التوجيهات التي تضمنها كتاب الله، هي توجيهات من اللـه، قبل قائدك، قبل رئيسك، قبل رئيس حزبك، قبل أي مسمى أو عنوان آخر
عمران نت / 20 يناير 2018م
من هدي القرآن الكريم
الله جل شأنه حدد لنا كمسلمين وقدم لنا الضوابط المهمة للإتباع فقال:﴿ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾[الأعراف:3] التوجيهات التي تضمنها كتاب الله هي توجيهات مِن مَن؟ من ربِّك.. من ربِّك.. قبل قائدك، قبل رئيسك، قبل رئيس حزبك، قبل شيخك، قبل عالمك، قبل أي مسمى أو عنوان آخر، هذا فوق كل ذلك من ربِّكم مالككم مربيكم الذي أنتم مربوبون له، عبيد له، مصيركم إليه، سيحاسبكم، سيجازيكم، لكم به ارتباط وثيق وصلة قبل كل صلة، أنتم عبيده، لا تجعلوا آخرين من دونه بعيداً عن توجيهاته فيما يخالفه، فيما يخالف منهجه،﴿ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾[الأعراف:3].
يقول سبحانه وتعالى:﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الأنعام:155] كتاب الله، كتاب الله، أنزله الله لأن نتبعه، لنتبعه ونتمسك به، ونسير على ضوء توجيهاته وتعليماته، فلا يقدم لنا الآخرون تصورات ورؤى وأفكار ويبنون لنا مواقف وولاءات وعداوات وحروب وسفك للدماء وأمور كبيرة وهائلة ومدمرة لإيمان الإنسان ولمستقبله مع الله سبحانه وتعالى بعيداً عن القرآن الكريم.
يجب أن نحذر، أن نتقي الله،﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الأنعام:155] إذا أردتم الرحمة من الله فهي مرهونة باتباعكم لهذا الكتاب، فالطاعة العمياء والتبعية العمياء ضمن روابط سياسية أو روابط قبلية أو روابط أُسرية أو روابط اقتصادية هي خطأ.. خطأ يجب أن يحذرها مجتمعنا المسلم، وأن يستنير بنور الله ولا يسمع للناعقين بالفتن والمضلين الذين يناصرون الباطل، منتهى أمرهم حتى لو تلبَّسوا بالدين لو استخدموا الخطاب الديني لكن منتهى أمرهم لصالح الطغاة والظالمين والجبابرة والمستكبرين. لا ينبغي أن ينخدع بهم مجتمعنا المسلم.
الفوضى في الاتباع كارثة على الإنسان، ويوم القيامة حينما يكون الإنسان في موقف السؤال والحساب والجزاء يرى كم كانت خسارته كبيرة، عندما كان في واقع الحياة يعيش حالة الفوضى أو تحكمه مؤثرات وروابط معينة فاتبع على أساسها من خسر باتباعهم.
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾ [البقرة::165] تنشأ روابط قوية وعلاقات كبيرة ومحبة شديدة فيؤثرون اتباعهم وطاعتهم بعيداً وفيما يناقض ويخالف كتاب الله وتعليمات الله سبحانه وتعالى ﴿يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا للهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ للهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ العَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ العَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾ [البقرة:155-166]. عندما رأى العذاب، رأى نتيجة الطاعة العمياء والاتباع الأعمى فيما يناقض القرآن الكريم، فيما يبعد عن الله تأثراً بعوامل مادية أو طمع أو انبهار بقوة مادية وإمكانيات أو بأي شيء من العوامل المؤثرة، يندم حينما يرى عذاب الله الشديد، يرى بأس الله، وقوة الله القاهرة، وجبروت الله الذي لا يساويه شيء ولا يعادله شيء.
