الجذور التاريخية لتطبيع آل سعود
عمران نت/30 سبتمبر 2017م
انشغل العالم العربي بما تناقلته الصحافة الإسرائيلية قبل قرابة أسبوعين عن زيارة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لكيان العدو، خاصة أن خبر الزيارة انتشر بعد تصريح لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، قال فيه إن علاقة كيانه مع دول عربية «غير مسبوقة وأكبر من أي وقت مضى». خبر الزيارة الذي تناقلته صحف مقرّبة من ديوان نتنياهو أحدث ضجة، لكونه يأتي بعد فترة من المؤشرات عن تقارب كبير بين تل أبيب والرياض، خاصة في ما يتعلق بملف المواجهة مع إيران، والتحضير لمؤتمر «التسوية الإقليمية» الذي طرحه ترامب، وأخيراً ملف الأزمة الخليجية مع قطر
علي مراد
يحرص الإعلام الصهيوني كل فترة على نشر أخبار عن زيارات سرّية هنا وتعاون وتنسيق هناك بين الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية والسعودية، والسبب مفهوم إذا ما أخذنا بالاعتبار المحاولات الصهيونية المستمرة منذ ما قبل تأسيس كيانهم إلى إقناع محيطهم بأن وجودهم على أرض فلسطين «شرعي»، وبالتالي تبرير التعايش وتطبيع العلاقة الشعبية مع محيطهم العربي، فاتفاقات السلام الرسمية الموقّعة منذ عقود مع كل من مصر والأردن لم تسهم في إيجاد قبول شعبي بكيان الصهاينة.
لكن لماذا السعودية؟ ولماذا تحظى أخبار التطبيع السعودي باهتمام أكبر من أخبار التطبيع الرسمي والاقتصادي الإماراتي والبحريني مع تل أبيب مثلاً؟ الجواب يتبرّع به أنور عشقي ــ الوجه المعلن للتطبيع السعودي مع العدو ــ في مقابلة مع التلفزيون الألماني في حزيران الماضي: «العالم الإسلامي سيطبّع مع إسرائيل إذا طبّعت السعودية». الجنرال المتقاعد يُعَدُّ الوجه الذي أريد له أن يكون علنياً لعملية التطبيع السعودي بعد أن كان سرياً في الماضي، ويراد له أن يخرج إلى العلن حالياً. الأسباب المتداولة حول التقاطع الحالي للمصالح بين السعوديين وتل أبيب باتت معروفة للجميع، لكن يبقى السؤال الملحّ: هل ظروف سياسية معيّنة ــ مع تعاقب السنين ــ هي التي دفعت السعودية إلى مقاربة أكثر قبولاً بالعلاقة مع إسرائيل والتصالح معها، أم أن بوادر تقبّل وجودها والتعامل معها كانت موجودة في الأساس؟
ابن سعود: لن ندعم حركة معادية لليهود
عام 2012 صدر كتاب «المملكة العربية السعودية والصراع في فلسطين» (هو أطروحة دكتوراه في جامعة تل أبيب) لميخائيل كاهانوف، الضابط السابق في وحدة الاستخبارات العسكرية في الخمسينيات، ولاحقاً مسؤول وحدتي «كيشيت» و«تزوميت» التابعتين للموساد (الأولى تختص بتعقّب المعلومات وتجميعها بالتكنولوجيا، والثانية مسؤولة عن تجنيد العملاء ومتابعتهم)، وفي الثمانينيات عمل كاهانوف مستشاراً في مكتب رئيس وزراء العدو. يعرض الكتاب في فصوله الستة نظرة مؤسس السعودية عبد العزيز آل سعود إلى اليهود ووجودهم على أرض فلسطين، وفي فصله السادس يذكر تفاصيل تاريخية عن مرحلة ما قبل النكبة لم تُنشَر من قبل، في أغلبها تدور حول تسامح ابن سعود مع فكرة قيام دولة في فلسطين يكون لليهود فيها دور كبير بمعية بريطانيا. يستعين كاهانوف في كتابه بمصادر متنوعة من الأرشيف البريطاني ومذكرات قادة الوكالة اليهودية الذين أصبحوا لاحقاً عام 1948 القادة الأوائل للكيان الصهيوني (حاييم وايزمان رئيساً للكيان، بن غوريون رئيساً للوزراء، موشي شيرتوك وزيراً للخارجية).
