جدلية الانتصار على العدوان واستمراره ورسائل مهمة !!
عمران نت/ 17 أكتوبر 2017م
بقلم /عبدالله مفضل الوزير
الخروج من قوقعة الطابور الخامس الذي يريد أن يغرقنا في همومنا الداخلية المترتبة على معاناتنا التي خلفها العدوان، يجعلنا أمام فضاء رحب ننظر من خلاله انتصارا حققناه دون علمنا، وقفزة نوعية تحققها اليمن بين اللاعبين إقليميا.
ما لا نعرفه أننا انتصرنا على هذا الكم الهائل من البشاعة في القتل والتدمير، وعلى أكبر إمبراطوريات المال والقوة في العالم وأن أعتاب مرحلة جديدة تعيشها المنطقة والعالم باتت واضحة للعيان.
قد يتساءل البعض لماذا يستمر العدوان إذاً؟
حسنا، البلد الذي شن علينا العدوان هي أمريكا وبأدوات تولت كبرها السعودية والإمارات.
خارطة الأولويات في السياسة الأمريكية تغيرت لصالح اليمن، واتجهت نحو إيران وسوريا ولبنان والعراق، فثمة مشروع على أعتاب النهاية “داعش” وبروز مشروع محور المقاومة بقوة هو ما غير أولويات السياسة الأمريكية، وقد يقود إلى صدام إقليمي قريب.
إلى وقت قريب كانت أمريكا تمتلك سبل إيقاف العدوان على اليمن والخروج برصيد كبير لصالحها لو أنها أخذت ما قدم لها في مفاوضات الكويت من تنازلات كانت إلى الحد المسموح به وقدمتها القوى الوطنية أو قيادة الثورة لإبداء الرغبة في السلام ومعذرة أمام الله والمجتمع الدولي.
رفضت الولايات المتحدة عبر سفيرها هذه التنازلات وراهنت على الحرب الإقتصاديه، وقال سفيرها بالحرف الواحد “إما أن تقبلوا الاستسلام أو سنجعل عملتكم لا تساوي الحبر الذي كتبت عليه” وكان رد رئيس الوفد الوطني “اقض ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا”.
راهنت أيضا على استثمار معاناة الناس عبر الطابور الخامس وتحميل منهم في طليعة الشعب مواجهة للعدوان السبب في المعاناة واتهمتهم بالخيانة واللصوصية بل والخيانة أيضا عسى أن يتم إسقاطهم في ظل صفقة بين الطابور الخامس والأسياد في مسار تسابق العملاء على كسب دفة الخيانة والعمالة.
لا يهم إن كان الطابور الخامس استثمر انتمائه لحزب محسوب على مواجهة العدوان، وكان بإمكان هذا الحزب ولازال بإمكانه التخلص من هؤلاء بسهولة كونهم يضرون به أكثر من غيره خصوصا أن هذا الحزب يعرف تفاصيل المؤامرة وما توعد به الأعداء في مفاوضات الكويت.
المهم اليوم أن موازين القوى تغيرت وما كان بإمكان الأعداء التقاطه من تنازلات في السابق لم يعد متاحا اليوم كون المعطيات وموازين القوى قد تغيرت لصالح بلدنا.!!
اليوم لا يمكن للسعودية أن توقف العدوان وتخرج بماء الوجه وتبقي على تواجدها مع الإمارات والمرتزقة متعددة الجنسيات في الجنوب، لأن هناك تواجد يمني يتطور كل يوم في جنوب المملكة ولن يتم الخروج منه الا بعد الخروج من الأراضي المحتلة في الجنوب وكل المناطق المحتلة.
في معادلة الردع والرد لم يعد أمام السعودية والإمارات من أوراق كانت تمتلكها في السابق ويمكن توظيفها لصالح التفاوض بما يفضي إلى خروج القوات اليمنية مما تسميه “الحد الجنوبي” ومن ذلك إمكانية التفوق العسكري بما يفضي إلى احتلال الحديدة، أو الدفع بأعداد كبيرة من المقاتلين لاحتلال مناطق جديدة في الجبهات الداخلية.
إلى المخا وكفى وفي أماكن محددة ومرسومة من قبل اليمني تكتيكا فقط، أما النقاط الحمراء فلا يمكن للمحتل تجاوزه، ولكون معركة الساحل ذات استراتيجية أمريكية إسرائيلية، قبل أن تكون ذات اهتمام خليجي، فإن دول الأدوات حانبة اليوم في عنق الزجاجة، كون استمرارها في العدوان على اليمن يكلفها الكثير بشريا وماليا، وتأزمت أوضاعها الداخلية، وأيضا تتنامى قدرات المقاتل اليمني كل يوم، وبات يمتلك قدرات نوعية خلقت معادلة جديدة غيرت موازين الردع والقوى وقواعد الاشتباك بشكل جذري.
أيضا حكومة المرتزقة باتت ملزمة مع كل احتلال لأراضي جديدة بتوفير نفقات تشغيلية لمؤسسات الدولة وشراء الولاءات في هذه المناطق، لكنها اليوم تعاني من أزمة مالية كبيرة قد تودي بالاقتصاد اليمني إلى الهاوية قريبا!! وللمجتمع الدولي أن يتساءل عن حجم الجريمة التي اقترفها بموافقته وتواطئه على نقل البنك المركزي إلى عدن.
