علاقة أمريكا بالدول الخليجية .. احتلالٌ أبيض أم دمى متحركة
عمران نت/ 08 مايو 2018م
ولاء بعض الدول العربية المُطلّة على الخليج الفارسي – خاصة في السعودية – لسياسات البيت الأبيض الأمريكي، لا يعني بأن هذه الدول قد اُحتلت من قبل أمريكا دون إطلاق حتى رصاصة واحد، بل يمكن القول بأنّ هذه الدول باتت تمثّل الوجه العربي للحكم الأمريكي.
هناك انطباع أن رؤساء بعض الدول العربية الغنية من تلك المُطلّة على الخليج الفارسي، وخاصة السعودية، يحاولون توجيه سياسات أمريكا في غرب آسيا من خلال إغراق واشنطن بالدولارات، غير أن مواقف حكومة ترامب حيال هذه الدول ومن خلال متابعة سياسات حكومة ترامب فإنّها لم تكتفِ فقط بجعل وجهة النظر هذه موضع شك، بل ساهمت في تقوية التكهنات بشأنّ دور حُكام السعودية والبحرين، حيث إنّها ليست أكثر من عميلة لأمريكا، ولا يمكن وصف حكامها سوى بـ “الحكام الدمى”.
أيٍّ من هذه البلدان لا يقوم نظام الحكم فيها على المشاركة الشعبية أو الانتخابات؟ إنّ حكام هذه الدول ينحدرون منها ويدينون لها؛ بالإضافة لوجود قوى أجنبية تحميهم مثل بريطانيا أو أمريكا، ويوجد العديد مع الأدلة التاريخية التي تدعم هذا الرأي.
وبعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض بدأ يتحدث حول “صفقة القرن” فيما يخصُّ القضية الفلسطينية، وبدورها السعودية رحبّت وعلى الفور بالصفقة الأمريكية، حتى أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان دعا الفلسطينيين إما إلى إقرار وقبول الصفقة أو الصمت.
وخلال الحرب على اليمن ورئاسة أوباما أو الرئيس الحالي ترامب؛ باعت واشنطن أسلحة ومعدات استخبارية تصل قيمتها مئات المليارات من الدولارات، وذلك من أجل منع إقامة دولة مستقلة في اليمن بعيدة عن الهيمنة السعودية، حيث تعتبر الرياض، “أنصار الله” يُشكلون تهديداً جديّاً لها، وتقول آخر الأخبار الواردة من هناك إنّ القوات الأمريكية متورطة مباشرة في الحرب على اليمن لإنقاذ السعوديين من المستنقع اليمني، وذلك من خلال وجودها على الحدود مباشرة مع الحدود السعودية اليمنية، حتى أنّ البيت الأبيض اعترف بالوجود الأمريكي هناك.
أمريكا وبأي شكّل من الأشكال لا ترغب ولا تؤيّد إقامة دولة مستقلة في اليمن تحيط بمضيق باب المندب، وهو طريق عبور رئيس لنقل النفط والغاز إلى قارة أوروبا والأمريكيتين، وبناءً عليه؛ فمن غير المستبعد أن يكون دخول السعودية في الحرب على اليمن هو لتنفيذ قرار صادر عن البيت الأبيض.
وفي سوريا؛ طالبت أمريكا أيضاً كلّاً من السعودية، قطر، والإمارات بإرسال التكفيريين من أفغانستان إلى سوريا، مع تحمّل كل التكاليف، والآن يطالب ترامب الحكومات العربية بإرسال جنودها وقواتها العسكرية إلى شمال سوريا لتحلّ محلّ القوات الأمريكية، بالإضافة لتحمل جميع التكاليف.
وفيما يخصُّ إيران التي تقع على رأس محور المقاومة، قامت أمريكا بتعبئة كل من السعودية والإمارات والبحرين لمواجهة طهران، وذلك لإشعال فتيل النزاع الطائفي وبهدف الوقوف في وجه محور المقاومة الذي يُقاوم الكيان الصهيوني.
بالإضافة لما سبق؛ تعمل دول في المنطقة مثل السعودية على محاباة أمريكا ووقوفها إلى جانب المحور “الصهيوني- الأمريكي” في مواجهة محور المقاومة الذي يسعى لتحرير الأراضي العربية والقبلة الأولى للمسلمين والتي يحتلها الكيان الصهيوني، وهنا يجب التأكيد أنّ جانب المحور “الصهيوني- الأمريكي” لا يمتلك حتى في بلدانها أي قاعدة شعبيّة، كما أنّهم يتصرفون بناءً على التعليمات التي تُملى عليهم للحفاظ على عروشهم.
وفي الوقت الذي تسعى فيه تلك الدول إلى بناء شراكات طويلة الأمد مع الكيان الصهيوني، لأنّهم يعتبرون إيران وحلفاءها في محور المقاومة أعداءً لهم، من المقرر أن تقوم أمريكا بنقل سفارتها في تل أبيب إلى القدس، وفي الوقت نفسه؛ هدد الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وفي خضم هذا التجاذب الدولي والإقليمي فضّل ملوك تلك الدول الصمت على تصرفات “ترامب” التي تتعارض مع القرارات الدولية بشأن نقل سفارته إلى القدس، غير أنّهم وقفوا إلى جانب ترامب الذي ينتهك قراراً مهماً لمجلس الأمن بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وفي الختام.. يمكن القول إنّ ولاء بعض الدول العربية في منطقة الخليج كالسعودية والبحرين والإمارات لأمريكا لا يعني أنها دولٌ تحكم نفسها، فالواقع يؤكد أنّ ملوك ومسؤولي تلك الدول ليسوا سوى “دمى” تمتثل للأوامر التي تتلقاها من البيت الأبيض.
ويصبح هذا الأمر أكثر مصداقية عندما نُراجع تصريحات ترامب التي أكد فيها أن هذه الحكومات لن تستمر لأكثر من أسبوعين إذا رُفعت الحماية الأمريكية عنها، فهل كان ترامب يرغب أم لا يرغب بالاعتراف بعدم شرعية حُكَّام السعودية وحلفائها؟