نتنياهو في أخر أيامه .. اعتزال السياسة مكرهاً أو راغباً
عمران -نت 10 اغسطس|2017م
يبدو أن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتياهو يعيش أخر ايامه السياسية هذه الفترة، ويحتاج لمعجزة كبيرة ليستطيع الحفاظ على تشكيلته الحكومية، وذلك على خلفية فضائح الفساد التي تلاحقه، وتراجع شعبيته بشكل كبير بين أوساط المستوطنين.
وفي هذا السياق تؤكد أغلب التحليلات السياسية أن تقديم لائحة الاتهام لنتنياهو من الناحية الأخلاقية يعني استقالة رئيس الحكومة، واحتمال عدم عودته لرئاسة الحكومة، حتى لو لم تثبت الدلائل ضده وقامت المحكمة بتبرئته، وبالتالي سيكون المستشار القضائي قد أسقط نتنياهو تحت شبهات لم تثبت، ولكن يجب الاخذ بعين الاعتبار أن المستشار القضائي يشعر بمسئولية الحفاظ على الاستقرار السياسي والائتلافي لنظام الحكم، وعليه فان القضية حساسة جداً ومجرد تقديم لائحة الاتهام ستؤدي لمحاكمة حقيقية وإدانة أكيدة.
ماهي قضايا الفساد التي يتم التحقيق فيها مه نتنياهو:
قضايا عديدة يتم التحقيق فيها مع نتنياهو تتعلق جميعها بقضايا فساد، أظهرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، ويتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بتلقي الرشوة وسوء استعمال السلطة وخيانة الأمان، ولكن ما خفي ربما أعظم.
أولاً : “ملف 1000” نتنياهو مشبوه بالحصول على مئات آلاف الشواكل من رجل الأعمال ارنون ملتشن، من خلال تزويد نتنياهو بالسيجار والشمبانيا والمجوهرات بواسطة الوسطاء. ونتنياهو قدم خدمات لملتشن بالمقابل في صفقة لبيع القناة العاشرة، وساعده في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة.
ثانياً: “ملف 2000” هو في الأصل ملف متعلق بالرشوة؛ فقد تم توثيق نتنياهو وهو يقوم بإجراء اتصالات مع مالك “يديعوت احرونوت”: موزيس يقوم بترجيح كفة رئيس الحكومة في التغطية الإعلامية، ونتنياهو يقوم بالعمل ضد صحيفة “إسرائيل اليوم” من خلال التشريع أو الحد من انتشارها، ويتهم نتنياهو بتلقيه هدايا بخلاف القانون، وتبادل المنفعة مع ناشر “يديعوت أحرونوت” العبرية، وسيتم التحقيق في القضية سالفة الذكر حتى نهاية شهر أبريل المقبل، لأن الرحلات المتكررة لنتنياهو أعاقت الانتهاء من عملية التحقيق.
ثالثاً:ملف آخر يحمل رقم “3000”، يتم التحقيق فيه مع نتنياهو ومتهم فيه بالفساد وخيانة الأمانة، والذي يتعلق بصفقة الغواصات الألمانية التي اشترتها تل أبيب من برلين لتعزيز أسطولها الحربي البحري.
رابعاً: ” ملف رقم 4000″ حيث كشفت القناة العاشرة الإسرائيلية عن خضوع رئيس الوزراء الإسرائيلي للتحقيق، الإثنين الماضي، في قضية رابعة حملت رقم “4000”، ويواجه فيها نتنياهو اتهامات فساد جديدة، ولكن لم تكشف وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تفاصيل القضية.
وبحسب صحيفة هآرتس فان الناحية القانونية، توصية الشرطة بتقديم لائحة اتهام لا تلزم الشخص المنتخب بالاستقالة، لكن هذا الأمر قد يتسبب بالضغط من أجل إقالة نتنياهو. وإذا تحدثت الشرطة عن الرشوة فسيكون على موشيه كحلون الحسم في موضوع ترك الحكومة والذهاب إلى الانتخابات أو الاستمرار في تأييد نتنياهو.
ومن جانبه نفى نتنياهو الشبهات المنسوبة إليه، ويقول “إن التحقيق لن يسفر عن شيء، لعدم وجود أي شيء من الأساس”، زاعمًا أن جهات معادية له تبذل جهودًا كبيرة لإسقاطه، من خلال إلقاء “تهم باطلة” ضده وأسرته.
من سيخلف نتنياهو؟
وبالرغم من كون رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يمثل عمودًا فقريًا لتيار اليمين، الى أن شخصيات اسرائيلية عديدة تقف ضده، اضف الى ذلك فان كل من الاحزاب السياسية الفاعلية في كيان الاحتلال بدأت تتحدث عن خليفة لنتنياهو، وتذهب الترجيحات الى أن الوزير السابق والقيادي في حزب الليكود الذي اعتزل الحياة السياسية بشكل مؤقت، غدعون ساعار، هو الأنسب لرئاسة الحكومة في وسط جمهور الناخبين العام، في حين أن نفتالي بينيت هو الأنسب بنظر ناخبي اليمين، كذلك كان موشيه كحلون حاضراً وحصل على المركز الثاني بنسبة من أصوات مجمل الناخبين، تلاه موشيه يعالون بينما احتل بينت غابي أشكنازي على، غلعاد إردان ويسرائيل كاتس وأييليت شاكيد وأفيغدور ليبرمان المراكز الاحقة بالترتيب.
الاسرئيليون ضد نتنياهو
ورغم أن الرأي العام في الكيان الإسرائيلي في المرحلة الحالية أقل حساسية فيما يتعلق بأخلاقية سلامة الحكم مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل 20 أو 30 عامًا، وبالتالي فإن الرأي العام في إسرائيل يقبل بأن يتمتع رئيسه بالملذات مقابل ان يمتلك برنامجًا سياسيًا واضحًا يستجيب لمتطلبات الجميع الا ان استطلاع جديد للرأي أكد بأن 48% من الشعب الإسرائيلي لا يوافق على مزاعم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بتجند الإعلام ضده، وحسب الاستطلاع، يظهر أن 72% من الجمهور ردوا بأنه يجب التحقيق مع رئيس الحكومة الحالي، فيما قال 50% من الجمهور ان خطابه الاخير لم يؤثر على ثقتهم برئيس الحكومة.
وتولى بنيامين نتنياهو ( 67 عامًا) السلطة في الكيان الإسرائيلي بشكل متقطع منذ عام 1996، وهو الآن في فترته الرابعة رئيسا للوزراء، وسيصبح أكثر رئيس وزراء إسرائيلي بقاءً في السلطة، إذا ظل في منصبه حتى نهاية العام المقبل، ولكن و النيابة العامة الإسرائيلية وقعت قبل ايام على اتفاق “شاهد ملك” مع أري هارو، المدير السابق لمكتب نتنياهو، مما يعني أن الاخير سيشهد ضد مديره وبالتالي فان فرص نتنياهو لاكمال هذا العام وكسر الرقم القياسي باتت امراً مستبعدا.
وبالرغم من ان قضية التحقيق وتوجيه لائحة الاتهام لنتنياهو لم تتأكد بعد، لكن ما هو مؤكداً حتماً ان الاخير تعرض لزلزال كبير، لن يستطيع أن ينهض منه نهائياً وسيبقى عار الشبهات تلاحقه، مما يعني أن نتنياهو أصبح مدفوناً سياسيا ان لم يكن السجن مقبرته.
الوقت