تدرك السعودية أن عدد قتلى جنودها يتزايد كل يوم ولم يعد بمقدورها جلب مرتزقة من مختلف دول العالم خصوصا اذا ما أدركنا أن السياسات الرعناء للطفل المدلل محمد بن سلمان في تعامله مع المرتزقة قد أدت إلى إحجام كثير من المرتزقة عن المشاركة في القتال في الحد الجنوبي كقطر وحزب الإصلاح الذي يتواجد اليوم بدون عقيدة ولا أيدلوجيا مبررة خصوصا بعد استهدافه بتعارض مصالحه مع مصالح الأسياد بعدما ظهرت الأزمة القطرية، وكثرت التهكمات على قيادته ومشروعه.
وباستثناء السودان التي يحكمها رئيس غبي بات يواجه اليوم غضبا شعبيا على خلفية مقتل الكثير من جنود السودان في ميدي والحد الجنوبي، فإن ادعاء شراء منظومة إس400 لم يعد يجدي لرفع الروح المعنوية إما حقيقة ذلك فكعدمها!!
نعم باتت الأخبار اليوم تأتينا كما لو كنا في بداية العدوان حينما كانت تحمل في طياتها قتلى سعوديين كل يوم، قبل أن يتمكن النظام من شراء مرتزقة تلاشوا وصار لزاما عليه اليوم أن يدفع الضريبة من دماء جنوده، حتى تسرب الرعب إلى قلوب كل السعوديين.
العنجهية الإماراتية كسرت بصاروخ واحد فقط لم يتم الإعلان عنه وكانت تجربة يمنية لهذا الصاروخ وهذه من عجائب ما من الله به على الشعب، إذ أن كوريا الشمالية بعظمتها وخبرتها عندما تطلق صواريخها للتجربة تخطأ مسارها مرارا، أما في اليمن فلم يحصل ذلك على الإطلاق، وإذا ما أطلقنا العنان نحو الإنجازات الثورية في الصناعات العسكرية سنجد أنفسنا أمام ثورة صناعية ونقلات نوعية سواءً في القوة الصاروخية أو البحرية أو البلا طيار أو سلاح الدفاع الجوي!
في بداية العدوان قيل لرئيس الثورية العليا محمد علي الحوثي نريد منكم أن تعترفوا بالهزيمة وسنوقف العدوان، فرد عليهم بأن الانتصار لا يحتاج إلى اعتراف الطرف الآخر بالهزيمة كونه سيخلق واقعا يشهد بذلك، واليوم لم يتغير الحال لصالح العدو بل كان الأفضل له إيقاف العدوان مع تلك المعطيات التي كانت لصالحه ولم يعد يمتلكها اليوم.
حجم العدوان والمشاركين فيه لا يمكن الغفلة عنه هذا والانتصار كان بمثابة المعجزة ولابد من تضحية فمن يعاني من حصى في رئته عليه أن يتقبل الجراح لشق بطنه من أجل إخراج الحصى!
ولو لم تصل المعاناة إلى لقمة العيش لأمكن للكثير النظر بوضوح نحو هذه الانتصارات، وهنا يمكننا أن نصارح الحكومة أنها فشلت فشلا ذريعا والسبب هو أن النقاط ال12 كانت كفيلة بالحل الجذري وتم التغافل عنها لسبب وجود فئة فاسدة مسيطرة على مؤسسات الدولة، استطاعت أن تفرض إرادتها، وما يدعو للعجب هو لماذا تجاهلها وهي حل جذري لمعاناتنا؟
يبحث الإماراتي والسعودي عن خروج آمن من هذا العدوان بمكاسب الجنوب والشرق مع باب المندب، وستقبل بالخروج من أغلب هذه المناطق على أن تبقى لها امتيازات في عدن وحضرموت وسقطرى لكن الأمريكي وبالرغم من تغير أولويات سياسته الخارجية لا يقبل بذلك ويضغط على أدواته.
السبب في ذلك يعود إلى تنامي قوة اليمن كقوة إقليمية ظهرت بقوة، وتجاهلها خطأ استراتيجي، وسبل مواجهتها عسكريا منعدمة “يحس الأمريكي بالإعياء” ويرى أن بقاء الحال على ماهو عليه الآن يخدم استراتيجيته المؤجلة بإضعاف السعودية تمهيدا لمشروع التقسيم ويكسبه المال.
المرحلة المقبلة:
الرهان اليوم أكثر من أي وقت مضى هو على نشاط الطابور الخامس وخونة الداخل، ومالم يتم الانتباه لمؤسسات الدولة وخصوصا الإيرادية فإن الخطر كبير، لأن العدو من الناحية العسكرية غسل يده تماما، ولأن الطابور الخامس حقق نجاحات كبيرة فإن الرهان عليه اليوم أكبر من أي وقت مضى، ولا يمكن مواجهته بالطرق التقليدية بل يجب الاعتماد على الأساليب العلمية والخطط المنظمة والعمل المؤسسي والتفعيل الجاد لمؤسسات الدولة وتطبيق النقاط الـ12 قبل فوات الأوان وينبغي أن يكون هناك كوادر نوعية وذات كفائه ونزاهة قد تم إعدادها أو اختيارها وفق قاعدة بيانات معدة سلفا بما يضمن النجاح.
ولاضطلاع الشعب بمسؤولياته وخصوصا العقلاء والحكماء بشكل أكبر لابد من رفع مستوى الوعي بالاعتماد على أساليب الإعلام الحديثة، إذ لا يتصور أننا بعد كل هذه المدة من العدوان لم نطور أساليب العمل الإعلامي وإزالة الحالة القائمة اليوم من الرتابة والجمود التي خلفتها أساليب تنفذ كإسقاط واجب دون النظر لما تحقق من نتائج ثم نلقي باللائمة على المجتمع أو طرف آخر هو أضعف مما تتصورون!!