نص خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليه السلام 1439 هـ
عمران نت/ 15 أكتوبر 2017م
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات، شعبنا اليمني المسلم العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرت بنا في هذا الشهر، شهر محرم الحرام في العاشر منه ذكرى عاشورا، ذكرى استشهاد سبط رسول الله الإمام الحسين بن علي عليهما السلام، ويأتي في الخامس والعشرين من هذا الشهر، يوم الغد، ذكرى استشهاد حفيده الإمام الشهيد زيد بن علي “زين العابدين” ابن الإمام الحسين ابن علي عليهم السلام وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله.
وهذه الذكرى لها شقان فيما تحمله من دروس وعبر، الأول منهما المأساة والمظلومية والثاني الحق بكل ما في الحق، وبكل ما يتعلق بالحق من روحية وقيم وتعليمات، ومنهج حياة، والمسؤولية، الحق هو المسؤولية، والإمام زيد عليه السلام هو رمز عظيم من رموز الإسلام يحظى بمكانة عظيمة لدى أبناء الإسلام وفي ذرية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، في العترة الطاهرة، ولدى الأمة بمختلف مذاهبها وأفكارها وتياراتها، يحظى بمكانته المرموقة والعظيمة، يحظى بإجلال وتقدير فيما كان عليه من عظيم الصفات وفيما كان عليه أيضا من كمال إيماني، وكذلك يحظى باعتبار دوره التاريخي والعظيم في الأمة الذي امتد أثره إلى اليوم.
الإمام زيد عليه السلام حينما تحرك كانت ثورته امتدادا لثورة جده الحسين عليه السلام، امتدادا لها في الموقف، امتدادا لها في المبدأ، امتدادا لها في الروحية، امتدادا لها في القضية، الكل انطلقوا من مبدأ واحد الذي كان عليه أهل البيت عليهم السلام هو نهج جدهم المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله، والتحرك الذي تحركوا به في أوساط الأمة كان له هدف واحد ومنطلق واحد وتوجه واحد وروحية واحدة وبدافع واحد، لم يكن لا أشرا ولا بطرا ولا تكبرا، كان بهدف إصلاح واقع الأمة والحفاظ على الأمة، في مبادئها وقيمها ودفع الظلم عنها وإحقاق الحق وإقامة العدل، ودفع الظلم والطغيان.
الإمام زيد عليه السلام من موقعه العظيم، من علماء الإسلام من هداة الأمة من رموز الأمة، فيما بلغه وفيما وصل إليه من مستوى عظيم في ارتباطه بالقرآن الكريم حتى كان يعرف بحليف القرآن، من موقعه العظيم في العترة الطاهرة تحرك في أوساط الأمة وهو يتحرك بنور القرآن، يتحرك بالهدى، بهدى الإسلام بهدى القرآن، يتحرك بين أوساط الأمة باذلا كل الجهد، ويسعى بكل ما يستطيع إلى تغيير واقعها المظلم، واقعها الممتلئ بالظلم والممتلئ بالظلام، ويسعى لمواجهة الطغيان الأموي بكل ما يمثله من خطوة كبيرة على الأمة، تلك الخطورة التي وصلت لدرجة أن اتخذوا عباد الله خولا، ودين الله دغلا، وماله دُولا.
الطغيان الأموي هو محطة سوداء مظلمة في تاريخ الأمة ولا زالت امتداداته السلبية إلى اليوم، وعندما نعود إلى التاريخ لنتعرف على حقيقة هذا الطغيان وما فعله بالأمة وما فعله في الأمة نجد رغم المأساة، ويتجلى لنا حقانية هذا التحرك العظيم للإمام زيد عليه السلام كما تحرك قبله جده سبط رسول الله الإمام الحسين عليه السلام.
الطغيان الأموي منذ بدايته كان مشروعا انقلابيا على الإسلام الحق بمبادئه الأصيلة، في قيمه الحقيقية، في أخلاقه الصادقة، انقلاب بكل ما تعنيه الكلمة، يتخذ دين الله دغلا، وأن يجعل أو يتخذ دين الله دغلا معناه عمل كبير وخطير جدا يحرف مفاهيم الإسلام، ويسعى إلى أن يأخذ من هذا الإسلام أو يفرغ من هذا الإسلام كل المضامين العظيمة وكل الأسس المهمة التي لها دور أساس في إصلاح الأمة، في بناء واقع الأمة في إقامة الحق وإقامة العدل في الحياة، فلا يبقى للإسلام إلا حالة شكلية ليس لها قيمة إيجابية في واقع الأمة، لا تحق حقا ولا تبطل باطلا ولا تدفع ظلما ولا تزيح منكرا، ولا تغير فسادا، ولا تزكي نفوسا، ولا تبني الأمة، لا تبني الإنسان المسلم البناء الذي أراده الإسلام في مشروعه التربوي، في مشروعه الحضاري، وتجعل من الأمة بكل ما تمتلكه الأمة من ثروتها البشرية ومن مقدراتها المالية، من إمكاناتها المتنوعة، تجعل منها كلها مغنما للطغاة، ومرتعا لهم، وتجعل منها خولا عبيدا لهم، وهذه مأساة حقيقية.
