الرقصة الأخيرة؟!

عمران نت/ 16 ديسمبر 2017م 
بقلم/ زيد البعوه.
لطالما عزف بالكمان المفخخ على نحور خصومه ولطالما دق الإيقاعات الملغومة على جماجم اعدائه كان بارعاً في العزف على أوتار الخيانة والخداع الى درجة ان ترنيماته تدوخ معارضيه وتودي بهم الى الهلاك والى درجة انه كان امبراطور السيمفونيات السياسية وموسيقار الحروب والصراعات الداخلية كل عام وله البوم جديد وكل فصل سنوي ينزل له اكثر من فيديو كليب ليس في مجال الغناء الرومنسي والغرامي بل في مجال السياسة والحكم والتسلط والكذب والخداع كان فريداً في عالمة الى درجة ان المبغضين له يحبون الاستماع اليه وتقليده واخذ الدروس منه في فنون المراوغة والنفاق والتغلب على الحاقدين عليه ..
قال ذات يوم مقولته المشهورة ( ان الحكم في اليمن كالرقص على رؤوس الثعابين ) وفعلاً استطاع هذا الرقاص السياسي ان يكون الأول والأبرز في مجال الرقص الفريد من نوعه والذي يختلف تماماً عن هز الخصر وتمايل الرؤوس في الحفلات والأعراس والأفراح والنوادي الليلة بل كان اخطر من كل أولئك الرقاصين جميعاً لم يتعلم الرقص في مدرسة هندية على ايدي شاروخان او سلمان خان او غيرهم بل صنع رقصة وحيدة فريده ظل يمارسها 33 عام اثناء فترة حكمه في اليمن بعد ان استطاع ان يتخلص من الغشمي والسلال ويغتال إبراهيم الحمدي ثم بدأ مسيرة الرقص في القصر الجمهوري بصنعاء رغم الكثير من المعوقات التي هزت مسرح الرقص التابع له ..
كان سياسياً من الطراز الأول لكن سياسياً في ما يخدم مصالحه هو وليس في ما يخدم مصالح الشعب اليمني تعرضت مسيرة الرقص الذي كان يمارسه لأعوام طوال لعدد من الهزات لكنه لم يتأثر بل يظل يمارس رقصته الثعبانية في الوقت الذي هو يخمد أي نار تشتعل تحاول ان تنال منه في عام 90 استطاع هذا الرقاص الماهر ان يصل الى اتفاقية مع الجنوب اليمني بقيادة علي سالم البيض تفضى الى توحيد اليمن وكان نصراً خاطفاً لكن هذا الرقاص المبدع كان يحاول ان يلقي بنائبه من على المسرح السياسي الى خارج السهرة من خلال التهميش والاقصاء والتخوين واستطاع فعل ذلك في عام 94 حين القى بالبيض خارج اليمن بتهمة الانفصال بعد ان ارتكب ابشع الجرائم بحق الجنوبيين ثم احتفل على ساحل البحر العربي بذلك النصر وهو يمارس رقصته المشهوره…
واستمر الرقاص يلعب على الحبلين في الجنوب والشمال ينهب الثروات والأموال ويشيد مملكة عفاش الحميري تحت مسمى الجمهورية خاض اكثر من عملية انتخاب رئاسية لكنه هو من كان يختار منافسيه كنوع من أنواع رقصاته ليظهر امام العالم ان هناك حرية اختيار الرئيس والحاكم في اليمن كان يرقص في سياسته مع دول الوطن العربي رقص شرقي كزعيم محنك يرضي هذا ويداري ذاك وفق ما ترضى عنه إدارة القصر الملكي في الرياض الذي كان يعبد ملوكه اكثر مما يعبد ملك السماوات والأرض اما مع دول الغرب فقد كان يرقص لهم رقصات غربية عجيبة يؤيدهم ويمتثل لأوامرهم ثم يظهر في نفس الوقت على انه خصم لدود لهم فكانت رقصته تعجبهم الى حد الثماله..
