#الحديدة … معركة العدوان الاقتصادية
عمران نت/ 27 يونيو 2018م
لم تعد الاطماع الاماراتية خافية على أحد, فمنذ اليوم الاول للعدوان وانخراط الامارات كشريك اساسي مع السعودية في العدوان والحرب التي اعلنتها على اليمن, كشفت الامارات عن مشروعها الاستعماري واطماعها الاقتصادية, فهي تسعى بكل قوة للحصول على اكبر قدر من المكاسب التي تخدم مصالحها، فمن خلال قراءتنا للتحركات الاماراتية على الارض سنجد ان الامارات تسعى الى الاستيلاء على الاماكن ذات الاهمية الاقتصادية ابتداء من جزيرة سقطرى وميناء عدن وأماكن منابع النفط وها هي اطماع الامارات اليوم تمتد لتصل الى محاولة الاستيلاء على ميناء الحديدة ليكتمل بذلك السيناريو الذي اعدته هذه الدولة في الاستيلاء على الاماكن الاقتصادية داخل الاراضي اليمنية واستغلالها بما يخدم مصالحها ومصالح أسيادها الامريكيين .
امتداد جيو استراتيجي
وبحسب التحليلات الاقتصادية فان النفط لم يعد المحرك الأساسي لدولة الإمارات اليوم، ولا يمكن أن تؤسس من خلاله أرضية صلبة لمستقبل يبقيها قويةً بين عالم الكبار، فهي تدرك جيداً أن مخزونها من النفط لن يستمر إلى الأبد وأنه لابد من أعمدة أخرى يستند إليها الاقتصاد الإماراتي، وأدركت أهمية الموانئ البحرية في الاقتصاد العالمي، فأقامت “موانئ دبي”، وبعد أن أصبحت رقماً صعباً في محيطها بدأت في التوسع خارج حدودها فاتجهت لاحتلال ميناء عدن وها هي اليوم تسعى الى احتلال ميناء الحديدة لتضيفه الى موانئها ، وتشير خريطة الملاحة والموانئ في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، إلى أن هناك امتداداً جيواستراتيجياً إماراتياً توزع ما بين اليمن والقرن الإفريقي ، ومن هنا تتحدد معالم الصراع ومحاولات السيطرة على سواحل اليمن الغربية، في معركة تتحكم بها الأطراف الدولية، وقرار إطلاقها لم يكن سوى قرار دولي من قبل الدول الكبرى، المتحكمة بمصير هذه الحرب، والتي لديها أدواتها الاقليمية والمحلية على الأرض والامارات هي إحدى هذه الادوات .
أكبر محطة ترانزيت
نشرت مجلة (النيوزويك) الأمريكية مقالاً للخبير الاقتصادي المغربي حبيب ولد داده, أحد الاقتصاديين في بورصة نيويورك يقول فيه: ميناء الحديدة هو أهم ميناء في البحر الأحمر وهو أفضل من موانئ السعودية والسودان والقرن الإفريقي، وفي حال تم الاستغلال الأمثل لهذا الميناء فسوف يجعله ذلك أكبر محطة ترانزيت مع ميناء الصليف المجاور، وسيحقق عائدات سنوية لا تقل عن 40 مليار دولار لهذا الميناء إذا تم استغلال الترانزيت فقط ، وأشار الكاتب إلى أن استغلال موانئ البحر العربي بالإضافة إلى الامتداد الساحلي سوف يجعل هذه الموانئ بعد تطويرها أكبر محطات ترانزيت عالمية تضاهي شبه القارة الهندية ودول شرق آسيا وبالإمكان أن تكون محطات لحاملات الطائرات من كل بقاع العالم وعند إعادة النظر في ذلك سوف يجني من يسيطر على ميناء الحديدة ما يتجاوز 100 مليار دولار سنوياً.
ويؤكد الخبير الاقتصادي الدولي حبيب ولد داده في سياق مقاله أن دول الخليج العربي تسعى للحصول على منفذ بحري لتصدير النفط, لذا فهي تحاول أن يكون لها موطئ قدم في مضيق باب المندب، إلى جانب رغبتها في الحصول على منفذ بحري في البحر الأحمر، الأمر الذي يجعلها تركز على ميناء الحديدة .
وبحسب موقع “TTU” الفرنسي : ان الامارات كانت طرحت احتلال ميناء الحديدة في عهد اوباما الا ان أوباما رفض فكرة الاستيلاء على ميناء الحديدة العام الماضي، لكن الفكرة عادت من جديد مع تولي ادارة ترامب السلطة في واشنطن، و التي تخطط لتقديم مساعدة ضخمة لدول العدوان في الاستيلاء على الميناء الحيوي لملايين اليمنيين ، وطبقا لما نشره الموقع الفرنسي، سيتم تخصيص المساعدة عبر عدة اتجاهات هي: زيادة توريدات السلاح، ودعم دول العدوان بالمعلومات الاستخبارية، وضربات طائرات بدون طيار، إضافة إلى السيطرة على عدد من النقاط الاستراتيجية ،مشيرا إلى أن ميناء الحديدة أصبح أولوية لدول العدوان .