الطغيان الأموي سجل عنه التاريخ الصفحات السوداء القاتمة والمظلمة جدا في كل مراحله، منذ بدايته وهو يتحرك بحرب الإمام علي عليه السلام، حرب الإمام علي عليه السلام الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه”، فمنذ بداية الطغيان الأموي كانت فاتحة عهده وبداية مشواره بالحرب للإمام علي عليه السلام والعداء للإمام علي عليه السلام من حيث ما يمثله علي وما يحمله علي من امتداد حقيقي للإسلام، امتداد حقيقي لنهج رسول الله محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله، الحرب ضد الإمام علي عليه السلام والعداء الشديد للإمام علي عليه السلام والعمل على إعاقته والسعي ضده، في سعي الإمام علي عليه السلام لإقامة دين الإسلام والحفاظ عليه، وحكم الأمة على أساس تعالميه وشرائعه وأحكامه ومنهجه، تربية الأمة على أساس هديه ونوره، فما فعله في بداية المشوار من المجازر الرهيبة والقتل لأحياء الأمة، صفوة الأمة، من خيرة صحابة رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله كان عمار بن ياسر الذي مُلئ إيمانا والذي كان له منزلة محترمة، شهد له الرسول صلوات الله عليه وعلى آله بعِظَم المقام عند الله ومصداقية الإيمان عند الله سبحانه وتعالى، برفيع القدر في الإسلام، والآلاف من أخيار الأمة وصفوة الأمة مرورا بما ارتكبه الطغيان الأموي من جرائم رهيبة أمثال قتل العترة الطاهرة، الإمام الحسين عليه السلام وأولاده وأقربائه وأهل بيته وأنصاره، أمثال حرق الكعبة المشرفة، أمثال استباحة المدينة المنورة وقتل ما بقي فيها من بقية المهاجرين والأنصار واستباحة لمسجد الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وقتل العشرات من المسلمين اللائذين به على قبر رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم حتى أُغرق بدماء المسلمين الأبرياء المظلومين، واستباحة أعراض المسلمين في المدينة واستباحة أموالهم ونهب حتى منازلهم وبيوتهم، ومرورا بما ارتكبه بحق الأمة بمختلف أقطار الأمة من قتل جماعي من ظلم كبير مع ما فعله في مال الأمة وثروة الأمة ومقدرات الأمة من استئثار وتَمَلُّك وسيطرة، ثم بما ارتكبه بحق الأمة من إفساد للقيم من إبعاد للناس عن المبادئ المحقة والعظيمة، من تزييف للوعي في أوساط الأمة، من إفساد للنفوس، كان الطغيان الأموي يمثل كارثة كبيرة في واقع الأمة وعلى الأمة في كل ما هو مهم في هذه الأمة، في كل ما هو عظيم في هذه الأمة، في كل ما هو مقدس في هذه الأمة، مثَّل حالة من الإجرام ومثل حالة من الإفلاس الأخلاقي والإنساني والقيمي ومثّل حالة استهتار بالإسلام وبرموزه ومقدساته وبأمته، يصل هذا الاستهتار إلى درجة أن يقول الحاكم الأموي المعاصر للإمام زيد عليه السلام، هشام، أن يقول: “والله لا يأمرني أحد بتقوى الله إلا ضربت عنقه”، إلى هذا النموذج الذي يحكم الأمة الإسلامية ويتربع على عرش السلطة فيها، ثم هو بهذا القدر من الطغيان والكبر والتجبر والعناد والغرور ليس بينه وبين مبادئ هذه الأمة وقيمها وتعاليمها أي التقاء أبدا، انفصام عن مبادئ الأمة، عن قيم الأمة عن أخلاقها، عن مشروعها، عن مرجعيتها العظيمة، القرآن الكريم، الهدى القويم، عن التأسي بنبيها صلوات الله عليه وعلى آله، انفصام إلى درجة رهيبة جدا، هذا النموذج الذي يقول عنه القرآن الكريم: )وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ(، هذا النموذج الذي يتوعد من يأمره بتقوى الله، لأنه لا يعترف بتقوى الله سبحانه وتعالى، لا يرى لنفسه أن عليه أي ضوابط أو التزامات، أو أن أمامه أي حدود أبدا، ويرى لنفسه أن يستبيح كل شيء وأن يفعل ما يحلو له، وأن لا ينضبط بأي ضوابط، لا شرعية ولا أخلاقية ولا إنسانية ولا أي شيء، ويتعاطى باعتباره متسلطا وظالما وجبارا وطاغية، لا يرى نفسه متقيدا بأي قيود ولا بأي ضوابط ولا بأي التزامات أبدا، هذا النموذج الذي يصل الحال أن يُسب رسول الله في مجلسه وبحضرته وعلى سمعه ومرآه ثم لا يغضب ولا يشكل ذلك عنده أي مشكلة أبدا، لأنه لم يكن للرسول ولا للإسلام ولا لمقدسات الإسلام ولا لرموز الإسلام ولا لأي شيء له صلة بالإسلام أي قيمة لديه أبدا، وعندما غضب الإمام زيد عليه السلام وانتهر ذلك اليهودي الذي أساء إلى رسول الله وسب رسول الله في مجلس هشام، يقول هشام للإمام زيد عليه السلام: (مه، لا تؤذي جليسنا يا زيد)، يغضب، يغضب وينفعل وينزعج، ينزعج من الاعتراض على ذلك اليهودي الذي سب رسول الله، ولا ينزعج من سب اليهودي لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، عندما يكون من هو في موقع الحكم والسلطة على الأمة الإسلامية على المسلمين أناس من مثل هذه الشاكلة، حتى رسول الله ليس له أي احترام لديه، ولا اعتبار عنده ولا قدر، ولا شيء في الإسلام، الكعبة بنفسها أحرقت في عهدهم لمرتين، المدينة كذلك، فلا المقدسات ولا الرموز ولا الأمة، وليس هناك عندهم من ضوابط ولا التزامات أبدا، يعتبرون أنفسهم مخولين في أي تصرف مهما كان في بشاعته، مهما كان في مستوى الإجرام فيه، مهما كان منفلتا من كل الاعتبارات الإنسانية والشرعية والأخلاقية، فيمثل وجودهم في السلطة والحكم، يمثل خطورة كبيرة على الأمة من كل الجوانب، على الدين والمبادئ والقيم والأخلاق والمشروع الإسلامي بكل ما فيه، وبكل ما يقدمه للبشرية، كما يمثل أيضا واقعا مظلما تعاني فيه الأمة من التضليل وتعاني فيه الأمة من الظلم والاضطهاد والقهر والإهانة والإذلال والاستعباد، هم لم يتورعوا أبدا عن التعاطي مع الأمة من هذا المنطلق، من منطلق الاستعباد للأمة، فلم يروا في الأمة كلها إلا خولا، إلا عبيدا، الإمام زيد عليه السلام تحرك من موقع المسؤولية بكل ما يحمله من قيم ومبادئ، من موقع الهداية، هو رجل منتمٍ إلى العترة الطاهرة، ومرتبط بالقرآن الكريم، حليف القرآن، اهتدى بهذا القرآن فكان لهذا القرآن أثره العظيم، كان له أثره العظيم في روحيته، وفي فهمه للمسؤولية، في إحساسه بالمسؤولية، في اندفاعه للتحرك، في إشفاقه على الأمة، في إدراكه لخطورة الوضع القائم وما يمثله أولئك الطغاة والظالمون والمجرمون والمفسدون من خطورة كبيرة على الأمة، في إحساسه بمعاناة الأمة ومظلومية الأمة، تحرك الإمام زيد عليه السلام تحركا مسؤولا، مسؤولا من منطلق المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، المسؤولية التي تربى عليها واستوعبها من خلال القرآن الكريم، والتربية الإيمانية التي حظي بها لدى والده زين العابدين وسيد الساجدين، كذا أخيه الباقر عليهم السلام، وورثها أيضا في البيت الطاهر، تحرك الإمام تحركا مسؤولا بكل ما تعنيه الكلمة وهو الذي يقول: (والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت)، يعني لا يسمح لي كتاب الله بالسكوت، بما في القرآن من تعليمات، ما في القرآن من توجيهات، ما فيه من مبادئ، ما فيه من قيم، ما فيه من أخلاق، بما فيه من أثر عظيم في تربيته وتزكيته لا يسمح لي أن أسكت أمام واقع كهذا الواقع بكل ما فيه من ضلال بكل ما فيه من ظلم بكل ما فيه من استعباد للأمة بكل ما يفعل فيه الطغاة والجبابرة والمفسدون والمضلون، ما يدعني كتاب الله أن أسكت، لا يسمح لي بالسكوت فتحرك تحركا مسؤولا هادفا واعيا على بصيرة من أمره وهو الذي كان يقول البصيرة البصيرة ثم الجهاد تحرك بناء على هذا الوعي.
