات لتقول :- أية إنسانية تتحدثون عنها ؟ وأية حرية تسعون لتحقيقها ؟ بل أية شرعية تشرعن التمادي في جرائمكم من حين لآخر وترتكبون المجزرة تلو الأخرى ؟

فلا تضعوا وزنأ أو أية معايير ومقاييس للطفولة ! ولا اي شيء أخلاقي تعبأون به . فالديموقراطية والحرية التي تتشدق بها الدول العظمى مجرد وهم زائف يغلفون به طمعهم وخبثهم وإجرامهم الشنيع في حق الأبرياء .

فقد طال أمد عدوانهم وامتد حجم انتهاكاتهم البشعة فما هي الإنسانية التي يسعون لإقناع العالم بتواجدها في قاموسهم وهم يخرقون كل القوانين الإنسانية والدولية والسماوية ؟

فهل معنى الإنسانية ان يُحمِّلوا شعباً بأكمله ويلات العدوان ويهدمون كل الصروح المبنية ؟وهل المعنى ان يستهدفوا كل حي ينبض وكل حجر صلد في كل شبر في أرض اليمن ؟

إنهم يسعون لإبادة جماعية .إنهم يقتلونا بكل السبل عسكرياً وسياسياً واقتصادياً . فماذا اقترفنا لتستباح أرواحنا بهذا الشكل؟!

إنه عدوان همجي يحمكه الإستخفاف بالقوانين الدولية . ويعود السؤال ليكرر نفسه :- “يا إنسانيون ؛ فيما يُرتكب اليوم بحق اليمنيون من مجازر . ماذا أنتم فاعلون” ؟!

مقالات ذات صلة