كان يرقص حتى في مجال التعبد والصلاة والصيام يرقص رقصات لم ينص عليها فقه الإسلام يدعم الأخوان المسلمين ويبني لهم جامعة سماها جامعة الايمان وسمح بتغيير المناهج وفق الدين الوهابي المستورد من السعودية اما بخصوص المذهبين الزيدي والمذهب الشافعي الذين هم اعمق واقدم مذهبين في اليمن فقد رقص معهم رقصة الأقصاء والتهميش ومحاولة المسخ والتخلص منهم واي عالم دين او حركة تحرر تناهض المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة تبرز في اليمن يرقص عليها رقصة بعنون التمرد والإمامة والكهنوتية ويقتل من يؤيدها او ينتمي اليها ويحتفل بعد ذلك بالجمهورية وهو يرقص رقصته المعتاده..
استمر هذا المهرج يرقص حتى عام 2011 وخرجت ضده ثورة شعبية عارمه من مختلف الأحزاب والمكونات حتى من حزبه حاول ان يرقص وفعل واستطاع ان يبعد نفسه عن أي عقاب او حساب او محاكمة وبقي يمارس دوره السياسي في اليمن كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام حيث رقص على مسرح الحزب واختطف لقب الزعيم ثم حصلت متغيرات واحداث وحوار وطني واتفاق سلم وشراكه بين اليمنيين وهرب هادي من صنعاء وقرر ال سعود والامريكان ان يشنوا عدوان ظالم على اليمن تحت عنوان إعادة الشرعية فقام هذا الرجل ومارس طقوس الرقص وجلس على مسافة قريبه من كل الأطراف من هادي ودول العدوان وانصار الله لم يكن محايداً بمعنى الحياد ولا ضد العدوان بمعنى الجهاد والوطنية ولا مع العدوان بشكل ظاهر ومكشوف بل يلعب في كل الاتجاهات من خلال رقصته الملعونه..
رقص خلال العدوان على اكثر من صعيد كان يوهم الشعب انه ضد العدوان لكنه كان في الخفاء على تواصل مع قادة دول العدوان وتنسيق مباشر معهم للعمل لمصلحتهم وعرقلة أي اعمال من شأنها اصلاح الوضع في الداخل وتعزيز الصمود الشعبي في مواجهة العدوان كان من خلال حكومته ومعاونيه يعمل على اللعب بمؤسسات الدولة بالمراوغة والمكر وسياسية المد والجزر ثم حاول ان ينقلب في ذكرى تأسيس المؤتمر ويعلن مبادرة استسلام لكنه فشل بسبب وعي الشعب اليمني والتفافه حول القيادة الثورية كانت الرقصات المشؤمة الأخيرة غير موفقه مما اضطره ذلك الى استخدام تكتيك جديد يعتمد على الجانب الأمني والعسكري لعل وعسى ونجحت الرقصة الأخيرة..
لكن نهاية عام 2017 وتحديداً في يوم الثاني من ديسمبر قرر صالح ان يخلع القناع عن وجهه وان يكشف حقيقته للناس ويمارس رقصته المشهورة وهو لم يكن يعلم انها ستكون الأخيرة انقلب علي عبد الله صالح على انصار الله وايد دول العدوان على اليمن ودعا لفوضى عارمة في اليمن تحت ما يسمى استعادة الجمهورية رقص صالح يوم الثالث من ديسمبر على جثث واشلاء الكثير من المواطنين في صنعاء بسبب اعمال تخريبية بقيادته هو وقيادة ابن اخية طارق عفاش لكن يوم الرابع من ديسمبر كان بمثابة تاريخ الانتهاء حيث رقص صالح رقصة الموت وهو في طريقه الى مارب ليلتقي بقيادات إماراتية وسعودية ليساعدهم في احتلال صنعاء واستعمار اليمن بعد ان هزم وفشل في صنعاء رقص ملك الموت على جثمانه واختطف روحه الشريرة وانهى اللعبة قتل عافش وفشل مشروع العدوان وبقي اليمن حراً عزيزاً يقاوم الطغاة والجبابرة والمعتدين بعد ان استطاع اليمنيين ان يقدموا لدول العدوان درس وعبره من رقصة صالح الأخيرة.

مقالات ذات صلة