ونحن حينما نتأمل أو نعود إلى التاريخ ونتأمل في هذا التاريخ ننطلق من هذا الواقع الذي تعيشه أمتنا اليوم، نحن بطبيعة الظروف التي تواجه فيها الأمة التحديات والمخاطر الكبرى وتعاني فيها الأمة من مظالم كبيرة وتعاني أيضا من استهداف غير مسبوق في تاريخها من جانب الطغيان الأمريكي والإسرائيلي ومعه أدواته من أبناء الأمة، نعود إلى التاريخ لاستلهام العبر واستلهام الدروس والاستفادة من كل ما في هذا التاريخ، ومن كل ما قدمه أولئك الرموز العظماء والهداة الأبرار، بكل ما يقدمونه لنا من دروس وعبر وأثر عظيم في أنفسنا وفي واقعنا العملي والنفسي.
من أهم الدروس التي نستفيدها من هذا التحرك هو حتمية الموقف من جوانب كثيرة أولها المسؤولية الدينية، ونحن كأمة مسلمة ننتمي إلى الإسلام هذا الإسلام الذي ننتمي إليه لا يقتصر أبدا لا في تعليماته ولا في مبادئه ولا في قيمه على الحالة الشكلية التي ألفتها الأمة واعتادت عليها الأمة، وهي حاضرة اليوم في واقع الأمة على نحو واسع ولكن مفصولة عن جوانب أخرى من هذا الإسلام وحينما فصلت فقدت أثرها إلى حد كبير وفقدت فائدته في الأمة إلى حد كبير، لم يبق لها إلا مقدار ضئيل من الإيجابية والتأثير في واقع الأمة، بقي للأمة جانب من العبادات الروحية في صلاتها في صيامها في حجها في زكاتها، وشاب هذا الذي تبقى أيضا شوائب كثيرة جدا تؤثر على مدى الاستفادة منه، وعظيم أنه بقي، ليست المشكلة في بقائه المطلوب أن يبقى المطلوب أن تحافظ عليه الأمة، ولكن لكي تسعى الأمة إلى الوعي بهذه العبادات وربطها بالجانب الآخر بالشق الآخر من الإسلام الذي هو المسؤولية والذي حينما فصل عن هذه العبادات وفصلت جوانب أخرى متعلقة به كان لهذا أثر سيء جدا، أثرا سيء وكبيرا على الأمة جعل هذه العبادات على نحو شكلي إلى حد كبير.
الأمة اليوم تعاني كما عانت في طول تاريخها من المؤسف من المؤسف جدا أن معاناة الأمة في واقعها الداخلي على مدى تاريخها الطويل بالرغم من وجود هذا الإسلام العظيم الذي تنتمي إليه بما فيه من مبادئ عظيمة ضامنة لو أخذت بها الأمة وقيم عظمة لو أخذت بها الأمة وتعليمات عظيمة وقيمة لو أخذت بها الأمة ضامنة لأن تعيش هذه الأمة في واقعها الداخلي أطيب حياة، وأن تعيش واقعا قائما على العدل، على الخير، على الحق.
اليوم تاريخ الأمة في مراحله الممتدة عبر الأجيال الماضية ممتلئ بالمظالم، تاريخ معروف الحقبة، الأموية الحقبة العباسية وما تلاها من الحقب، تاريخ مليء بالمظالم مليء بالمآسي، وأيضا حالة التضليل وحالة التحريف بالمفاهيم الإسلامية والدينية، ما شاب هذا التاريخ من مظالم ومفاسد وتضليل أمر جدير بالتأمل جدير بالمراجعة، للاستفادة وللتصحيح فيما بقي للأمة في حاضرها ومستقبلها، هذا التاريخ الممتلئ بالظلم والمآسي بكل ما فيه أيضا من ويلات ومحن وكوارث على الأمة، من المهم لنا أن نتأمله لماذا مع وجود دين عظيم ننتمي إليه، دين يأمر بالعدل والإحسان يأمر بإيتاء ذي القربى، ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، دين فيه مبادئ عظيمة تبني الأمة بناء صحيحا وسليما، تؤسس لواقع قائم على العدل والخير، فلماذا كل هذا الظلم الذي رأينا فيه كل الجرائم المهولة كل الفظائع الرهيبة جدا تجاه الأمة، تجاه مقدساتها تجاه رموزها الأخيار، أعلامها الهداة، أمر مؤسف لكن حصل هذا، حصل تحريف للإسلام في مفاهيمه ضمن نشاط كبير في أوساط الأمة فقدمت مفاهيم محسوبة على الإسلام، تدجن الأمة تقول للأمة إذا حكمكم طغاة يحملون قلوب الشياطين في جثامين الإنس والبشر عليكم أن تطيعوهم، هذه الثقافة قُدمت للأمة وصيغت لها أحاديث كذبت على رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، قيل لهذه الأمة في كل ماضيها أن عليها أن تطيع الأمير وإن قصم الظهر وأخذ المال، وإن كان لا يهتدي بهدى ولا يستن بسنة، قيل لها هذا النوع من الحكام عليكم أن تطيعوهم وأن تخضعوا لهم وأن لا تخالفوا لهم أمرا وأن تخنعوا لهم، على النحو الذي هيأ الأرضية لاستحكام قبضة الطغاة والظالمين والمجرمين، ثم إذا بنا في هذا العصر نحن هذا الجيل نرى هذا النموذج من الطغاة في واقعنا اليوم في موقع السلطة والحكم، في موقع التمكن والتأثير في واقع الأمة بكل ما في واقع الأمة، ثم رأيناهم كيف كانوا أداة طيعة في يد أمريكا وفي خدمة إسرائيل، وكانوا أيضا نموذجا معاصرا للطغيان الأموي، هذا النموذج الذي لا يهتدي بهدى ولا يستن بسنة، هذا النموذج الذي يحمل قلوب الشياطين في جثمان إنسي، هذا النموذج الذي يعتمد على الغلبة والسطوة والجبروت ويعتبر نفسه غير ملتزم ولا مقيد ولا منضبط بأي ضوابط لا شرعية ولا أخلاقية ولا دينية.