يذكر في الصفحة 217 أنّ أول مؤشرات تقبّل عبد العزيز لفكرة وجود اليهود على أرض فلسطين ورفض مقاومتهم جاء على لسان مستشاره السياسي الخاص حافظ وهبة، الذي صرّح لوكالة «رويترز» من لندن عقب اندلاع «ثورة البراق» في أواخر آب عام 1929 بأن «عبد العزيز وشعبه يعترفون بأن فلسطين هي أرض مقدسة للأديان الثلاثة الكبرى، هو يريد من كل نفسه للمسيحيين واليهود والمسلمين أن يعيشوا بصداقة، ابن سعود يعتقد أن حكومة الانتداب ستحافظ على التوازن العادل بين العرب واليهود، ولا يجب أن يتم الاعتقاد أن ابن سعود سيدعم حركة معادية لليهود». يذكر الكاتب أن هذا التصريح ولّد حالة غضب في كل من دمشق والقدس وخرجت مطالبات لابن سعود بنفي ما صرّح به مستشاره الخاص أو الاعتذار. ردود الفعل أجبرت عبد العزيز على إرسال برقية إلى اللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني في القاهرة، كانت بحسب الكاتب «فارغة المضمون» قال فيها: «نحن نرجو لأبناء شعبنا العربي كل خير وسعادة، يؤلمنا ما يؤلمهم ويسعدنا ما يسعدهم في كل الأحوال».
هاجروا نكاية بعبد الله
لاحقاً في الثلاثينيات، مع انخراط العالم العربي في مناقشة مستقبل فلسطين على وقع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 وإضرابها الشهير، كان همّ عبد العزيز الأساسي الحؤول دون أن يتمكن حاكم الأردن عبد الله بن الحسين من السيطرة على فلسطين بكاملها، وقد رأى في تدفق اليهود إلى فلسطين عاملاً مساعداً في إفشال مساعي عبد الله. يذكر مؤلف الكتاب في الصفحة 222 أن عضو إدارة الوكالة اليهودية موشي شيرتوك زار الممثلية السعودية في لندن في 12 آذار 1937، مستعيناً بمعلومة استقاها من وزارة العودة البريطانية بأن «ابن سعود لا يريد مواجهات في فلسطين». قال شيرتوك في الاجتماع للممثل السعودي إن «ابن سعود كوّن مواقفه من اليهود بناءً على الإصغاء لوجهة نظر واحدة وهو لا يعلم الحقيقة بكاملها»، فأجابه ممثل الملك السعودي بأن «الملك سوف يكون سعيداً بسماع وجهة نظر اليهود وربما عمّا قريب يتاح لوفد يهودي أن يذهب إلى جدة، ولكن حالياً نفضّل أن تودعوا وجهة نظركم خطياً لدى الممثلية السعودية في القاهرة». يذكر ديفيد بن غوريون في مذكراته أنه بعد هذا الاجتماع بأسابيع، وصلته رسالة مفادها أن فؤاد حمزة مستشار ابن سعود ومدير الشؤون الخارجية (وزارة الخارجية) طلب لقاءه في بيروت، فأرسل أحد أعضاء الوكالة إلياهو افشتاين لاكتشاف النيات.