وأولئك الذين ناصرهم على باطل، وقف معهم في ظلم، قاتل معهم في طغيان وعدوان، ناصرهم بلسانه أو بسلاحه أو بماله، وقف معهم في صفهم فيما هم عليه من باطل أو عدوان أو ظلم، يتبرؤون منه ولا ينفعونه ولا يقفون معه في الموقف الأشد خطورة الذي هو في أمسِّ الحاجة إلى أن يقفوا معه، وقف معهم في مواقف الباطل في حالة العدوان لقاء شيء من حطام الدنيا أو لقاء روابط سياسية أو لقاء روابط قبلية أو ما شابه فخذلوه وهو في أمس الحاجة إلى من يقف معه وتبرأوا منه فكانت حسرته كبيرة وهو يرى أنه هلك من أجلهم، شقي من أجلهم، خسر الدنيا والآخرة من أجلهم، خسر نفسه ومستقبله الأبدي الدائم من أجلهم، فيمتلئ بالحسرات كذلك.
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا﴾[البقرة:167]، فلو يمكن لنا العودة إلى الدنيا مجدداً فيكونوا هم بحاجة إلى أن ننصرهم فيطلبون منا أن نقف معهم فنتبرأ منهم ونخذلهم كما خذلونا الآن كما تبرأوا منا﴿ كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾[البقرة:167].
يُقدِّم لنا القرآن الكريم في آيات الله وكلماته مشهداً آخر مشهداً مؤثراً ويجب أن نتأمله جيداً﴿ وَبَرَزُواْ للهِ جَمِيعًا﴾[إبراهيم:21] الكل، كل الناس بكل انتماءاتهم برزوا عبيداً خاضعين لله تحت قهره، تحت هيمنته، تحت سلطانه في ساحة الحشر يوم القيامة، يوم السؤال والحساب والجزاء جميعاً، لا أحد منهم يستطيع أن يمتنع أو يعترض، أو يدفع عن نفسه المسائلة والحساب والجزاء، الجميع في موقف الذل والضعف والعجز والاستكانة والعبودية الكاملة لله سبحانه وتعالى.
وهناك يدور هذا النقاش بين الجبابرة والطغاة والمستكبرين من زعماء الباطل والضلال والعدوان والطغيان، ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللهِ مِن شَيْءٍ﴾ [إبراهيم:21] كنا لكم في الدنيا تبعاً وكانت مواقفنا تصب في صالحكم، نحن كنا ضعفاء لا نملك شيئاً، أنتم الذين استفدتم من موقفنا قاتلنا ليكون لكم أنتم السلطة، ليكون لكم النفوذ والهيمنة، خسرنا وتعبنا لتكسبوا أنتم مكاسب مادية وسياسية، عملنا من أجلكم وإلا فكنا ضعفاء لم نسفيد إلا الفتات والقليل القليل مما لا يعتبر شيئاً، ﴿كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾.
وهذه الفوضى في التبعية ضمن روابط لا تفيد الإنسان شيئاً في ذلك اليوم في ذلك الموقف، فهل أنتم الآن متجملون فينا بشيء، نصرناكم، قاتلنا معكم، أيدناكم، صفَّقنا لكم، وقفنا معكم في باطلكم لتحصلوا على السلطة، لتحصلوا على المال، لتحصلوا على مكاسب معيَّنة، نواجه من تريدون، فهل تنفعونا اليوم ولو بشيء؟ تدفعون عنَّا من عذاب الله من شيء؟ حتى تكافئونا على مواقفنا معكم في الدنيا؟.
﴿قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللهُ لَهَدَيْنَاكُمْ﴾ [إبراهيم:21] لأنا في حال لم يعد ينفع فيه إلا الهدى، من كان مهتدياً في الدنيا هو من سيكسب الآن النجاة، من كان مع المهتدين في الدنيا وتمسَّك بالهدى في الدنيا هو الآن من تضمن له السلامة والنجاة، فنحن لم نكن مهتدين، فلم تكونوا باتباعكم لنا مهتدين فلن تسلموا، ولم ينفعنا لا نحن ولا أنتم أي شيء ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ﴾ [إبراهيم:21]، لا خلاص ولا هناك شيء يمكن أن يدفع عنا، لا صبر يفيدنا ولا جَزَع يفيدنا، كلما هناك هو العذاب والشقاء والخسران.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة بعنوان (القرآن الكريم) 7/ رمضان 1433هـ.
القاها السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.