اليوم نحن في واقعنا، في شعبنا اليمني المسلم العزيز نرى ما يفعله العدوان الأمريكي السعودي على بلدنا هو نموذج من ذلك الطغيان المتشابه في كل زمن، الذي هو عبارة عن سلوك متشابه وسلوك ونمط يتكرر عبر كل زمن، المسؤولية على الأمة أمام واقع كهذا أن تتحرك، لا يجوز في الإسلام السكوت ولا المداهنة ولا الخنوع ولا الاستسلام أن تستسلم الأمة لهذه النماذج من الطغاة المضلين المجرمين الذين يستبيحون كل شيء، مسألة خطيرة جدا، منكر من أكبر المنكرات ديننا يفرض علينا النهي عن المنكر، ومفسدة تفوق كل المفاسد، بل تتحول على منبع للمفاسد الأخرى، لأن الطغاة المجرمين المضلين المفسدين حينما يكونون هم في موقع السلطة والحكم يتمكنون من ممارسة جرائمهم وإفسادهم وضلالهم بحق الأمة بكلها ويصبحون هم مصدرا لإنتاج الفساد لإنتاج الضلال، فيعم ضلالهم وينتشر باطلهم بما لا يمكن أن يكون أي طرف آخر في أوساط الأمة في واقعها الشعبي مثلا، المسألة كانت خطيرة جدا، ثم تعاني الأمة، تعاني بشكل كبير، لأنهم يتمكنون من واقع الحكم والسلطة والقوة، يتمكنون من إلحاق الظلم بالأمة بما لا يتمكن أي طرف آخر، كانت المسألة خطيرة يفرض الإسلام في دينه في تعاليمه في تشريعه في أحكامه التصدي لها والقيام ضدها باعتبارها من المنكر، باعتبارها من الفساد باعتبارها من الباطل، باعتبار الطاغوت يشكل عائقا عن إقامة المشروع الإلهي الذي يمثل الخير للبشرية بما فيه من مبادئ بما فيه من قيم، فيما فيه من أخلاق، فيما فيه من تعاليم فيما فيه من كرامة فيما فيه من عدالة، فيما فيه من نهج للحياة بكلها، لهذا قال الله تعالى في كتابه الكريم: )فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ( فإذاً المسؤولية الدينية هي تحتم النهوض، تحتم الموقف، وواحد من التزاماتك كمسلم تجاه هذا النوع من الطغاة الذين يستهترون بالأمة الذين يصبحون وبالاً على الأمة وشراً على الأمة ويمارسون الطغيان ويعملون في عباد الله بالإثم والعدوان واحد من واجباتك الدينية أيها المسلم أن تتحرك ضدهم تسعى لمنع طغيانهم، أن تقف في وجه ظلمهم وإجرامهم وأن لا تبيح نفسك لهم، ألا تخنع لهم أن لا تمكن لهم بممارسة الطغيان بحقك من الظلم لك، أن لا تمكنهم منك ومن أمتك ليفسدوا ويظلموا ويمارسوا هوايتهم بالجبروت وممارسة الإثم والعدوان، هذا جانب أساسي فيما أكد عليه الإمام زيد عليه السلام وتحرك بمقتضاه في أوساط الأمة وخاطب الأمة به وذكر الأمة به وعمل على استنهاض الأمة من خلاله أن يا هذه الأمة دينكم مبادئكم قيمكم أخلاقكم تفرض عليكم أن تنهضوا أن تتحركوا أن لا تبقوا في حالة الإذعان والاستسلام والخنوع للظلم للطغيان للإجرام للطغاة المجرمين الظالمين، يظلمونكم بكل أشكال الظلم، بالإفساد للقيم بالنهب للمال العام بالتعذيب والاضطهاد والقمع والإذلال والاستعباد والإهانة، ليس لكم عندهم أي قيمة ولا لرموزكم ولا لمقدساتكم وهذا جانب يجب أن يترسخ في أوساط الأمة لأنه غُيّب في حالة التثقيف الديني والخطاب الديني والتعليم الديني حتى أصبح غريبا عند الكثير من المسلمين، بمعنى أن اليوم الكثير من المسلمين لا يفهمون ولا يعرفون أن المسؤولية جانب أساسي في الإسلام وجزء أساسي من مبادئه من قيمه من تعليماته من توجيهاته ويرون في الإسلام أنه مجرد الجانب العبادي الروحي، يصلي ويصوم وما بش حاجة “بتجي” أبدا، لو يذبحوا الأمة من شق وطرف لو يحصل على هذه الأمة ما وقع لو امتلأت الساحة الإسلامية ظلماً وجورا وطغيانا وفسادا وضلالا، لو حصل ما حصل يعتبر نفسه غير معني، لا، لا يصح ذلك أبدا في دين الإسلام، إذا أنت تنتمي إلى هذا الإسلام اقرأ قرآنه، اقرأ نوره وتعاليمه، كيف أنه يفرض عليك جانب المسؤولية، كونوا قوامين بالقسط، أن تسعى دائما لإقامة العدل، الانتماء إلى هذا الإسلام انتماء تعرف فيه تعاليم هذا الإسلام تلتزم بها تعمل لإقامتها وتتصدى لأولئك الذين يحاربونه، يسعون لإبعاد الأمة عنه وإحلال ظلمهم وباطلهم وطغيانهم بديلا عنها، وضلالهم وباطلهم بديلا عنها.
هذا جانب، جانب آخر أنه أمر ضروري للأمة لأن الأمة بدونه إنما تعاني أكثر إنما تدفع الضريبة بشكل رهيب جدا، يعني عندما تختار الأمة لنفسها أن تتنصل عن المسؤولية وأن لا تبالي وأن تمكن الطغاة الظالمين المجرمين من السيطرة عليها من التحكم بها والتغلب عليها هذا له نتائج وخيمة وكوارث كبيرة جدا يوصل الأمة في الأخير إلى القناعة بحتمية التحرك، ولكن بعد معاناة كبيرة ومظالم رهيبة بعد أن تسحق الأمة وتذل الأمة وتهان الأمة، الأمة مثلا ضد الطغيان الأموي وصلت في الأخير إلى قناعة بضرورة التحرك، قناعة حاسمة وتحركت وأسقطت الحكم الأموي والتسلط الأموي وأنهته ولكنها تدخلت في حقبة جديدة لأنه كان تحركا لم يمتلك الوعي الكافي لإحلال المشروع الصحيح بدلا عن ذلك، مشروع الحق والعدل والخير بدلا من المُلك العضوض والأثرة والاستبداد والظلم والطغيان، لم تنطلق الأمة وهي معتمدة لمعايير لمبادئ تبني عليها واقعها وواقع ولاية أمرها، فتركت المجال لطغاة آخرين جدد أتوا من جديد، الحقبة العباسية التي كانت حقبة امتداد للحقبة الأموية بما كانت عليه مظالم ومفاسد ومنكرات واستبداد وأثرة الى غير ذلك.. فإذا ليس للأمة من خيار صحيح الا ان تنهض أن تقف بكل جدية في مواجه الطغاة لمواجهة الطغيان والجور والظلم والا فالأمة تدفع ثمناً باهظا وتعاني ولا تسلم حينما يكون السبب أو الدافع الذي يدفع البعض الى التنصل عن المسؤولية هو المخاطر والحرص على السلامة والتهرب من أعباء المسؤولية وثمن هذه المسؤولية ما تحتاج اليه الأمة من تضحيات من معاناة من صبر فيؤثرون الجمود والخنوع والاستسلام والقبول بسيطرة الطغاة والاستسلام لطغيانهم، الثمن أكبر المعاناة أشد وأفظع وفي النهاية بعد سلسلة طويلة من الكوارث من الخسائر الرهيبة جدا تصل الأمة إلى قناعة بحتمية التحرك من واقع أصعب ومن ظروف أشد ثم تتحرك وقد لا تصل إلى نتيجة إلا بعد زمن طويل بعد ثمن كبير جدا، الدرس هذا مهم جدا درس مهم ولا سيما في هذا الزمن الذي تواجه فيه الأمة مؤامرات ومكائد كبيرة عليها من الطغيان الأمريكي الإسرائيلي وأدواته التي هي من داخل الأمة وتعمل لصالحهم، الأمة في أمس الحاجة إلى أن يترسخ هذا الوعي فتعي قيمة المبادرة قيمة المسارعة قيمة النهوض كما ينبغي بالمسؤولية وتعرف أن هذا الإسلام بعطائه العظيم بأثرة التربوي والنفسي والمعنوي هو يدفع بالأمة بعنفوان عظيم وعنفوان الإسلام في قيمه العظيمة بما فيها من عز من إباء من كرامة من همة عالية من إحساس عال بالمسؤولية من وعي عميق وراسخ بخطورة الطغيان وخطورة الاستسلام للطغيان والإذعان للطغيان، هذا الدرس من أهم الدروس التي نحتاج إليها اليوم.
