النفط الكولومبي (قشة تقصم ظهر السوق النفطي)
لقد بدأ انتاج بترول كولومبيا (دولة لاتينية كثيفة السكان بحذاء فنزويلا) يزداد سريعا من حوالي 0.510 (نصف) مليون برميل في اليوم في منتصف عام 2008 الى أن بلغ الضعف 1.02 مليون برميل في منتصف عام 2013.
لكن الأهم هو الزيادة الصافية لصادرات البترول الكولومبي الى أسواق البترول العالمية التي قفزت من حوالي 210 آلاف برميل فقط في اليوم في منتصف عام 2008 الى أربعة أضعافها حوالي 810 آلاف برميل في منتصف عام 2013.
قد يسأل البعض – ويحق لهم التساؤل – كيف يتسنى للزيادة في صادرات البترول الكولومبي التي لا تتجاوز 600 ألف برميل في اليوم أن تؤثر ولو بعض هذا التأثير المزعوم في سوق البترول العالمي الكبير الذي يبلغ حجمه حوالي 92.04 مليون برميل في اليوم؟
بالنظر الى الرسم البياني الوارد في تقرير ادارة معلومات الطاقة الاميركية (EIA)عن الطاقة في كولومبيا نجد أن زيادة انتاج وبالتالي صادرات البترول الكولومبي بلغت أقصاها (ذروتها) في وقت حاسم بداية عام 2013 مع بداية تفاقم الفائض في سوق البترول العالمي فكانت هذه الزيادة غير المحسوب حسابها بمثابة القشة التي ساهمت في قصم ظهر سوق البترول.
كذلك يلاحظ أن معظم صادرات بترول كولومبيا في عام 2014 ذهبت الى عقر دار أكبر سوقين استهلاكيين للبترول في العالم هما السوق الاميركي، ثم السوق الصيني حيث تم توقيع اتفاقية عام 2012 لتمويل بنك التنمية الصيني مد انبوب لنقل حوالي 600 ألف برميل في اليوم من البترول الكولومبي والفنزويلي الى ساحل الباسفيك الكولومبي الجنوبي لتصدير البترول.
لا شك لديّ أن لزيادة صادرات بترول كولومبيا الطارئة في وقت وجود الفائض في عرض البترول لعبت دورا لا يمكن انكاره في تفاقم الفائض الحالي في أسواق البترول. لكن الذي يبدو أن هذه الزيادة ستكون مؤقتة وكأنها بمثابة سحابة صيف – رغم أنها ممطرة – ستزول خلال خمس السنوات القادمة اذا لم يتم اكتشاف حقول بترول جديدة في كولومبيا لأن احتياطي بترول كولومبيا الحالي (يناير \ 1 \ 2015) هو حوالي 2.4 بليون برميل وهو يكفي – وفقا للتقديرات الرسمية لحكومة كولومبيا نفسها – لمدة سبع سنوات فقط وفقا لمستوى الانتاج الحالي (المصدر: ادارة معلومات الطاقة الاميركية EIA).
*خاتمة وتنويه:
قد يرى البعض في كتابتي – من حين لحين – عن مواضيع (مثل: دور بترول ليبيا ودور بترول كولومبيا في أسواق البترول) أنها من المواضيع التي قد تكون ليست في دائرة اهتمام القارئ لذا يجب أن انوّه أن المستهدف بمثل هذه المقالات ليس هو القارئ العادي بقدر ما تستهدف صناع القرار كوزراء البترول ومن في مستواهم بلفت أنظارهم الى بعض ما يبدو للمحللين الرسميين أنها مواضيع صغيرة لا أهمية لها في صنع ما يحدث من حوادث كبيرة في أسواق البترول رغم أنها قد تكون في حقيقتها بمثابة القشة التي تقصم – رغم أنه لا وزن لها – ظهر البعير.
كذلك بالمناسبة أود أن أنوّه إلى أن ما أكتبه في هذه الزاوية يحظى بمتابعة بعض المتخصصين (والمسؤولين) في الخارج فأنا لي الشرف أن يكون Fatih Birol رئيس وكالة الطاقة الدولية IEA من المتابعين لحسابي في تويتر وهو الرجل الأول – كما يعرف الجميع – الذي تؤدي آراؤه وتوصياته لاتخاذ الدول المتقدمة قراراتها وبالتالي رسم سياساتها المستقبلية في شؤون الطاقة.
موضوع زاوية الأحد القادم – إن شاء الله – سيكون عن وكالة الطاقة الدولية.