مواهب وإمكانات اللاجئين السوريين، من يشتري؟
بطريقة غير شرعية اضطر كابتن منتخب سوريا للناشئين المتأهل لكأس العالم لكرة القدم محمد جدوع الهروب من الحرب المشتعلة في مختلف المدن السورية إلى إيطاليا، وخاصةً بعد أن قتل أحد زملائه في المنتخب إثر سقوط قذيفة هاون خلال تدريبات المنتخب في دمشق.
فالجدوع يتمتع بموهبة فذة وساهم بشكل كبير في تأهل منتخب سوريا للناشئين إلى
كأس العالم لكرة القدم رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد حسب صحيفة ماركا الإسبانية المقربة من نادي ريال مدريد الإسباني.
أما باسل نويلاتي قال في حديثنا معه: “قبل أن آتي إلى لبنان كنت ألعب كرة السلة لحوالى 13 عاماً وكنت كابتن الفريق بالإضافة إلى ذلك لعبت مع المنتخب الوطني السوري وعندما دخلت إلى لبنان تغيرت الحياة كلياً عما كانت عليه في سوريا “.
فالذكاء بالنسبة إليه هو من يتأقلم مع كافة المتغيرات، فأكمل دراسته بعيداً عن بيته وأهله وأصدقائه واستطاع أن يكوّن حياة جديدة في لبنان. وقد حاز السنة الماضية إجازة في الصحافة من الجامعة اللبنانية – كلية الإعلام وحضل عى المرتبة الثالثة والآن يكمل دراسته لأخذ شهادة ماجستير في الصحافة.
“كل شيئ قبل الحرب كان جيداً” تقول الأختان سارة ويسرى مارديني، اللتين كانتا قد قفزتا من قارب مطاطي راح يتمايل وسط مياه بحر ايجه وهو يحمل اللاجئين باتجاه اليونان.
فهما كانتا من بين ألمع نجوم السباحة في سوريا. وكانت يسرى التي تبلغ 17 عاماُ من عمرها قد مثلت بلدها في بطولة العالم للمسافات القصيرة في تركيا عام 2012، لكن الحرب دفعت بالأختين بعيداً عن ميدان السباحة. أما سارة البالغة من العمر 20 عاماً قالت “لم أكن خائفة من الموت، كان بإمكاني السباحة للوصول إلى الجزيرة، المشكلة التي كانت تشغلني هي الركاب العشرون الباقون. عملت في سورية منقذة في بركة للسباحة، وما كنت لأغفر لنفسي لو سمحت لأحد أن يغرق”. وتمسك السباحون بالحبال التي تتدلى من جوانب القارب لنحو 3 ساعات إلى أن وصلوا إلى الشاطئ في جزيرة لسبوس اليونانية، ثم اتجهت الأختان في رحلة برية طويلة إلى النمسا ثم أخيرا إلى ألمانيا.
وبعد فترة وجيزة من وصولهما إلى برلين قامت جمعية خيرية محلية بإدخالهما إلى نادي سباحة قريب من مخيم اللاجئين يحمل إسم ” Wasserfreunde Spanddau 04″.
حقق الكثير من أبناء السوريين من اللاجئين إلى ألمانيا نتائج مذهلة في المدارس، بعد فترة قصيرة نسبياً من وصولهم إليها، فما سبب هذا التفوق؟ ومن المستفيد من الأدمغة السورية؟أجرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين دراسة جديدة من خلال فرق الحماية التابعة لها على الحدود في مواقع مختلفة في اليونان، تبيّن من خلالها أنّ معظم اللاجئين هم من الطلاب والمهنيين العاملين، علاوة على المعلمين والمحامين والأطباء والخبازين والمصممين ومصففي الشعر والمتخصصين في تقنية المعلومات، وأنّ 86% من الذين تمت مقابلتهم في المسح حاصلون على مستوى عال من التعليم.
وتستند الدراسة إلى مقابلات أجرتها فرق الحماية على الحدود التابعة للمفوضية في مواقع مختلفة من اليونان على طول الحدود اليونانية-التركية. الغالبية العظمى من الذين شملهم الإحصاء (78 في المئة) كانوا دون الـ 35 عاماً.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك الأطباء والمهندسون السوريون أيضاً في ألمانيا، فخلال الأزمة السورية لجأ إلى هذا البلد الأوروبي 5 آلاف طبيب سوري وما يقارب هذا العدد من المهندسين، يعني ذلك أن حوالى 8 مليارات دولار أنفقتها سوريا على تأهيلهم انتقلت عبر هؤلاء لتستثمرها ألمانيا.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، من المستفيد من إفراغ سوريا من عقولها وأدمغتها ومهنييها؟ هل هذا كان جزء من مخطط تدمير الإنسان في سوريا بعد محاولة تدمير حضارة هذا البلد وثقافته؟
أوروبا اليوم لا تفضل إلا حاملي الشهادات. تقرير حديث نشره موقع إذاعة “هنا أمستردام” عن المهندس المعماري السوري ويتم تداوله بأن دول أوروبا الغربية تفضل ذوي الشهادات من اللاجئين السوريين.
هذه فرصة القارة العجوز لاستغلال الموقف والأدمغة السورية والحفاظ عليها، وسوريا بحاجة إلى السلام والنهوض إلى الحياة مجدداُ بأناسها، فكيف سيكون المستقبل؟