الأمة في كل مراحلها التي عانت فيها وشعوبنا كذلك في كل المراحل التي عانت فيها من قوى الطغيان تصل في الأخير إلى هذه القناعة أنه لا بد من التحرك، يعني يتعب أي شعب يعتمد أغلبيته أو الكثير فيه خيار الإذعان والاستسلام والخنوع “بيعانوا” يعانوا في الأخير يوصلوا إلى قناعة أنه لا بد ما يتحركوا ويتحركوا في الأخير، لكن بعد معاناة رهيبة جداً ومفاسد كبيرة وأضرار على كل المستويات، أضرار رهيبة جداً جداً، يمكن للإنسان أن يستقرئ التاريخ ويرى الكثير والكثير من الدروس والعبر بهذا الشأن.
فعندما نعود إلى الإسلام في مبادئه وعندما نعود إلى الإسلام في ما قدّمه لنا رموزنا الإسلامية العظيمة من الهداة الأبرار، وفيما قاموا به هم في سياق تطبيقهم لهذا الإسلام والتزامهم بتعاليم هذا الإسلام، وفي أثر هذا الإسلام في روحيتهم التي ربتهم على المسؤولية وعلى الإحساس العالي بالمسؤولية، نجد أنه لا بد لنا أن نتحرك، ديننا يفرض علينا ذلك مصلحتنا كشعوب مصلحتنا كأمة مصلحتنا كمستضعفين مظلومين معانين أن نتحرك، وإلا العناء أشد والقهر أكبر والثمن أفظع وأبهظ، ولا بد لنا من أن نتحرك ثم الأمة حينما تلحظ العوامل المؤثرة سلبياً التي تُعيقها عن التحرك أولها النقص في الوعي، مثلاً البعض ليس لديهم المستوى الكافي من الوعي عن الطغاة والظالمين والمجرمين والطغيان، فيتصورون أن الطغاة ممكن التعايش معهم، أن الطغيان ممكن أن تتأقلم معه، وأن تبقى في وضعية طبيعية وأن تدبّر نفسك والأمور ما فيها مشكلة، لا، هذا فهم ضعيف فهم قاصر فهم مغلوط في نهاية المطاف.
لا يمكن أبداً لأن الطغيان يتعاظم كلما تمّكن كلما تعاظم وكلما ازداد ضُرّه على الأمة كلما ازداد شرّه على الناس كلما عانى الناس منه أكثر، ليس له حد معين يقتصر عليه، طغيان طيب وعنده أخلاق “ولا بأس شويه بيداري الأمة ومدري ماهو ذاك”، لا، انظر اليوم في واقعك انظر إلى أمريكا وما تفعله أمريكا، انظر إلى إسرائيل وما تفعله إسرائيل، انظر إلى امتدادات أمريكا وإسرائيل في داخل الأمة، من عملائهم في داخل الأمة من الأنظمة العميلة لهم، ماذا تفعل كيف استباحت كل شيء كما استباح الطغيان الأموي كل شيء، الطغيان الأموي الذي استباح أن يوجّه السهم إلى الطفل الرضيع يوم العاشر من محرم، اليوم الطغيان المشابه له طغيان الأمريكي الإسرائيلي في امتداداته في الأمة يستبيح أطفالنا الرضّع فيلقي عليهم القنابل والصواريخ، يستبيح الحياة بكل ما في هذه الحياة، ليس عنده تحرّج من أي شيء، يقتل الإنسان ويدمّر المسجد يستهدف المزرعة ويستهدف السوق يستهدف الطريق يستهدف كل شيء ما عنده أي ضوابط ولا عنده تحرّج من أي شيء ولا أي قيود، يحاصر الناس يسعى إلى قتلهم بالجوع وقتلهم بالأوبئة وقتلهم بالصواريخ وقتلهم بالقنابل، يسعى إلى احتلال أرضهم ومصادرة خيراتهم ومقدراتهم يفعل كل شيء.
فالعوامل التي يمكن أن تؤثر على البعض منها هذه عدم الفهم للطغيان وتعاظمه وخطورة الاستسلام له والسكوت عنه.
جانبٌ آخر المخاوف، بمثل ما نحتاج إلى الوعي القرآني عن الطغيان والطغاة والظلم والظالمين والمسؤولية تجاه ذلك بمثل ما نحتاج أيضاً إلى تربية إيمانية في مواجهة المخاوف، البعض مثلاً عندهم حالة خوف كبيرة تدفعهم إلى الاستسلام تؤثر عليهم وتكبلهم، خائفين مرعوبين جبناء، فتؤثر عليهم المخاوف وتدفعهم إلى الاستسلام لأن من الوسائل التي يعتمد عليها الطغاة والممارسات الاعتدائية لهم سلوك بالنسبة لهم معتادين عليه، الجبروت القمع البطش بشكل كبير باستباحة كبيرة بُغية إخافة الناس، هذا القتل الجماعي عندما يُلقون القنابل على مساكن الناس، عندما يقتلون أسراً بأكملها في بيوتها عندما يستهدفون الأسواق بالقنابل، ما فعله يزيد بأهل المدينة في وقعة الحرّة أو في كربلاء بعترة رسول الله أو الاستهداف الجنوني والأعمى بحق مكة وأهل مكة، ما نراه اليوم عندنا في عدوانهم على اليمن ما رأينا شواهده ونظائره وأمثاله في فلسطين أو في دول أخرى ما نرى نموذجه أيضاً اليوم في ميانمار في العالم بكله، الطغيان هو توجه واحد وسلوك واحد وممارسة واحدة ولها أيضاً وسائلها وأدواتها وأطرافها.
