هل تملك السلطات السعودية القدرة على خوض حروبها بنفسها؟
عمران نت/ 29 يونيو 2018م
الباحث علي مراد
“على الرغم من الوصول إلى أسلحة عالية التقنية وميزانية عسكرية ضخمة، يبدو أن السلطات السعودية غير قادرة على تجميع قوة قتال مختصة بها، بدلاً من اعتمادها على المرتزقة والميليشيات والولايات المتحدة لكسب حروبها”، إلى هذا الخلاصة توصل الكاتب الصحفي علي مراد، في حديثه عن تاريخ السعودية واعتمادها على الآخرين لكسب أهدافها،،،
ترجمة وتحرير مرآة الجزيرة
مراد وفي مقالة مطولة، حول تاريخ “السعودية وعلاقاتها مع الدول الغربية والاعتماد على الغرب ودعمه وأسلحته لكسب الحروب، مشيراً إلى الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض، ووصفها بـ”المشؤومة”، حيث وقعت واشنطن والرياض خلالها صفقات تسلح تصل قيمتها إلى ما يقرب من 110 مليار دولار، وهو تحرك ينظر إليه البعض على أنه يغذي سباق التسلح في شرق أوسط خطير بالفعل. “في العقد الماضي، أصبح من الواضح أن هناك سعيٌ سعوديٌ للانتقال من بلد شارك في حروب بالوكالة إلى شخص قادر على تحقيق أهدافه من خلال الانخراط مباشرة مع جيشه الخاص، والآن، بعد أكثر من ثلاث سنوات من الهجوم الفاشل بقيادة سعودية على اليمن”، كتب مراد، لافتاً إلى تهديد “ولي عهد السعودية محمد بن سلمان “بجلب المعركة إلى قلب إيران”، على حد تعبيره. ويسأل الكاتب في مقالته بموقع MintPressNews ، “هل الجيش السعودي قادر على تحقيق الهدف بوصول المعركة إلى قلب إيران؟ وما الذي تشتمل عليه العقيدة العسكرية السعودية بالضبط بعد أن تم الإشراف على الجيش السعودي وتدريبه من قبل وزارة الدفاع الأمريكية منذ عام 1953؟”. الملك قبل البلد “تعتمد معظم الجيوش على أولويات وطبيعة الحكم في بلادها، لكن هناك مكونات تبقى ثابتة إلى حد ما بغض النظر عن الموقف الأيديولوجي، وتشمل الدروس المستقاة من الماضي، والاستراتيجية العسكرية للدولة، والقضايا المحيطة بالتطور التقني، وبالطبع، القيم الوطنية الشاملة”، أكد الكاتب، مبيناً أنه في حالة السعودية، يمكن تلخيص هذه القيم بشعار يتم تعليمه للأطفال بدءاً من المدرسة الإبتدائية وجذوره في الوعي العام للشعب: “الله، الملك، الوطن”، أكد مراد على أهمية الترتيب في العقيدة، مستطرداً بالقول “تجدر الإشارة إلى أن غالبية دول الخليج، بما فيها الكويت وقطر، لديها شعارات وطنية تقوم على مفهوم “الأمة” على “الأمير”، مما يعطي الأسبقية للأمة على حاكمها: “الله، الأمة، الأمير”، ويبين أن “الشعار الوطني السعودي هو الخطوة الأولى في عملية تقديم مصلحة الدفاع عن الحاكم على الأمة ويشكل الأساس للمسؤولية الأساسية لأولئك الموكلين بحماية السلطة”. يعود الكاتب بالتاريخ إلى الحروب التي خاضتها سلطات آل سعود منذ احتلالها لأراضي الحجاز، حيث ذكر أن “هناك العديد من الأمثلة على كيفية انخراط حكامها في الحرب، والسعي وراء عقيدة مرتبطة بالاعتماد الشديد على الميليشيات والنفوذ العسكري الذي يمارسونه”، وأشار إلى “حملات الملك عبد العزيز العسكرية في شبه الجزيرة العربية في بداية القرن الماضي إلى أوائل 1930″، في العقود التي انقضت منذ تأسيسها، لم يكن لدى المملكة أي خبرة موثوق بها لتقييم أداء جيشها النظامي، باستثناء حربها السابقة على اليمن في أوائل الستينات، والتي شهدت مشاركة متواضعة من قبل “الحرس الوطني السعودي”، وحتى ذلك الحين، اعتمدت الرياض بشدة على دعم الإمامة المتوَقِّلة اليمنية لتحقيق أهدافها العسكرية”. وأضاف أنه “في عام 1990، عندما غزا صدام حسين الكويت وهدد السعودية بعد أشهر طلب الملك فهد بشكل رسمي من الولايات المتحدة الأميركية إحضار قواتها إلى “أرض الحرمين الشريفين” لحماية نظامه من الغزو، فيما لم يكن لدى السعوديون جيش نظامي يمكن الاعتماد عليه، وبعدها مهدت القوات الجوية الأمريكية الطريق للقوات البرية السعودية لدخول بلدة الخفجي الحدودية، بالقرب من الكويت، كما ساعدت المعركة هناك السعودية على التخفيف من بعض السخط الشعبي المتزايد حول وجود مشاة البحرية الأمريكية على الأراضي السعودية”؛ ويتابع سرد الأحداث، بالإشارة إلى “حرب صعدة عام 2009″، حيث كشف الغطاء عن الضعف والعجز لدى “الجنود السعوديين”، وتم تسجيل مقتل العشرات منهم في معارك مع اليمنيين. يصل الكاتب إلى العدوان على اليمن الذي قادته السلطات السعودية منذ مارس 2015، ةلايزال مستمراً، قائلاً “إن الضعف المتأصل للقوى البرية السعودية أظهر نفسه بوضوح من خلال الاعتماد الكبير للمملكة الخليجية على المرتزقة الأجانب للقتال نيابة عن قواتها المسلحة، والفشل في التقدم على الجبهات المجاورة إلى الحدود، وعدم قدرة القوات السعودية على شغل المراكز، وذلك على الرغم من دعم القوات الجوية الملكية السعودية لها”، مضيفاً أنه “على الرغم من إخفاقات السلطات السعودية، إلا أنها لم تضع بعد الحد الأدنى من المتطلبات لجيشها النظامي، وبدلاً منه تعتمد على استراتيجية استخدام وكلاء خارجيين، غالباً ميليشيات مسلحة ذات أيديولوجية وهابية، لاستكمال المهام”، وتابع أن هذا العامل، إلى جانب الفشل في الاستثمار في إنتاج الأسلحة المحلية على الرغم من توافر الأموال والمواد الخام، ترك الجيش السعودي يعتمد بشدة على المساعدات الخارجية لتأمين الأسلحة، مما يجعل البلاد سوقاً مربحة بشكل كبير لتجار الأسلحة الغربيين”. تاريخ من الاعتماد والاعتماد “في مارس من عام 1929، تمكن مؤسس السعودية الحديثة عبد العزيز آل سعود، بدعم من القوات الجوية الملكية البريطانية، من هزيمة الميليشيات التي كان يعتمد عليها في السابق لتأمين الأراضي، وفي النهاية وصل إلى العرش وامتلكه، ثم شرع آل سعود في بناء تشكيل القوات التي أصبحت في نهاية المطاف جوهر الجيش النظامي بعد الاعتراف الدولي بمملكته، وأنشأ ما يسمى “مديرية الشؤون العسكرية”، وفي عام 1939، بعد سبع سنوات من تأسيس المملكة – “مديرية رئيس الأركان” ، تلتها وزارة الدفاع السعودية في 10 نوفمبر 1943″، وبعد اجتماعات “سعودية أميركية” تم الطلب من الرئيس روزفلت إرسال بعثة عسكرية أمريكية للإشراف على تدريب الجنود السعوديين، وتم في عام 1949 تعيين الجنرال ريتشارد أوكييف كأول قائد لبعثة التدريب في الولايات المتحدة، والتي لم تبدأ رسميا إلا بعد أربع سنوات، بعد أن وقع الطرفان على ما يسمى “اتفاقية التعاون العسكري المشترك” في عام 1951″. وفي 27 يونيو 1953، بدأت بعثة الولايات المتحدة للتدريب العسكري (USMTM) رسمياً، واستلمت المقر الرئيسي في الظهران قبل أن تنتقل إلى موقعها الحالي في ما يسمى قرية إسكان في الرياص، وعملت تحت شعار أن مهمتها “تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة من خلال بناء قدرات القوات المسلحة السعودية للدفاع عن المصالح المشتركة في الشرق الأوسط” ، كما جاء في بيان البعثة على موقعها الإلكتروني، وفق ما تضمنت مقالة مراد، حيث أضافت أنه “في 8 فبراير 1977، وقعت الولايات المتحدة والسلطات السعودية معاهدة جديدة تنظم عمل بعثة التدريب، وقد ورد في المادة الثالثة من تلك المعاهدة فقرة تركت عدد الجنود والضباط الأمريكيين الذين انضموا إلى المهمة مفتوحة وخاضعة للتغيير على أساس الاحتياجات المدركة لوزارة الدفاع السعودية، ورئيس هيئة موظفي السعودية، والبنتاغون، فيما وصفت المادة 5 من المعاهدة وظيفة البعثة: USMTM مسؤولة عن توفير الخدمات الاستشارية في التخطيط والتنظيم والتدريب والدعم اللوجستي والتسليح، ومنحت البعثة امتياز طلب شحنات الأسلحة للسعوديين، ضمن ما يسمى برنامج المبيعات العسكري”. وبموجب المادة 6، “فإن كان الأفراد العسكريين الأمريكيين راسخين في هيكل وأداء القوات المسلحة السعودية”، وبموجب هذا النص، “ألزمت واشنطن ضباطها (حتى بعد تقاعدهم) بالامتناع عن الكشف عن أي تفاصيل حول طبيعة المهمة أو الأسرار العسكرية السعودية، فيما وعد السعوديون بإعفاء أعضاء البعثة من الرسوم والضرائب الجمركية؛ والتزمت الرياض بتوفير السكن الملائم لأعضاء البعثة؛ تحمل تكاليف “النقل، الغذاء، الترفيه، الأثاث والخدمات الطبية”، والسماح للطائرات العسكرية الأمريكية بالهبوط والإقلاع من المطارات المدنية والعسكرية من دون دفع رسوم”. إلى ذلك، لفت الكاتب إلى أنه “في أعقاب حرب الخليج عام 1991 والتحرير اللاحق للكويت، حاولت إدارة بوش من دون جدوى التفاوض على تعديل للمعاهدة كان من شأنه زيادة البصمة العسكرية للولايات المتحدة في السعودية، وفشلت المفاوضات، حيث كان النظام السعودي في خضم قمع الصراخ العام حول الوجود العسكري للولايات المتحدة في البلاد، وأشار إلى “كتيب صدر عام 2008 ، كجزء من برنامج دليل الأنشطة القطرية لمخابرات سلاح البحرية الأمريكية، الذي قدم نظرة صريحة إلى كل ما يتعلق بالسعودية -التاريخ والجغرافيا والمجتمع- وجيشها”. “وتستمر الوثيقة في سرد مختلف الفروع التي تضم وزارة الدفاع، بما في ذلك القوات البرية الملكية السعودية (RSLF) ، والقوات البحرية الملكية السعودية (RSNF) ، والقوات الجوية الملكية السعودية (RSAF)، وقوات الدفاع الجوي الملكي السعودي ( RSADF) والحرس الوطني، كما يسرد قدرات التسلح للقوات السعودية ويذكر أوجه القصور في كل فرع، خاصة العجز المزمن في جمع المتطوعين من الشباب السعودي”، ويضيف أنه على الرغم من أن الرياض لديها قاعدة سكانية كبيرة، كافية لضمان أن الجيش يمتلك استمرارية القوى العاملة، وعلى الرغم من الحوافز المادية الجذابة، تواجه القوات البرية الملكية السعودية صعوبة في توظيف وصيانة الموظفين المؤهلين الكافيين”. مقال الكاتب يكشف، أن “الخدمة العسكرية ليست جذابة لمعظم السعوديين [الذين يعيشون في دولة الرفاهية] ؛ عحيث لا يملك المجندون في كثير من الأحيان القدرة أو الدافع لتشغيل وصيانة ترسانة القوات البرية، كما لا يعطي التقرير درجات أعلى بكثير للقوات الجوية الملكية السعودية”، مشيراً إلى أن القوات الجوية الملكية – المعروفة تاريخياً بأنها لها مهمة دفاعية – تحاول اكتساب مهارات هجومية.