صفقة القرن على صفيح ساخن.. الموعد يقترب والضغط على محور المقاومة يزداد فهل تمرر الصفقة ؟ أم ينتحر كل الأعداء دفعة واحدة؟ أم يكون للساحل الغربي لليمن فعل آخر؟
عمران نت/ 28 يونيو 2018م
جميل أنعم العبسي
صفقة القرن جاهزة للتنفيذ بعد تطويع وموافقة أنظمة الخليج وعرب الإستسلام ومباركة مشيخات أدعياء الإسلام السعودي والوهابي والإخواني بالسلام مع أهل الكتاب بني صهيون والعدو البديل إيران، والتسويق لمثقفي الريال السعودي والدولار بالرخاء الإقتصادي والأمن والإستقرار لشعوب منطقة عانت كثيراً من فتن وحروب التكفير الوهابي، بحل صفقة القرن المتعثرة بمحور المقاومة إيران وسوريا والعراق ولبنان واليمن وحركات المقاومة الفلسطينية المدعومة من إيران، والتي يجب أن تنصاع بالترهيب العسكري الأمريكي بعد فشل الداعشي والإخواني أو الترغيب بالرخاء الإقتصادي الموعود بعد السنوات العجاف لربيع الدواعش وإخوان تركيا وتحالف آل سعود وأذنابهم، لترضى بالأمر الواقع بالتطبيع وبيع المقدسات مقابل النجاة بتطبيع الحياة في بلدانهم.
أمريكا تريد تمرير الصفقة دون وجود روافض لها، وبوجود الروافض المقاومين لها فإنها لن تمر، بل وُلدت ميتة بل دماً سيرتد على بني صهيون وأمريكا والموالاة، فالشعوب العربية لاتقبل بالصهيوني صديق، والمسلم الإيراني عدو، وتلك ثقافة قرآنية ووطنية وقومية وإنسانية خالدة، هذه الشعوب إن وجدت طليعة في الميدان تتصدى للعدو الصهيوني في عقر داره فإنها ستصطف وتتخندق بجواره حتماً، والطليعة هي إيران وسوريا وحزب الله وأنصار الله وحماس الخنادق -لا الفنادق- وآخرين.
والصهيونية العالمية تدرك ذلك جيداً، وكل الأدوات عجزت بشكل أو بآخر لسنوات سابقة، وآخر أوراق الصهيونية “ترامب أمريكا” الذي شكَّل فريق صهيوني مغامر مقامر قد يُورِّط أمريكا في حرب خاسرة، وكان إلغاء الإتفاق النووي، ثم نقل السفارة وإلغاء قرارات الأمم المتحدة، ثم الإنسحاب من مجلس حقوق الإنسان، وشعب فلسطين في غزة يُربك الصهاينة وأمريكا وآل سعود بمسيرات العودة وبصمود متواصل، والجولان السوري المحتل يصعقهم في الليلة الصاروخية بفعل آخر، وصواريخ اليمن تُزعج وتُقلق إسرائيل أكثر من آل سعود، والصهيونية العالمية تقذف بالورقة الأخيرة للميدان.
المواجهة مع روافض الصفقة
مؤخراً وزارة الحرب الأمريكية البنتاجون هددت بإجراء عسكري ضد إيران ليس من أجل النووي الإيراني بل ضد “الأنشطة الإيرانية في المنطقة” الرافضة والمقاومة للعدو الصهيوني من قبل صفقة القرن فما بالكم بإغتيال فلسطين والقدس باليهود وإلى الأبد، ذلك يعني نزع سلاح حماس الخنادق وحزب الله وأنصار الله الموصوفة بالقاموس الصهيوني بالميليشيات الإيرانية الشيعية حرصاً على توريط عرب الإنبطاح في المواجهة تحت مسميات طائفية، وعزل محور المقاومة عن الترحيب والإلتفاف الشعبي، ووزير الخارجية الأمريكي “بومبيو” توعَّد إيران بعقوبات هي الأشد في التاريخ، والعقوبات تتوالى، وكلها ضغوط لتمرير صفقة العار والذل والهوان ولمائة عام قادمة، وعلى إيران تغيير سلوكها في المنطقة المعادي لإسرائيل أو سيتم سحقها عسكرياً هي وحزب الله الإرهابي وكذلك المليشيات الإيرانية.