فإذاً؛ هذا الطغيان يحاول أن يُخيف الناس، أن يُرهب الناس أن يثير حالة الفزع ليدفع الناس للاستسلام له فإذا استسلموا فعل بهم الأشد ولحق بهم الأضر والأنكى وأكثر إيلاماً ووجعاً، حالة الخوف هذه حالة تحررنا منها التربية الإيمانية، الله سبحانه وتعالى يعلّمنا كيف ينبغي أن لا نخاف إلا منه يقول لنا في كتابه الكريم: )فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(.
القرآن الكريم هدى الله سبحانه وتعالى هو يعزز القوة، القوة المعنوية العالية، من جوانب كثيرة يُعزز عندك ويعلّمك الاعتماد على الله التوكل على الله، الأمل بالله الاستقواء بالله )وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا(، وعلى نحوٍ واعٍ ليس من واقع التنصل عن المسؤولية والاكتفاء بالدعاء، لا، التوكل الذي هو توكلٌ عمليٌ تتحرك فيه، تتحرك به في ميدان العمل متحملاً للمسؤولية )فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ(، )وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(، )ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ(، هذا التوكل الذي هو توكلٌ في ميدان المسؤولية وفي واقع العمل يُعطي عندك الأمل بوعد الله سبحانه وتعالى الذي وعد عباده المستضعفين إذا تحركوا على أساس ما وجههم وعلّمهم ملتزمين بتعليماته وتوجيهاته أن ينصرهم على الظالمين على الطغاة، على المتكبرين، ثم يعطيك فهماً بالواقع وعياً بالأسباب معرفةً بخطورة أولئك الطغاة، وعياً بعدم جدوائية الخنوع والاستسلام وأنه لا يشكّل وقايةً أبداً وأن ما يترتب عليه أخطر مما يترتب على تحمّل المسؤولية والنهوض بالمسؤولية وأن العاقبة الحسنة وعاقبة الخير وعاقبة الفوز وعاقبة النجاة وعاقبة السلامة وعاقبة القوة هي بتحمّل المسؤولية هي بالتحرّك ولو كان بتضحية ولو كان بمعاناة، هي تضحية لها عاقبة جيدة لها نتيجة إيجابية، لها ثمرة في الأخير وهذه مسألة مهمة جداً، وهكذا من جوانب كثيره في تربيته في أثره، في معالجته لكل عوامل الخوف.
الإمام زيد عليه السلام قال عندما تحرّك (ما كره قومٌ قط حَرَّ السيوف إلا ذلوا)، الأمة التي تتهيب تخاف من تبعات المسؤولية من ثمن هذه المسؤولية مما تستلزمه هذه المسؤولية من نهوض بها من تحرك بها من معاناة من صبر من تضحية، هذا التهيب هذا التخوف هذا الرعب يكبّل الأمة فتدفع ثمناً باهظاً بأن تُستذل، وإذا أذلها الطغاة الجبابرة المستكبرون قهروها وفعلوا بها كل شيء واستباحوها وهي في حالة الذل ليس عندها إباء ولا منعة فيستبيحونها ويفعلون بها ما يشاؤون ويريدون.
فإذاً؛ حالة الخوف يعالجها الإسلام في ترتبيه، في ما يصنعه من وعيٍ واقعي عن الواقع فيما يتركه من أثرٍ نفسيٍ ومعنويٍ عظيم، فيما يصنعه من إباء من عزة، تربية وقيم ومبادئ تحرك الإنسان، التحرر أيضاً من أسْر الطمع، البعض من الناس مثلا قد يشترى بالقليل من الناس، أو بمنصب معين، ولكنه خسر كرامته، خسر قيمه، دينه، أفلس إنسانيا، باع نفسه، باع إنسانيته، باع قيمه، باع مبادئه، خسر خسارة كبيرة لأنه خسر كل شيء، لطغاة جبابرة ظالمين، عبّد نفسه لهم في مقابل الحصول على شيء تافه حقير، لا يساوي شيئا في مقابل ما باعه هو، ليس هو ثمن بما تعنيه الكلمة، ثمن “من صدق”، ثمن بمستوى ما باعه من إنسانيته، من كرامته، من دينه، من أخلاقه، وكذلك من حريته، وما يترتب على ذلك في الدنيا والآخرة، فالإسلام يحررك من كل ما يكبلك عن هذا التحرك، ويتيح لك النهوض بسمؤليتك كما ينبغي، فلا بد من التحرك، الأمة اليوم تواجه مخاطر وتحديات كبيرة وحقيقية، لا يمكن أن يدفعها عن الأمة إلا تحمل المسؤولية بوعي، والتزام، وتحرك جاد، وتوكل على الله سبحانه وتعالى، دون هذه الأمة يمكن أن تسحقها هذه التحديات، يمكن أن تنال منها الأخطار على نحو فظيع، مؤامرات لسحق هذه الأمة، لإنهاء كيان وإسقاط كيان هذه الأمة، لبعثرة هذه الأمة، لاستعباد هذه الأمة، للسيطرة التامة عليها، وتحويل أبنائها إلى عبيد لأمريكا، وعبيد لإسرائيل، ليس لوجودهم في هذه الحياة من غاية ولا من هدف إلا أن يكونوا خدما مسخرين لخدمة أمركيا، وأجندة أمريكا، ومؤامرات أمريكا، هذا ما يريدونه للأمة، وما يسعون لأن يفعلوه بالأمة، ثم تكون خيراتهم مقدراتهم بلدانهم ثرواتهم، كل ما لهم من مقدرات لصالح أمريكا، لا ينالون منها إلا الفتات وإلا اليسير في مقابل ما يفعلونه، ويقدمونه لصالح أمريكا ولصالح إسرائيل.
تحديات كبيرة وأخطار حقيقية، ولا يتحرج لا الأمريكي ولا الإسرائيلي، قوى الطغيان بكل ما يعبر عنه الطغيان، ويمثله الطغيان، وأدواتها في المنطقة، سواء الأنظمة التابعة لها، أو المد التكفيري، أو أي قوى أخرى يمكن أن تحركها أمريكا وأن ترتبط بالأجندة الأمريكية والإسرائيلية، لا يتحرجون من فعل أي شيء بالأمة، فنحن معنيون بأن نعود إلى إسلامنا في قيمه، في مبادئه، في تعاليماته، في مشروعه التربوي العظيم، وأن نعود إلى رموزنا العظام، في الاستفادة منهم، والاهتداء بهم، والاستلهام من عطائهم من جهادهم من تضحيتهم من شهادتهم، من مواقفهم، من أخلاقهم، من سلوكياتهم، بكل معاني العز والإباء والصمود وكل عوامل الثبات، هذا ما نحتاج إليه اليوم.
