غياب ولي العهد السعودي عن المشهد الإعلامي؛ فرضيات عديدة وتساؤلات مشروعة
عمران نت/ 21 مايو 2018م
أثار غياب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مؤخراً عن الإعلام شهيّة المحللين والمتابعين لتفسير هذا الغياب وتنوّعت السيناريوهات التي فسّرت قصة الأمير الشاب المتواري عن الإعلام منذ حادثة إطلاق النار في منطقة الخزامى التي تضمّ القصور الملكية.
إنّ آخر ظهور لولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان بتاريخ 21 من شهر نيسان الماضي (نفس يوم حادثة إطلاق النار ضمن القصور الرئاسية في الرياض) حيث كشفت صفحة الأخبار الخاصّة بمحمد بن سلمان، أنّ آخر اجتماعين للأمير السعودي كان أحدهما بتاريخ الحادي والعشرين من شهر نيسان خلال اللقاء الذي جمعه مع الرّئيس الجيبوتي، والآخر خلال جلسة اجتماع لجنة الاقتصاد والتنمية في تاريخ الرابع والعشرين من شهر نيسان لتختفي بعدها أخبار ولي العهد السّعودي عن صفحة الوكالة الرّسمية السّعودية، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم لم يصدر أي خبر حول محمد بن سلمان على موقع وكالة الأنباء السعودية الرسمية سوى تلك البرقيات الصادرة باسمه!
تبرير الحكومة السعودية لحادثة إطلاق النار ضمن القصور الملكية في الرياض بأنّ الحادثة كانت إطلاق نار على طائرات من دون طيار اخترقت مناطق لا يسمح للطيران بدخولها (فوق قصر الملك) كانت رواية ضعيفة كما يعتبرها المحللون، هذا الأمر دفع عدداً من الدبلوماسيين الأوروبيين للسؤال بحرارة على هامش مؤتمر أقيم مؤخّراً في العاصمة الأردنية عمان عن سرّ غياب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن المشهد الإعلامي في بلاده مؤخراً، وقد أُثيرت تساؤلات على هامش مشاركة وفد سعودي في معرض للصناعات العسكرية مؤخراً في الأردن، ولم تتضح مقاصد هذه التساؤلات التي أثارها دبلوماسيون غربيون خصوصاً وأنّ التصريحات النارية والمألوفة للأمير السعودي الشاب غابت عن الواجهة مؤخراً بعد زيارته المثيرة والأخيرة لأمريكا، وتوجّه دبلوماسي بريطاني بالسؤال نحو مسؤول أردني: هل لديكم علم عن أسباب اختفاء الأمير ابن سلمان وعدم ظهوره أمام الكاميرات مؤخراً؟.
وكالات إعلامية عديدة رصدت آراء السعوديين وتفسيرهم لغياب ولي العهد، وقالت إحدى هذه الوكالات الإعلامية إنّه وبعد مرور أكثر من 3 أسابيع على حادثة إطلاق النار في محيط القصر الملكي السّعوديّ، فإنّه يُمكن وضع ما جرى في أواخر نيسان الماضي بين إطارين: إما إطلاق نار على طائرة مسيّرة دخلت أجواء القصر الملكي، وإما اشتباك مسلّح داخل قصر الملك السّعودي في محاولة من بعض الأمراء لتنفيذ انقلاب على محمّد بن سلمان ووالده سلمان بن عبد العزيز“.
كما أكد مغرّدون على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الفرضية وقالوا إنّ ولي العهد السعودي قام بعد الحادثة باتّخاذ إجراءات متّعددة في أعقاب الحادث وقرّر منع سفر أفراد العائلة الملكية إضافة إلى المسؤولين السّعوديين رفيعي المستوى إلى خارج السّعودية، وذلك بعد القلق الذي عاشه في ليلة السّبت تلك، حيث كان يخشى أن ابن عمه محمد بن نايف يخطط لإطاحته من منصب ولاية العهد.
لكن فرضية غياب محمد بن سلمان عن المشهد الإعلامي كل هذه الفترة لم تقف فقط عند حادثة القصور الرئاسية، إذ ذهبت بعض الروايات إلى تبرير غياب ولي العهد السعودي بسبب انشغاله بالمستنقع اليمني وأهم من ذلك كبح جماح منافسه محمد بن زايد الإماراتي الذي يتسابق معه في أخذ حصة أكبر من اليمن وتجلّى ذلك في قضية جزيرة سقطرى اليمنية.
بينما تشير بعض الآراء إلى أن هناك احتمال آخر وهو أن محمد بن سلمان وبناء على توصية من الغربيين قد تجنّب وسائل الإعلام لأنه منشغل في إكمال مشاريعه المغايرة للتقاليد والدين ومحاولاته لعلمنة المجتمع السعودي.. المشروع الذي بدأ بمكافحة الفساد وعملياً هو أخرج منافسيه المحتملين من الساحة، واستمر بعروض معادية للتقاليد والدين بهدف صرف أنظار الرأي العام السعودي عن الاستبداد الحاكم، وانتهاك حقوق الإنسان في السعودية.
فرضية أخرى ربما تكون أقل الاحتمالات، وهي حالة الإحباط التي انتابت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نتيجة فشل سياساته في المنطقة جرّاء هزيمة السعودية في الانتخابات البرلمانية اللبنانية رغم التهديدات والوعود والمحاولات المبذولة لزعزعة الاستقرار في هذا البلد إلى جانب فشلها في الانتخابات البرلمانية العراقية بعد مساعيها الجادة للوجود في الساحة العراقية الجديدة وأخيراً هزيمتها في سوريا بعد دحر “داعش” والمجموعات المتطرفة المنتسبة إليها خلال الشهر الأخير خاصة في العاصمة دمشق، هذه الأمور تعتبر من الأسباب الأخرى لغياب ابن سلمان عن وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة.