الرئيس كما لم نعرفه من قبل
عمران -نت 17اغسطس|2017م
ما بعد اليوم لن يكون كما قبله، بهذا لخص رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد مسار عمل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني وبشكل عام المرحلة المقبلة لملامح الاتفاق السياسي بين المكونات السياسية اليمنية وبالأخص أنصار الله والمؤتمر الشعبي لتطبيع الوضع سياسيا.
ويبدو أن مرحلة التصعيد العسكري التي يحضر لها العدوان اقتضت من الصماد الذي لعب دور شعرة معاوية في رئاسة المجلس السياسي الأعلى وإدارة دفة الدولة، أن يقطع الشعرة لصالح فرض بناء الدولة الحقيقية دون النظر إلا لمصالح وطنية بحتة تقتضي عدم الإلتفات إلى مصالح حزبية ضيقه، وأجندات خارجة عن أجندة مواجهة العدوان والصمود.
قد يكون خطاب الـ 15 من أغسطس بالذكرى الأولى لتسلم المجلس السياسي دفة الحكم من اللجنة الثورية مفصليا لكنه ليس تحولا مفاجئا فقد سبق هذا الخطاب مؤشرات عدة عن توجه الرجل للعب دور القيادة الحقيقية لا دور المداراة للأحزاب على حساب الدولة وهموم المواطن اليمني.
ففي رمضان أطلق الصماد في خطابه بلقاء العاشر من رمضان عبارات نارية فهم منها الحزب الذي قصده وتجاوز قرار الدولة بمقاطعة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ المشارك في المؤامرة على الشعب اليمني، وقال حينها في معنى أن قرار الدولة بالمقاطعة سينفذ بالقوة إن لزم الأمر ولن يسمح لأي مكون سياسي بتجاوز الدولة واللعب على قضايا مصيرية وفق أجندته الضيقة ومصالح زعمائه.
وأثار تصرف ممثلي المؤتمر الوطني في الحكومة الوفد المفاوض بلقاء وفد الشيخ استغرابا واستنكارا شعبيا في زيارته الأخيرة للعاصمة صنعاء، وفهم حينها بشكل جلي أن المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ تمضي برأسين أو يحاول البعض جعلها هكذا، وهو ما حسمه الصماد في خطاب ذكرى تسلمه السلطة، بأن للدولة رأس واحد وعلى الجميع الخضوع لو لم يرق لهم ذلك.
مقتطفات لأبرز ما جاء في الخطاب الرئاسي الأخير:
- يجب أن تصل رسالتي لكل الإخوة في هذا البلد من المكونات السياسية لا وقت للمزايدة على أحد هذا هو حالنا أي طرف لديه الحلول ولديه القدرة يأتي الآن نحن مرحبون وسنتحرك جنوداً مجندة لدعم أي مسار ناجح، لن نأنف.
- أي طرف يزايد على الآخر ويحاول يضع العراقيل أمام أي محاولات لإصلاح ما يمكن إصلاحه فهذا غير مقبول ولا يليق بي شخصياً ولا بقية زملائي في المجلس أن نكون مظلة لتعطيل إصلاح الأجهزة القضائية لرفع الظلم عن الشعب الذي فقد شيء من ماديات الحياة ولا ينبغي أن نفقده أمنه وتوقه للعدل.
- لا يمكن أن أكون مظلة للفساد من أي شخص كان سواءً في حكومة أو أي مؤسسة أو جهاز من أجهزة الدولة، لا يمكن أن أكون مظلة لتعطيل دور الأجهزة الرقابية من القيام بدورها.
- لا يمكن أن نكون مظلة لأي تحرك مشبوه يصرف الشعب عن أولوية مواجهة العدوان أو يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية والوضع الميداني أو أن نصبح مظلة لاستغلال مؤسسات الدولة في غير ما بنيت له، وعندما أقول هكذا لا أقصد مكوناً بعينه ولا شخصاً بعينه بل أقولها لكل من وصل إليه خطابي.
- من يريد أن نكون مظلة لشرعنة ما يريد سواءً من الأنصار أو المؤتمر أو من أي طرف فليأتِ ويتحمل المسئولية بشكل مباشر ويكون هو المسئول أمام الشعب عن أي اختلالات ويتحمل أمام الله وأمام الشعب.
