الإمام زيد وعي وجهاد
عمران نت/ 16 اكتوبر 2017م
بقلم/ زيد البعوة
من ذكرى هيهات منا الذلة إلى ذكرى من أحب الحياة عاش ذليلاً، وبين المناسبتين معركة حامية بين طغاة العالم وشعب الإيمان والحكمة الذين صمدوا على مدى عامين ونصف عام في وجه أعتى طغيان اجرامي عرفته البشرية يتمثل في العدوان السعوديّ الأَمريكي على الشعب اليمني هذا العدوان الذي خاف من الثقافة القُرْآنية ثقافة الجهاد والاستشهاد التي يحملها هذه الشعب ويعمل بها في الواقع قولاً وعملاً ولأن هذه الثقافة تمثل مصدر قلق للمجرمين والطغاة فكان لا بد من محاربتها ومحاولة تضييعها وقتل أهلها وهم لا يعلمون أن هذا مستحيل فنور الله لا يمكن إطفاؤه.
لم تكد تمر أيام قلائل على ذكرى فاجعة كربلاء التي استشهد فيها الامام الحسين عليه السلام في العاشر من شهر محرم الحرام حتى أطلت علينا ذكرى أُخْرَى لا تقل أهميّة وايلاماً عمن سبقها ذكرى استشهاد حليف القُرْآن الإمام زيد بن علي عليه السلام الذي كان ابرز أهدافه الخروج على الظالم من منطلق القُرْآن الكريم لإقامة العدل ومحاربة الظلم والجور في أي زمان ومكان وهذه الإمام العظيم الذي يعتبره الشعب اليمني مدرسة نورانية جهادية ينهلون منها الكثير من الدروس في التضحية والجهاد والعمل والعطاء والمعرفة والوعي وهم اليوم يسيرون في نفس الطريق يواجهون الظلم والطغيان العالمي بنفس القيم والمبادئ التي كان يحملها الإمام زيد..
من مميزات الثورات التي خرجت ضد الظالمين بقيادة أهل البيت عليهم السلام انها لا تتوقف بمجرد استشهاد القائد أَوْ انتهاء المعركة فثورة الإمام الحسين خرجت ضد يزيد واستشهد فيها الامام الحسين إلّا انها بقيت إلى اليوم تواجه كُلّ يزيد في كُلّ زمان ومكان كذلك ثورة الإمام زيد خرجت ضد هشام بن عَبدالملك بظلمه وطغيانه وانتهاكه لحدود الله وكاد الإمام زيد أن يتغلب على الدولة الأموية حينها لولا أن الشهادة سبقته إلى ذلك إلّا أن استشهاد الإمام زيد لم يرمي بثورته في ماء الفرات كما فعلوا بجسده الطاهر لأن هذه الثورات هي ضرورة حتمية وإرَادَة الهية فهي امتداد لجهاد الأنبياء والرسل على مر التأريخ ومبادئها مستوحاة من القُرْآن الكريم الذي هو لكل زمان ومكان..
آلاف السنين مرت منذ استشهاد الإمام زيد وانتهاء الدولة الأموية إلّا أن ثورة الإمام زيد لا تزال مستمرة إلى وقتنا الحاضر بتعاليمها الهامة ودروسها القوية وأهدافها الأَسَاسية التي جاءت من رسالة محمد صلى الله عليه واله ومن سورة التوبة والأحزاب من القُرْآن الكريم ثورة المستضعفين في وجوه المستكبرين وثورة الحق ضد الباطل وثورة الصدق والحقيقة في مواجهة الزيف والضلال ثورة الإسْلَام المحمدي القُرْآني في مواجهة الإسْلَام المزيف والكاذب وكانت ثورة الإمام زيد من اقوى الثورات على مر التأريخ بعد ثورة جده الحسين لأنها جاءت في مرحلة حرجه كان الباطل فيها يحكم باسم الدين ويكذب على الناس ويمارس بحقهم ابشع أنواع الجرائم الجسدية والثقافية والمعنوية فكان خروج الإمام زيد في ذلك الزمن يعتبر صفعه للباطل مفادها أنه لا يزال هناك أمة تعرف الحق وتقول للباطل لا مهما بلغت ذروته ومهما كانت قوته..
خرجت ثورة الإمام زيد في العراق فوصل صداها إلى كُلّ أصقاع الأَرْض وتكاثر أنصارها عبر الزمان في مختلف البلدان إلى يومنا هذا، وعلى سبيل المثال الزيدية في اليمن الذين لا يعرفون شخص الإمام زيد لكنهم عرفوه من خلال تراثه الثقافي الإسْلَامي ومن خلال موروثة الجهادي ومن خلال ثورته المباركة فما كان منهم إلّا أن جعلوه قائداً لهم على مر التأريخ يواجهون به مجرمون وطواغيت العالم ويواجهون به الباطل وشعارهم دائماً البصيرة البصيرة ثم الجهاد هذا المبدأ الذي أطلقه الإمام زيد لأنصاره وبقي إلى اليوم لأن الجهاد يحتاج إلى وعي وبصيرة وليس مجرد خروج هكذا أجوف بدون ثقافة قوية تعينك وتساعدك على نفسك أولاً وعلى عدوك وما يعمله الشعب اليمني اليوم هو استمراراً لثورة الإمام زيد في وجه الظالمين على مستوى العالم ولهذا ثورة الإمام زيد ثورة مستمرة لا تتوقف إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.