كما يبدو القيادة الصهيونية والمتصهينة في البيت الأبيض حسمت أمرها بالمواجهة العسكرية منذ تصريح البنتاجون الأمريكي أو بحد أدنى توريط عرب الإنبطاح بمعركة محدودة يكون من مفاعيلها إعادة إيران وحصرها داخل حدودها، وبدون أي خطر من النووي، وكل أحداث المنطقة من ربيع الإخوان، ودواعش الوهابية، وتحالف آل سعود بالعدوان على اليمن وعسكرة مياه وجزر اليمن ومحاولة السيطرة على الساحل الغربي اليمني “الساحل العصي على السيطرة الصهيونية” وإلغاء الإتفاق النووي ونقل السفارة والتهديد بالخيار العسكري الأمريكي، كل ذلك من أجل “يهودية القدس وفلسطين” سقف عالي يقود للمواجهة الحتمية.
وكلما إقترب موعد الصفقة سنرى مزيداً من الضغط على إيران للإنصياع الذي سينزع سلاح حماس وحزب الله، ويراد كذلك لأنصار الله، ولا نووي، ولاربيع، ولا شرعية، ولا ديمقراطية، ولاحقوق إنسان، ولا ولا وألف لا، بل يهودية فلسطين بالضغوط الإقتصادية والعربدة والبلطجة والحرب العسكرية الأمريكية بعد إحتراق أوراق الربيع وغيرهم، وإيران وحلف المقاومة مثابرون على الصمود والثبات مهما بلغت التحديات.
هل تنجح الصفقة؟
صفقة القرن على المحك، وأمريكا القبيحة كشَّرت عن أنيابها ومخالبها فهل تنجح في ذلك؟.. على الورق “نعم”.. وعلى الميدان وبالشعوب ومحور المقاومة “لا” والمشروع متعثر أينما وليت شطر وجهك.
فمن يقول أن مسألة باب المندب أخطر على “تل أبيب” من النووي الإيراني، حتماً سيكون أكثر عدوانية وإفكاً في الساحل الغربي اليمني من عدوانيته في الملف النووي الإيراني، ومن يعتبر إلغاء الإتفاق النووي ضغطاً على إيران لوقف دعم المقاومات وبيع القضية القضية الفلسطينية، حتماً سيحتاج لإعلان صفقة القرن لتكون بديلاً عن تطبيع محور المقاومة لتأمين نفسه بأمريكا، ومن يحرص على إنجاح حدث مثل هذا حتماً سيحتاج لخوض معركة الساحل الأخطر على تل أبيب من الإتفاق النووي… هذا الساحل العصي على الصهيونية سيضل كذلك، وللميدان كل الفعل قبل أي قول، وبسقوط الرهان على الساحل الغربي وما سيحدث فيه من دروس قاسية ومفاجئات غير متوقعة لا للصديق ولا للعدو فإن صفقة القرن وهذه العربدة ستتوقف بالتأكيد، ومعها سينتج نظام عالمي جديد ترسم حدوده مديات التورط الأمريكي والبريطاني والصهيوني في الساحل، فمن يفشل في اليمن عليه بصرف النظر عن أي ميدان آخر.
أما إذا نُقلت المعركة إلى فلسطين المحتلة فالعدو الصهيوني لايتحمل هزيمة عسكرية واحدة في عقر داره بل سيزول كما قال وزير الدفاع الصهيوني الراحل “موشيه دايان” بطل نكسة حزيران 67م، أما إذا أقدمت أمريكا على تنفيذ تهديدها بمهاجمة إيران تكون براقش قد إنتحرت ليس عسكرياً بل إقتصادياً وسياسياً هي وحلفائها دفعة واحدة، ويخطئ من يظن بأن الشعوب العربية تقبل بالصهيوني صديق، والدليل على ذلك شعب مصر والأردن الذي يرفض التطبيع مع الصهاينة رغم وجود العلم الصهيوني في القاهرة وعمَّان وحتى أنقرة، فما بالنا بالشعوب المقاومة، فهي ترفض إسترداد الجولان مجاناً مقابل التطبيع مع الصهاينة في سوريا، وترفض التنازل عن حقها النووي والإقتصادي والسياسي في إيران، وترفض التفريط بحقها السيادي والسياسي في اليمن، وترفض كل أشكال التطبيع ونزع سلاح المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة، وترفض الإنصياع وكل أشكال الوصاية في العراق، ومهما بلغ حجم التضليل والشيطنة والتعبئة الطائفية وثقافة الإستسلام والتدجين، فلن تُجدي نفعاً في أي قُطر عربي وإسلامي بحال وقعت المواجهة وتورطت أمريكا والكيان، لكن يبقى المهم والأهم أن روافض الصفقة بحضور أو بغياب البعض أو الكل حاضرون جاهزون لكل الإحتمالات بمفردهم، إنها الثقافة القرآنية والوطنية والقومية والإنسانية، وكفى.