- نحن معنيون بإصلاح الأجهزة الرقابية وتفعيل منظومة الرقابة الشاملة وإزالة كل العقبات التي تقف أمام هذا التوجه وفقاً للدستور والقانون.
- نحن معنيون بإعادة النظر في برنامج الحكومة وعدم السماح لأي طرف بالمزايدة على أدائها وعلينا أن نضع لها البرامج التي تواكب التحديات وتتلاءم مع الظروف وفق خطط مزمنة ومتابعة وتقييم مستمر ورقابة فعالة، وأي عضو فيها لا يلتفت لا إلى هذا الطرف ولا هذا الطرف عليه أن يلتفت لمهمته ويتحرك لتنفيذها وإلا فليغادر غير مأسوف عليه.
- من أراد أن يتحرك معنا وفق هذه المسارات فنحن سنكون أقرب الناس للتفاهم والتنسيق والتوافق لما فيه مصلحة البلد.
- من يرَ أن هذه مسارات لا حاجة لها ويريد أن نكون مظلة للترهل والفساد والضعف والانهزام ويرى أن الوضع الحالي هو الذي ينبغي أن يكون فليأتي اليوم قبل غد لاستلام رئاسة المجلس السياسي ويتصدر المشهد ويتحمل المسئولية ويثبت جدارته وهذا مطلب مهم لنا ولكل فرد في هذا الشعب.
- من أراد أن يعطل أي مسارات للإصلاح فسأقولها بالصوت العالي لن نرضى وسنمضي من موقع مسئوليتنا لإصلاح ما استطعنا إصلاحه ولو انزعج من انزعج فالخيارات أمامه مفتوحة ولم نفرض أنفسنا على أحد.
- سنكاشف شعبنا بكل خطوة وهو الحكم فكل ما نقصده ونسعى إليه هو مطلب كل يمني حر من أي انتماء كان ولن يطغى انتماؤه على القبول بغير العدل ومحاربة الفساد وتعزيز عوامل الصمود في جبهات القتال للحفاظ على تضحيات شعبنا.
- إن شعبنا اليمني العظيم بذل أغلى التضحيات في سبيل عزته وكرامته وتحمل أشد أنواع المعاناة من أجل حريته وكرامته ولا ينبغي إلا أن نكون بمستوى تضحيات هذا الشعب للوصول إلى نيل كرامته واستقلاله.
- نحن هنا قطعنا على أنفسنا عهداً أن نكون حيث كان شعبنا وأن يجدنا حيث يجب ويفتقدنا حيث يكره وأن نحافظ على وحدته وأمنه وسيادته ونحن على هذا العهد سنظل ولن نكون إلا خداماً لهذا الشعب بكل أطيافه ومكوناته وما نقوم به من خطوات هي لهذا الهدف الشريف بشرف هذا الشعب وعظمته.
- ما بعد العام لن يكون كما قبله أنا مضطر كرئيس للمجلس السياسي الأعلى وواجهة أمام الشعب أن أقول إن المجلس السياسي الأعلى بجميع أعضائه معنيون أكثر من أي وقت مضى بالتحرك الجاد والمسئول لتعزيز دور السلطة القضائية وتفعيل مؤسساتها لنحقق العدل وتعالج اختلالات بإعادة النظر في كل من يقف عثرة في سبيل ذلك من أي انتماء كان من رأس الهرم الوظيفي حتى آخره وفقاً للدستور والقوانين النافذة.
من نافل القول إن الصماد كشف عن نفسه قائدا سياسيا في واجهة التصعيد السياسي والعسكري الذي يزمعه العدوان، وهو يحضر لمعركته بتحصين الجسد اليمني سياسيا ومغادرة الدور الذي لعبه على مدى عام كليا.
لكن الأهم من ذلك أن خطاب الرئيس في الخامس عشر من أغسطس قوبل بارتياح شعبي كبير للخروج، وفسر ذلك تناقله بكثافة في وسائط التواصل الاجتماعي، مايعكس دعما شعبيا غير مسبوق يناله الصماد في عملية الإصلاح المزمعة والحرب على الفساد المستشري منذ عقود، لصالح المواجهة الشاملة مع العدوان وتحقيق الانتصار وبما يصون كل التضيات التي قدمت وفي المقدمة الدماء الشريفة التي سقطت على الأرض اليمنية، ولم يوفها السياسيون حقها إلى اليوم من التضامن والموقف.
تقرير / إبراهيم الوادعي