إصلاح القضاء
عمران نت/ 20 نوفمبر 2017م
بقلم / عبدالله علي صبري
– أثارت التغييرات الأخيرة التي طالت مواقع قيادية في السلطة القضائية الكثير من التساؤلات التي انطوت بعضها على نقد لاذع للمجلس السياسي الأعلى نظراً لما قيل أنه خضع لمنطق المحاصصة بين الشريكين السياسيين : المؤتمر وأنصار الله، وحاول بهذه القرارات إرضاء المؤتمر الشعبي العام الذي كان ساخطاً على قرارات سابقة للمجلس قيل أنها كانت لصالح أنصار الله .
والحقيقة أنه بغض النظر عن تقييم الأشخاص السابقين أو الجدد، فإن وضع القضاء برمته يحتاج إلى وقفة جادة وعاجلة ينهض بها رجال القضاء أنفسهم، فمن غير المنطقي أن تبقى السلطة القضائية في كنف السلطة التنفيذية، فمع أن ذلك على الضد من استقلالية القضاء ومبدأ الفصل بين السلطات، فإنه في نفس الوقت يعترض سير العدالة التي لا يمكن الوصول إليها في ظل تسييس القضاء واخضاعه للمحاصصة الحزبية!
من أجل العدالة ومن أجل بناء مؤسسات الدولة وإعادة فاعليتها لا مناص من تمكين السلطة القضائية، وفصلها نهائياً عن السلطة التنفيذية، وهذا يقتضي أن يقوم ” نادي القضاة “، أو جمعية القضاة أو ما يماثلهما، بالوقوف على حالة القضاء وتقييم الدور المناط بأجهزة العدالة، واقتراح المعالجات والتشريعات التي تصب في خانة استقلالية القضاء، وفرض قوة العدالة وهيبتها على المجتمع ومحاصرة تدخل مختلف القوى النافذة السياسية والاجتماعية في أداء المحاكم والنيابات وتعطيل قراراتها.
حين يحدث ذلك سيكون من السهل على القضاة انتخاب القيادات العليا للسلطة القضائية، وإعمال النظم واللوائح الداخلية في الحد من فساد وعبث المتلاعبين بالقضاء وبموضوعية العدالة التي ينشدها المجتمع، وسيكون متاحاً للقضاة تشكيل المحكمة الدستورية العليا المختصة بالفصل النهائي في النزاع بين اختصاصات السلطات على النحو المعمول به في الدول المتقدمة.
وإن من شأن حراك كهذا أن يضع حداً للاجتهادات الشخصية التي تحكم أوضاع القضاء، والأهم من ذلك، أن يساعد على إنصاف المظلومين ومحاسبة الفاسدين والعابثين، خاصة أن رقعة المظالم تزداد يوماً بعد يوم، فيما المواطن الذي لا يملك مالاً أو وجاهة يعيش الألم والحسرة حين ينشد العدالة فلا يجد مغيثاً !
إذا كانت العدالة أساس الملك، فإنها في ظل الحرب والعدوان أساس النصر، وسبق أن قيل أن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة على الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة.. فاعتبروا يا أولي الأبصار.