عـربدة دولية في #سـوريا
عمران نت/ 16 إبريل 2018م
بقلم / عـبدالله علي صبري
ما تعرضت له سوريا العروبة من عدوان ثلاثي سافر وسط تحريض ودعم من نظم أعرابية عميلة، لا يمكن النظر إليه من زاوية تداعيات ما يعرف بالربيع العربي فحسب، ذلك أن المشروع الأمريكي في المنطقة وهو يتلقى هزائم متوالية يحتاج إلى دفعة عسكرية تنطوي على رسالة سياسية للدب الروسي قبل غيره من القوى والمحاور الإقليمية في المنطقة.
ولأن المسألة تأتي في إطار اختبار مفاعيل القوى الدولية على الأرض، فإن ردة الفعل الروسية المرتقبة ستضع المنطقة والعالم في مفترق طرق، فإما استمرار النفوذ الغربي في ظل هيمنة القطب الأمريكي على العالم، أو الانتقال على نحو صريح إلى نظام دولي متعدد القطبية يتيح لروسيا وحلفائها مساحة أكبر من المناورة عسكريا وسياسيا.
المؤسف أن النظام العربي الرسمي يعيش حالة من التيه التي تجعل من منطقتنا العربية ساحة للصراع الدولي دونما استفادة حقيقية من حالة الاستقطاب الراهنة، بل أن الانحطاط وصل ذروته مع مطالبة أمريكا للنظام السعودي بدفع فاتورة بقاء القوات الأمريكية وقواعدها العسكرية في المنطقة إعمالا لشعار “ترامب”: الجباية مقابل الحماية.
وما لم تحصل صحوة عربية في النطاق الرسمي، فإن العربدة الأمريكية ستمضي في غيها على طريق تجزئة وتقسيم المنطقة بالموازاة مع استنزاف ثروة وأموال دول الخليج، وهو ما يصب مباشرة لصالح تفوق الكيان الصهيوني، ويصنع الكثير من المعيقات أمام محور المقاومة والممانعة المسنود إيرانياً.
في العام 2013م كانت أمريكا على وشك التدخل العسكري في سوريا ردا على مزاعم استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي، إلا أن شيئا من العقلانية أجبر واشنطن على التريث، خاصة أن تدخلها محكوم عليه بالفشل، وهذا ما دلت عليه التطورات الأخيرة، التي شهدت انتصارات متوالية للقيادة السورية وحلفائها.
واليوم وبعد عدة متغيرات اضطرت أمريكا للإعلان عن حلف ثلاثي للعدوان على سوريا، مع الزعم أن هذه الضربة الخاطفة والمحدودة لا تستهدف تغيير النظام السوري، ما يعني أن المسألة من ناحية الشكل لا تعدو عن كونها ضربة تأديبية، قد تدفع بالأمور إلى تسوية سياسية مقبولة من مختلف الأطراف.
بيد أن الرغبة الغربية في التهدئة لا تنم عن فهم للواقع والوقائع المستجدة، وما الحديث الروسي عن اختراق القانون الدولي وانتهاك سيادة سوريا إلا مدخل للرد المنتظر، والذي إن لم يحدث، فإنه سيعنى التواطؤ على انتهاك الإطار الناظم للعلاقات الدولية تحت مظلة مجلس الأمن والأمم المتحدة.
هنا لن يقتصر الضرر على سوريا وحدها، وسيغدو الباب مشرعا، أمام مختلف القوى المتصارعة التي ستنافس بعضها البعض في انتهاك ميثاق الأمم المتحدة وتقويض بنيانها المادي والمعنوي إلى أن يستقر النظام الدولي في تخلقه الجديد.