دور امريكي واضح
لم تكن الإمارات لتقدم على معركة الهجوم على مدينة الحديدة لولا الضوء الاخضر الامريكي وتعتمد الولايات المتحدة في حربها ضد اليمن ،على تكتيكات متعددة بغرض خداع الشعب اليمني ، والتمويه على الدور الأمريكي في حرب واحتلال أرض اليمن ، وبينما يحاول الاعلام التابع لماكينة الغزو الامريكية أن يجعل من الحديث عن الدور الامريكي المباشر مجرد فرضية تحتاج إلى إثبات، تثبت الوقائع أن واشنطن لم تعد قادرة على التستر عن دورها وراء الكواليس ، وأن السعودية والامارات ليستا أكثر من أدوات للتغطية على الدور الأمريكي الخطير الرامي لاحتلال ساحل اليمن الغربي، وقد نشر موقع (ذى إنتربيست) الأمريكي تقريراً تحدث فيه عن عدم قدرة الإمارات على خوض معركة الساحل الغربي في اليمن من دون دعم الولايات المتحدة، وأشار التقرير إلى دراسة اجرتها وزارة الدفاع الأمريكية حول وضع قوات التحالف على الساحل الغربي قالت فيها ان القوات التابعة للتحالف تعاني من (ضعف الارادة القتالية) بحسب تقرير (ذى إنتربيست) الذي استدل بتصريحات مسؤول أمريكي رفيع لصحيفة “وول ستريت جورنال” في وقت سابق، تحدث فيه المسؤول الامريكي عن الحاجة إلى “تغيير الدينامية” الأمريكية في الحديدة، قبل ذلك تداولت المواقع الاخبارية التابعة للاحتلال خبرا يفيد بوصول مجموعة من القوات الامريكية لمساعدة التحالف في معركة الساحل والهجوم على مدينة المدينة ،وهو خبر يأتي بعد شهر تقريباً من تصريحات كشفت عنها صحيفة ” نيويورك تايمز” الامريكية عن تدخل ما يسمى قوات النخبة الامريكية ( القبعات الخضر) في الحرب المباشرة على اليمن وهي جملة اعترافات متتالية اختارت واشنطن اظهارها في هذا التوقيت ، تمهيداً لعمليات عسكرية امريكية مباشرة ضد اليمن في الساحل الغربي ومدينة الحديدة ، خصوصاً أن وزارة الدفاع الأمريكية خلصت في دراستها إلى أنه لا يمكن الاعتماد على (السعوديين والاماراتيين ) في خوض المعركة على الساحل الغربي لليمن والهجوم على مدينة الحديدة . كما يهدف هذا السيل من التصريحات المتعاقبة إلى تهيئة الشعب اليمني ليصبح اكثر تقبلا لمسائل حضور قوات امريكية على أرض اليمن ، بعد ان تم اخضاع شريحة من ابناء اليمن في المحافظات الجنوبية لشتى صنوف الامتهان واجبار ابناء اليمن في المحافظات المحتلة على التعايش مع الاذلال الذي يمارس بطريقة ممنهجة على يد السعوديين والاماراتيين وبما يؤدي إلى انتزاع الشعور بالكرامة ، ويجعل ابناء اليمن على استعداد لتقبل ما هو أسوأ من ذلك ، وصولاً إلى التسليم بتواجد قوات امريكية على الارض، والتعامل مع الأمر باعتباره امراً طبيعياً في سياق سلسلة من المؤثرات تسلب اليمنيين أي ردة فعل تعتبر الأمريكي محتلاً ، بل وتصويب نظرة عدائية لكل من يرفض التواجد الأمريكي على أرض اليمن.
ورغم كل الاستعدادات والتحشيد التي تجريها الولايات المتحدة على الساحل الغربي لليمن في محاولة اجتياح مدينة الحديدة ، إلا ان واشنطن لاتزال تتمسك بحبال المراوغة خوفاً من الفشل في المعركة ،حيث تقوم بعض المؤسسات الرسمية الامريكية بالتصريح انها نصحت السعودية والامارات بتجنب معركة الحديدة والتي كان آخرها تصريحات الخارجية الامريكية والذي تحدثت فيه عن ادعائها بأنها نصحت التحالف بتجنب معركة الحديدة “قدر الإمكان” وأضافت الخارجية الامريكية أن واشنطن تتفهم المخاوف الأمنية للإمارات “، وانه إذا كان لابد من معركة احتلال الحديدة، فعلى التحالف أن يسمح بمرور حر لتدفق البضائع عبر ميناء الحديدة إلى اليمن هو تصريح يستطيع الجميع أن يلمس من خلاله حجم الخداع الأمريكي الواضح للمضي بمعركة احتلال الحديدة ، من خلال العبارات المفخخة المستخدمة في التصريح ،والتي تتسم بعدم الوضوح ، والتي تحاول من خلالها واشنطن أن تظهر عدم السيطرة على اتباعها الاماراتيين والسعوديين ، وبما يتيح لواشنطن الاستمرار في لعب دور المحايد في حال فشلها في معركة احتلال الحديدة، وتوفير فرصا قادمة لا يكون فيها الدور الامريكي قد تعرض للانفضاح وبما يضمن للأمريكيين فرصاً أخرى للمبادرة في تحقيق حلمهم القديم بالسيطرة على باب المندب وطرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر.