خيارات المقاومة اليمنية

عمران نت/ 27 أكتوبر 2017م

إيهاب شوقي / صحافي مصري
في علوم السياسة، فإن صراع القيم هو أعنف أنواع الصراعات وأعقدها، لأنه غير قابل لتسويات على حساب المبادئ والقيم الرئيسية والقناعات، بينما صراعات المصالح يمكن حلها بطرق أسهل عند تقسيم النفوذ أو احترام التوازنات.

والحاصل أن الصراع في اليمن متشابك ولأطراف المختلفة اللاعبة على الساحة رؤى مختلفة للصراع، فبعضها يتصارع على المصالح وبعضها يتصارع على القبلية والعرقية وبعضها يتصارع على القيم الإيدلوجية.

واختلاط هذه الأنواع هي ما يطيل أمد الحرب ويعقد التسويات ناهيك عن الصمت الدولي بسبب التعتيم تارة والرشاوى وشراء الذمم تارات!

والمتابع لمراكز الدراسات الأمريكية يرى لغطا وجدلاً حول الدور الأمريكي، حيث هناك اتفاق على ما تقوم به أمريكا فعلياً وبين ما تجنيه عمليا والجدل الأكبر حول الهدف من تدخلها المباشر في آتون الصراع.

فهناك اتفاق بات معلناً عن الدور الأمريكي في تزويد الطائرات السعودية في الجو بالوقود وكذلك في أمدادها بالذخائر والقنابل بما فيها المحرمة دولياً، إضافة الى تحديد الأهداف استخباراتيا.

بينما الجدل على العائد السياسي والاستراتيجي من معركة فاشلة محصلتها قتل المدنيين وتجويع وحصار الأطفال ونشر الأمراض والأوبئة.

إن أمريكا بين الحين والآخر تقوم بغارات على تنظيم القاعدة، وربما هذه الغارات لأسباب داخلية أمريكية خاضعة لجلسات حساب في الكونجرس أو تصدير للرأي العام لدافعي الضرائب، أما عملياً فإن الإدارة الأمريكية تريد اليمن أما ساحة خالية من السياسة والإيدلوجية، وأما ساحة موالية للأهداف الأمريكية والصهيونية، كما أن أمريكا تنظر للصراع باعتباره صراع مصالح بالأساس، وبالطبع تتداخل معه أسباب أيدلوجية.

أما السعودية فالحاصل من الشواهد والتاريخ والممارسة أنها تنظر للصراع بشكل أيدلوجي طائفي بالدرجة الأولى يليه المصالح، وإلا لو كانت السياسة والمصالح بالدرجة الأولى لكانت الممارسة مختلفة والتسوية ممكنة.

أما الأطراف اليمنية المقاومة للعدوان، فبعضها ينظر للصراع من جهة المصالح والبعض من جهة القيم، وتزداد شراسة وبطولة المقاومة عندما تعلو النزعة القيمية وهذا هو مصدر التباينات بين الأطراف المتحالفة في معسكر المقاومة للعدوان.

لا نقول إن الناظر للمصالح هو مدان، ولكن نقول إن التباينات التي تولد بعض الاختلافات والتي تتعدد مستوياتها من الخلافات المقبولة الى الخلافات الخطيرة والتي تشكل خطراً مفاده التفكك، مصدرها طبيعة الصراع ونوعه.

ومحصلة الوضع الراهن هو ان الحرب امدها طويل وممتد باعتبار الخزينة مفتوحة لا يغلقها النهم الإيدلوجي السعودي ولا يكبح جماحها الاستفادة الأمريكية دون رادع يهدد الإدارة، كما أن بسالة المقاومة وانطلاقها أيضاً من نظرة قيمية للصراع لدي البعض وعدم وجود نافذة لتسويات مصلحية لدى البعض الآخر بسبب المعركة الصفرية السعودية، كل ذلك يؤدي الى طول المعركة.

والمخرج الوحيد للمقاومة اليمنية هي التهديد المباشر للمصلحة الأمريكية وإيلام العدوان بقدر الاستطاعة والعمل على كل ما من شأنه إزالة التناقضات الداخلية في المعسكر المتحالف لمواجهة العدوان.

هي ثلاثة مبادئ استراتيجية ينبغي تفعيلها بشكل متزامن والأهم بشكل عاجل لأن الوقت وطول الأمد قد يشكل خطورة استراتيجية مفادها المزيد من الخسائر ومزيد من احتمالات تفكك المعسكرات، ولا سيما وسط مناخ إقليمي ودولي متهافت لا يعبأ بالقيم ولا يعترف سوى بشريعة الغاب.

فلتكن مواجهة حاسمة وليتم التعجيل بالخيارات الاستراتيجية المتاحة.