بن غوريون في بيروت
في 8 نيسان 1937 جرى الاجتماع بين فؤاد حمزة وافشتاين في بيروت بحسب الكتاب، وطلب الأخير من حمزة أن يشرح للملك السعودي «ما هي الصهيونية وما هو مشروعها في فلسطين، وتفصيل موقفها من عرب فلسطين»، رد حمزة بأن «الملك يرغب في مساعدة بريطانيا على تسوية علاقاتها بالفلسطينيين، وعملاً بالعادات العربية الأصيلة يجب الاستماع إلى طرفي النزاع لاستخلاص العبر ومعرفة كيفية حله». يقول كاهانوف إنه في ظل الأجواء المريحة للقاء الأول، توجّه بن غوريون شخصياً برفقة افشتاين إلى بيروت في 13 نيسان واجتمعا بفؤاد حمزة. حمزة قال لبن غوريون إن كل المشاكل مرتبطة باستمرار هجرة اليهود إلى فلسطين، ومع تزايد أعدادهم سيتحول عرب فلسطين إلى فئة غير ذات جدوى في المجال الاقتصادي وسيفقدون القدرة على التأثير في ظل التفوق اليهودي، فأجابه بن غوريون بأن «على عرب فلسطين أن لا يخشوا بأن يصبحوا أقلية قومية في ظل وجودهم في محيط عربي يشكّل أغلبية سوف تحميهم، وأن اليهود يتمتعون بمكانة في دول العالم من شأنها أن تساعد العرب اقتصادياً وسياسياً وثقافياً». في نهاية الاجتماع اقترح بن غوريون أن يُعقَد اللقاء التالي مع ولي العهد السعودي سعود بن عبد العزيز الذي كان سيزور لندن لحضور حفل تتويج الملك جورج السادس في 12 أيار 1937. في 11 أيار توجّه إلياهو افشتاين إلى الممثلية السعودية في لندن، وقدم ورقة توصيات أعدها موشي شيرتوك، وتلقى وعداً بأن يتلقى رداً إيجابياً من يوسف ياسين مستشار الملك السعودي الذي كان يرافق ولي العهد سعود في زيارته لندن. لكن الرد كان سلبياً، ومفاده أن ياسين لا علم له بما دار من نقاش بين فؤاد حمزة وبن غوريون في بيروت، وأيقن قادة الوكالة اليهودية حينها أن العلاقة بين حمزة وياسين كانت متوترة وكانا على تنافس دائم في ما بينهما.
أعطوني الضفة مقابل الهجرة
في 18 أيار 1937 التقى بن غوريون بمستشار ابن سعود السياسي جون فيليبي (الحاج عبد الله كما سماه عبد العزيز) في لندن، وقد حاول فيليبي أن يرتّب اجتماعاً بين بن غوريون والأمير سعود خلال وجود الأخير في لندن، وكذلك ترتيب زيارة لبن غوريون للرياض للقاء الملك. بحسب كاهانوف، لم تنجح مساعي فيليبي، لأن الملك السعودي لم يكن على استعداد لأن يجتمع مباشرةً (أو أي أحد من أسرته) مع قادة الحركة الصهيونية آنذاك. في لقاء بن غوريون وفيليبي، قال الأخير إنه «مقتنع بأن ابن سعود هو الزعيم العربي الوحيد الذي يستطيع أن يكون على رأس ائتلاف عربي للقبول بفيدرالية عربية تشمل فلسطين، وهكذا فقط يستطيع ابن سعود أن يضمن لليهود مصالحهم». هنا سأل بن غوريون فيليبي: «لماذا سوف يقبل ابن سعود باستمرار هجرة اليهود إلى فلسطين؟»، أجاب فيليبي: «لأنه في هذه الحالة سوف يتمكن ابن سعود من مناقشة باقي العرب في مسألة الإمكانات المالية والاقتصادية التي سيأتي بها اليهود للعالم العربي». في 31 أيار من العام نفسه اجتمع يوسف ياسين في لندن بجورج رونالد، أحد موظفي الخارجية البريطانية وأطلعه على الاتصالات السعودية مع قادة الوكالة اليهودية، وشرح لرونالد خطة الحل التي بحثها فيليبي مع بن غوريون. الخطة قضت أنه «بانتهاء الانتداب البريطاني تُنقَل السيادة الكاملة على الضفة الغربية لابن سعود على أساس أن لا يحصل تحديد للهجرة اليهودية إلى فلسطين»، وبحسب كاهانوف كان ابن سعود حريصاً على وضع البريطانيين بصورة هذه الاتصالات لمعرفة رأي بريطانيا.