مرت بنا أيضا اليوم ذكرى مهمة جدا في شعبنا اليمني المسلم العزيز هي ذكرى 14 من أكتوبر، العيد 54 من 14 أكتوبر، 14 أكتوبر شرارة أو انطلاقة الثورة التحررية للانعتاق من الاستعمار البريطاني، والتخلص من الاحتلال البريطاني في الجنوب، بعد أكثر من 120 عاما من الاحتلال البريطاني للجنوب، طبعا هذه المسألة مسألة فيها الكثير مما ينبغي أن يقال ولكن لا يتسع لنا الوقت، من المعلوم أن الاحتلال البريطاني الذي بقي لأكثر من 120 عاما في عدن, وامتد إلى مناطق شملت كل الجنوب والبعض من الأجزاء في الشمال – استند أو استفاد من عوامل متعددة ليتمكن من البقاء كل هذه المدة الطويلة، بالرغم من أنه ومنذ اللحظة الأولى لهذا الاحتلال البريطاني واجه مقاومة في الجنوب وفي عدن، ومقاومة تراوحت بين فترة وأخرى في مستوى قوتها أو ضعفها أو مدها أو انحسارها، على حالة أو حالات متفاوتة، ومستويات متفاوتة، ولكنه استفاد من أشياء كثيرة من بينها وجود أطراف آنذاك في كل تلك المراحل، من الأهالي من المواطنين، من بعض الشخصيات، من كان خيارهم أن يرتبطوا بهذا المحتل، أن يتعاونوا مع هذا المحتل، وأن يقاتلوا مع هذا المحتل، وأن يناصروا هذا المحتل، وأن يبرروا لهذا المحتل تواجده، وأن يتعاونوا معه بأسوا أنواع التعامل، بما في ذلك ممارسة التعذيب في سجونهم بحق الثوار الأحرار في مراحل متفاوتة، الاشتراك مع المحتل في جرائم إبادة جماعية، جرائم قتل، جرائم تنكيل بحق الأهالي، في مناطق متعددة، وفي مراحل متعددة من تاريخ الاحتلال البريطاني لعدن والجنوب.
أنا أقول إنه حصل تقصير كبير جدا جدا، في المناهج التعليمية، وأيضا في النشاط الإعلامي بكل مستوياته، بكل وسائله وأدواته، في النشاط الشعبي، فيما يتعلق بهذه المسألة، كان من المفترض أن يشكل ما حدث من الاحتلال البريطاني ولمدة طويلة من الزمن لأكثر من 100 عام في عدن والجنوب – أن يشكل عاملا مهما جدا في كل واقعنا في البلد، إضافة إلى ما سبقه من استهداف لبلدنا في كل المراحل التاريخية، لتعزيز الثقافة التي تحفظ لنا في بلدنا الوعي، وتحفظ لنا روحية التحرر والاستقلال والممانعة، والتصدي لأي احتلال أجنبي، لأن وجود فئات أو وجود أطراف أو وجود قوى في البلد لديها قابلية للاحتلال، ولديها قابلية ليس فقط أن تقبل بالمحتل، وأن تستسلم للمحتل الأجنبي المعادي الذي يأتي بدافع الشر والعدوان، ليس فقط أن تستسلم له وأن تقبل باحتلاله وسيطرته ونهبه للثروة، واحتلاله للأرض، وإذلاله للبشر، بل أن تقف بصفه، أن تبرر لاحتلاله، أن تجعل احتلاله عاملا للحضارة وفرصة مهمة وو الخ، هذه الحالة كان يجب أن نعمل على ألا تتكرر في بلدنا، كان من المفترض أن تكون المناهج الدراسية، أن يكون الأداء الإعلامي، أن تكون السياسات في هذا البلد في كل شيء، يا إخوة والله لن يشهد بلدنا من الاهتمام بهذه المسألة بقدر ما لدى الصينيين أو ما لدى بعض البلدان الأخرى تجاه أقوام استعمرتهم، كان ذلك عاملا لهم -مثلا- على مستوى الاسترتيجية الشاملة، مثلا: السياسية التي يبنون عليها واقعهم الاقتصادي، كيف يكونون أمة قوية عصية على أولئك الذين غزوها في ما مضى، واحتلوا أرضها، ونهبوا ثروتها، وأذلوا شعبها، أن يكونوا أقوياء حتى لا يتكرر ذلك، أن يكونوا عصيين أمام أي احتلال جديد، أمام أي غزو أجنبي جديد، كيف تترسخ ثقافة الحرية والاستقلال والاستعصاء على الاحتلال الأجنبي حتى لا يكون هناك أي أرضية قابلة لاحتلال أجنبي، حتى لا يأتي أي احتلال أجنبي من جديد فتجد من يصفق له، من يطبل له، من يمجده، من يعظمه، من يقف معه، من يعبره تحريرا، من يعتبر الاحتلال الأجنبي الواضح والسيطرة الأجنبية على الأرض والإنسان في اليمن يعتبرها تحريرا، ويعتبرها خيرا، ويعتبرها نصرة، ويعتبرها مصلحة، ويبرر لها، ويقف معها، ويفعل معها كل شيء، يبرر يحارب يقاتل يفعل كل شيء.
اليوم أنا أقول بكل مصداقية وبكل مسؤولية أن ما يحدث اليوم من حالة استقطابية واسعة، من توجه لقوى سياسية كثيرة في هذا البلد، من توجه لكثير من الناس في صف الأجنبي، ومناصرة الأجنبي الذي يحتل بوضوح بلدنا في الجنوب وفي مناطق كثيرة كان نتاجا لتقصير في المرحلة الماضية، تقصير كبير في التثقيف في التعليم وفي الإعلام، وفي الاستراتيجية الشاملة التي يبنى عليها واقع البلد، حتى لا يكون قابلا لأي حالة احتلال، وحتى يكون عصيا بأكثر مما مضى أمام أي حالة احتلال.
ثم أيضا أقول لأي قوى آثرت أن تقف بصف الأجنبي المحتل اليوم: عودوا إلى التاريخ قليلا، والزمن لا يبعد كثيرا، يعني نحن اليوم لا نتحدث عن أحداث تاريخية بعضها لها أكثر من 1000 عام، هذا لا، هذا قريب العهد مقارنة بأحداث تاريخية بعيدة، قريب العهد، ما الذي تختلفون اليوم فيه عن أولئك الذين وقفوا مع البريطاني، كل القوى التي هي اليوم في صف الإماراتي تحت راية الأمريكي، في صف السعودي تحت راية الأمريكي، ما الذي تختلفون فيه اليوم عمن وقفوا بصف البريطاني وأنتم اليوم تلعنونهم ويلعنهم التاريخ، تعتبرون فعلهم خيانة، ويسجل التاريخ عليه أنهم خانوا بلدهم، وخانوا شعبهم، وخانوا أمتهم، ما الذي تفرقون به عنهم، ما الذي تختلفون به عنهم، أنتم فعلتهم نفس الذي فعلوه، وأنتم اليوم في نفس الموقع، بنفس التصرف، بنفس التوجه، نفس السلوك، أنتم في موقع الخيانة والاشتباه، مهما حشدتهم أو قدمتم من تبريرات زائفة، لا تبرر للإنسان أن يخون بلده، وأن يقف بصف الأجنبي، خلافات داخلية، مشاكل داخلية، خلافات سياسية، أي مسائل مهما كانت، ليست مبررا صحيحا وسليما لأن تقف مع الأجنبي ليحتل بلدك ويحتل أرضك ويستعمرك ويتحكم بك.