عبد العزيز يثق بطبابة الصهاينة
يذكر كاهانوف أنه في تموز 1937، تسلّم ابن سعود من المندوب البريطاني توصيات لجنة «بيل» الملكية البريطانية التي أقرّت تقسيم فلسطين. عندها طرح ابن سعود فقط مخاوف حيال حصول حاكم الأردن عبد الله بن الحسين في التوصيات، على منطقة العقبة – عمان، لم يتطرق عبد العزيز قطّ في محادثته مع المندوب البريطاني إلى توصية إقامة دولة يهودية على جزء من أراضي فلسطين! فبحسب ما ينقله كاهانوف عن مذكرات قادة الوكالة اليهودية أن عبد العزيز لم يعارض قَطّ قيام دولة يهودية، بل اعتراضه في توصيات لجنة «بيل» كان فقط على وجود دولة عربية مستقلة معترف بها على حدود مملكته يحكمها عبد الله بن الحسين. في الصفحتين 250-251 يذكر كاهانوف تفاصيل زيارة نجل عبد العزيز الأمير منصور (أول وزير دفاع للسعودية) برفقة أخيه الأمير فهد (الملك لاحقاً بين 1982-2005) للقدس أواخر عام 1943 وتلقيه العلاج في مستشفى «هداسا» الذي كان قد تأسس عام 1934 على يد «المنظمة الأميركية الصهيونية النسوية»، متحدثاً عن عدم ممانعة عبد العزيز تلقي نجله العلاج من قبل أطباء صهاينة، وهو الذي كان في تلك الفترة يتلقى علاج عينيه على يدي طبيب يهودي من البعثة العسكرية الأميركية يدعى مائير يوسف فيلدمان.
المال مقابل فلسطين
في الصفحة 253 من الكتاب يذكر كاهانوف خطة جون فيليبي مستشار عبد العزيز حول الحل في فلسطين، وكانت خطّته بتنسيق مع قادة الوكالة اليهودية آنذاك، وقد بلغ الحديث فيها عام 1943 مرحلة دفع زعيم الوكالة حاييم وايزمان مبلغاً من المال تحت مسمّى «تعويض» لابن سعود ليرفض خيار الفيدرالية العربية بين لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، وبالتالي إحياء الأمل لدى اليهود لإقامة دولتهم على أرض فلسطين. عندما عرف الرئيس الأميركي روزفلت بتفاصيل الخطة، أوفد مبعوثاً خاصاً إلى عبد العزيز هو الكولونيل هوسكينز، الذي بحث مع عبد العزيز المضي قدماً في تطبيق الخطة بمعية الأميركيين. يقول كاهانوف إنّ المسعى الأميركي فشل بحجة أن ابن سعود رفض أن يكون مرتشياً بمال اليهود (الرواية الرسمية المتداولة)، لكن وثيقتين بريطانيتين من عام 1943 تحملان الرقمين CO 733/443/18 وCO 733/443/19 تشيران بوضوح إلى أن المفاوضات السرية بين حاييم وايزمان وهوسكنز مع عبد العزيز كانت تجري بثبات ويرصدها البريطانيون. وبحسب الوثيقتين، كان المبلغ المرصود 20 مليون جنيه استرليني، وسبب انسحاب عبد العزيز منها وإنكاره للمسعى برمّته هو تسريب جون فيليبي تفاصيل المفاوضات لزعماء عرب آخرين. بعد هذه الواقعة أصبح عبد العزيز حذراً، وأكثَرَ من التصريحات التي شددت على رفض وجود دولة يهودية على أرض فلسطين لامتصاص غضب العرب ودحضاً لأي رواية تتحدث عن تآمره وتفاوضه السريّ مع الوكالة اليهودية خلف الكواليس.
نفطي أغلى من فلسطين
في الصفحة 260 من كتابه يذكر كاهانوف، نقلاً عن مذكرات بن غوريون، ما ورد في مكالمة هاتفية بتاريخ 23 تشرين الأول 1946 أجراها ممثل الوكالة اليهودية في الولايات المتحدة مناحيم غولدمان مع بن غوريون، يخبره فيها أن الإدارة الأميركية طلبت من سفرائها وممثليها في الدول العربية إبلاغ القادة العرب أن «واشنطن تدعم هجرة 100 ألف يهودي فوراً وإقامة دولة يهودية قابلة للوجود على جزء من أرض فلسطين». في المكالمة قال غولدمان إن ابن سعود أرسل رده إلى الأميركيين بأنه «لن يضع عوائق أمام الولايات المتحدة وسيقترح على الدول العربية الأخرى أن تتصرف باعتدال». ويشرح غولدمان كيف أن ابن سعود أخذ اعتبارين في حسبانه، هما عامل القوة الأميركية ومصالحه الخاصة، رغم أنه كان يملك خيار سحب امتياز استخراج النفط السعودي من الشركات النفطية الأميركية كورقة ضغط على واشنطن لتعديل موقفها الداعم لإقامة دولة يهودية، بحسب غولدمان.
الصهاينة: نصنّع سلاح السعوديين
إذا كان الموقف الفعلي لمؤسس المملكة السعودية من كيان الصهاينة كما سلف، فلن يكون مستغرباً في السنوات والعقود اللاحقة أن يبني أبناؤه وأحفاده من بعده على هذا الموقف لإيجاد علاقة أكثر تطوراً مع الصهاينة. هناك الكثير من التفاصيل والتسريبات التي تتحدث عن العلاقة خلال الستينيات في حرب اليمن، ولاحقاً تواصل سفير السعوديين الأسبق في واشنطن بندر بن سلطان مع يهود أميركا، وفتح العلاقة أكثر بداية التسعينيات مع قدوم وفد يهودي بمعية بندر إلى الرياض للقاء الملك فهد ضم في صفوفه أعضاءً في حزب الليكود الصهيوني (يذكر كاهانوف في كتابه قصة الزيارة بعجالة). في 28 حزيران الماضي نشر موقع «تايمز أوف إسرائيل» مقالاً لدوغلاس بلومفيلد، المستشار القانوني الأسبق لمنظمة AIPAC الصهيونية، حمل عنوان «الصفقات العسكرية الإسرائيلية السعودية السرية». يربط بلومفيلد بين صفقات السلاح التي أعلنها ترامب خلال زيارته الأخيرة للسعودية واستفادة تل أبيب المرجّحة من عملية تصنيع السلاح السعودي، التي بحسب ما يؤكده تعود إلى عقود مضت. عام 1981 كان الكونغرس الأميركي يناقش الموافقة على صفقة بيع 5 طائرات «أواكس» للسعودية، بالإضافة إلى تجهيزات تطويرية لطائرات «اف 15» كانت قد اشترتها الرياض قبل عام من الأميركيين. يقول بلومفيلد إن سفير تل أبيب في واشنطن آنذاك أفراييم أفرون ضغط سرّاً على أعضاء في الكونغرس لإمرار الصفقة، رغم إعلان رئيس حكومة العدو مناحيم بيغن أنه يعارض بيع السعودية أسلحة أميركية متطورة. يضيف بلومفيلد أنه خلال زيارته في خريف 1981 لـ«شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية» الملاصقة لمطار «بن غوريون» شاهد ما أدهشه. يؤكّد أنه شاهد عمليات تصنيع خزانات وقود إضافية لطائرات «اف 15» عليها شعار «القوات الجوية الملكية السعودية»، كانت معدّة للشحن إلى عنوان في «تالسا، أوكلاهوما» في الولايات المتحدة الأميركية. يقول الكاتب ساخراً: «بينما كنا نقول للكونغرس الأميركي إن بيعكم هذا السلاح للسعوديين يهدد أمن إسرائيل، كان الإسرائيليون بأنفسهم يصنّعون ذلك السلاح ليبيعوه لنفس العدو السعودي!». يتابع بلومفيلد قائلاً إن شركة «ماكدونال دوغلاس» لزّمت عملية تصنيع تلك الخزانات لـ«شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية»، بالإضافة إلى المزيد من أنظمة التشغيل الخاصة بالطائرات السعودية ولا تزال تفعل ذلك حتى اليوم بعلم السعوديين ورضاهم، بحسب ما أكده له مدير سابق في الشركة الإسرائيلية المذكورة أعلاه.
الأخبار