اليوم ما الذي يحدث في الجنوب مثلا؟ استعمار بكل ما تعنيه الكلمة، سيطرة على البشر، وتحكم بهم، ومصادرة لقرارهم، ما هناك أحد في الجنوب ولا هناك أحد ممن هم في صف العدوان من عند عبد ربه إلى أطرف شخص ممن هم في صف العدوان له قرار حرّ فوق قرار الإماراتي أو فوق قرار السعودي في بلده أو في شأنه، هل يمتلك عبد ربه أن يتخذ قرار وله صلاحية فوق الإماراتي وفوق السعودي، فيما يعني عدن أو يعني الجنوب في أي منطقة من الجنوب، أو يعني الشمال في منطقة من مناطق الشمال؟ لا. فمعناه أنك مستعمر مستعبد، مصادر القرار لست حرا لا تعيش حريتك، القرار فيك في أمر بلدك في كل شأنك بيد ذلك الأجنبي المعادي الذي أتي وارتكب أبشع الجرائم وفعل الفضائع والقبائح والشنائع، واحتل الأرض، ثم هو يعزز حضوره، ما هي الأولويات اليوم التي يشتغل عليها الإماراتي تحت المظلة الأمريكية وفي ظل الأجندة الأمريكية في الجنوب، هل لصالح أبناء الجنوب، هل الوضع يتحسن في الجنوب يوما بعد يوم في كل الاتجاهات؟ هل هو يملك أبناء الجنوب أمرهم وقرارهم ولا يتدخل، ويترك الأمر لهم؟ و”يشتغل فقط يسرح يناصرهم ويدافع ويحارب وما اردي أيش يعمل”؟ لا. وللأسف الشديد البعض في الجنوب مع أن الكثير من أبناء الجنوب خيارهم مختلف، خيارهم حرّ، بعض فقط منهم مشتتين مرتبكين نتيجة المشاكل السياسية لكنهم لا يعيشون حالة الرضا عن هذا الواقع، سيما بعد أن تجلت الحقائق، الأغلب في الجنوب اليوم والأغلب في المناطق المحتلة في أي جزء من أجزاء هذا البلد، في شرقه أو جنوبه أو في أي بقعه، الأغلب غير راضين عن الوضع القائم، يشاهدونه، وتتجلى لهم الأمور، وتتضح لهم الحقائق، ولكن يجب التحرك، يجب الانتباه لأن في الحالة الراهنة دعك عن التاريخ وإلا ففي التاريخ ما يكفي ويفي، لكن حتى في الحالة الراهنة ما يشهد ويثبت أن كل الاهتمامات والأولويات بالنسبة للقوى المحتلة هي لمصالحهم لأطماعهم لرغباتهم لأهوائهم، ليست لمصلحة اليمنيين ولا من مصلحة اليمنيين في شيء، أبدا. المسألة مسألة احتلال ومصادرة قرار وسلب حرية، نهب ثروة، بدأوا بنهب الثروات، بدأوا يدخلون في عقود هي أشبه ما يكون بصكوك بيع على المناطق التي تتواجد فيها ثروات مهمة، بدأوا بعمل قواعد عسكرية في المناطق الاستراجية والمهمة والحساسة، ومنها جزيرة ميون، بدأوا بالاستحواذ على سقطرة، وهكذا يفعلون، الهدف هو السيطرة على المواقع والأماكن والمناطق الاستراتيجية، وأن يجعلوا لهم فيها قواعد عسكرية يستفيدون منها في السيطرة على البلد، وعلى مستوى التأثير في واقع المنطقة بكله، النهب للثروات والخيرات الواعدة التي بقيت مجمدة في كل الفترات الماضية فيأتوا هم لنهبها، الاستعمار للإنسان اليمني ليكون إنسانا لا قرار له، ولا حرية له، مجرد عسكري معهم، “يسرح يقاتل فين ما أرادوه يقاتل”، في حدود السعودية أو في أي مكان، “يشلوه يسيروا يطرحوه يقاتل” في اليمن أو في غير اليمن، هذا الهدف أن يكون الإنسان اليمني مجرد عبد لهم، أن يكون اليمنيون عبيد لهم يقاتلون بهم “أينما يشتوا”.
فأمام هذا الواقع واستذكارا لثورة 14 أكتوبر يجب أن نعي كشعب يمني أن علينا أن نعزز ثقافة الحرية والاستقلال والروح الوطنية المسؤولة، والوعي تجاه خطورة الأجنبي وأطماعه وأهدافه وما يترتب عليه، النتيجة التي وصل إليها الناس فيما مضى أيام الاحتلال البريطاني والتي في الأخير تعممت وانتشرت بشكل كبير ضرورة التحرر، وأنه لا يمكن أن يطيق الجميع حالة الإذعان والاستسلام لهذا الأجنبي، ولاحظوا اليوم كم تحتل هذه المسألة من المنهج المدرسي، مع أن فيها ما يفيد جدا، مثلا: مسألة الاعتقالات أيام البريطاني وما كان يفعله أيام الاعتقالات، ويمارس أبشع أنواع التعذيب، جرائم القتل والإبادة للمزارعين ولسكان المدن، وما فعله سواء في هجماته الجوية أو البرية، وغير ذلك، يعني أشياء كثيرة جدا، يفترض أن يهتم بها الإعلام اليوم، وأن يتدارك ما قد قصر فيه في الماضي، وكذلك وكذلك يفترض أن تلحظ على مستوى عام في الثقافة العامة في الاستراتيجية التي ننطلق منها في هذا البلد كشعب يمني في كل شأننا، هذا درس مهم نستفيد منه اليوم في مواجهة هذا الاحتلال الجديد، والاستعمار الجديد، وكما نستفيد من تاريخنا من رموزنا العظام، من منهجنا، من ديننا، من قيمنا، من مبادئنا، ونستفيد من الأحداث المعاصرة، ونستفيد الوعي تجاه ما يجري اليوم من مؤامرات ومكائد لنتحلى بالمسؤولية، ولنتحرك بناء على هذه المسؤولية التي لا بد منها في أن نتحرر، لا بد منها في أن ندفع عن أنفسنا الهوان والإذلال والاستعباد والقهر والظلم والاضطهاد، وإلا فنتائج التقصير والتنصل عن المسؤولية وانعدام الوعي كارثية على أي شعب لا يعي ولا يتحرك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا في السير على هديه وعلى نهجه، وأن نتحلى بالمسؤولية التي أمرنا بها في مواجهة الطغيان، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يفك أسرانا، ويشفي مرضانا، إنه سميع الدعاء، وأن ينصرنا بنصره، ويؤيدنا بتأييده.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،