الإمارات ترصد 2 مليار دولار بالتعاون مع المخابرات المصرية للهجوم على السعودية .. (تفاصيل )
عمران نت – الاخبار
أكدت مصادر بارزة مصرية لصحيفة “وطن”، أن ضباطًا بالمخابرات الإماراتية التقوا مسؤولين بالمخابرات المصرية، في اجتماع عُقد بمكتب اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ديسمبر/كانون أول من العام الماضي، لتنسيق التعاون بين الجهازين المصري والإماراتي فيما يتعلق بالمشرعات الإعلامية التي تموّلها الإمارات في مصر.
كان السيسي قد أصدر قرارًا جمهوريًا بتعديل قانون مجلس الأمن القومي المصري رقم 19 لسنة 2014، تنشأ بموجبه أمانة عامة للمجلس برئاسة أمين عام وعدد كاف من الأعضاء، وتحدد اختصاصات الأمانة العامة ووظائفها وكيفية اختيار أعضائها ونظام العمل بها بقرار رئيس الجمهورية. كما تضمن قرار السيسي بندًا ينص على إدراج الاعتمادات المالية الخاصة بالأمانة العامة في فرع مستقل بموازنة رئاسة الجمهورية.
وقالت المصادر لـ “وطن” إن إنشاء أمانة عامة للأمن القومي والمخابرات داخل رئاسة الجمهورية جاء نتيجة رغبة السيسي والمحيطين به في جعل الأعمال التي تقوم بها المخابرات والأمن القومي تحت أعينهم وإشرافهم المباشر، وأضافت المصادر أنه من خلال ضباط هذا المكتب الذي يتابع أعماله اللواء عباس كامل “ساعد السيسي الأيمن”، يتم يتلقّي الأموال الواردة من الإمارات والتي يستخدمها السيسي في أغراض مختلفة، على رأسها المنصات الإعلامية المتعددة التي أصبحت كلها تقريبًا تحت سيطرة السيسي ورجاله بدعم وتمويل من الإمارات.
الاجتماع الأخير بين المسؤولين الإماراتيين ونظرائهم المصريين، بحسب ما أكدته المصادر، عرض خلاله كل طرف وجهات نظره وتطلعاته وأهدافه من تلك المشرعات الإعلامية، حيث أبدى الجانب المصري تصوره الخاص بإدارة تلك المشروعات، وهو التصور الذي شمل الاستغناء عن كل الكوادر الصحفية ذات الميول الثورية واستبدالها بعناصر أخرى من الموالين بوضوح لنظام السيسي، وهو ما تحقق فعلًا في الفترة الأخيرة، حيث استغنت مجموعة قنوات “ON TV” وهي إحدى المشرعات الإعلامية المموَّلة من الإمارات وتشرف عليها مخابرات السيسي عن طريق المدعو أحمد أبو هشيمة، عما يزيد عن 200 صحفي ومعدّ برامج في عملية تشبه “التطهير”.
أما الشرط الأبرز الذي عرضه الجانب الإماراتي فانحصر، بحسب المصادر، في ضرورة بلورة موقف هجومي ضد المملكة العربية السعودية، داخل تلك المنصات الإعلامية، وهو ما لاقى ترحيبًا من الجانب المصري، لا سيما وأنه يوجد اتجاه قوي داخل المخابرات المصرية يقف ضد اتفاقية “تيران صنافير”، والتي كان من المفترض أن تتنازل مصر للسعودية بموجبها عن الجزيرتين. ووصفته المصادر بأنه تلاقٍ للمصالح.
مصادر خاصة أوضحت أن الإمارات رصدت 2 مليار دولار من أجل تنفيذ مشروعات إعلامية في أكثر من مكان منها مصر، هدفها الرئيس هو الهجوم على المملكة العربية السعودية.
وكان آخر تلك المشروعات التي استحوذت الإمارات عليها في مصر بمساعدة المخابرات المصرية، هي موقع وجريدة الدستور، التي أسسها الصحفي إبراهيم عيسى قبل أن يستولي عليها رجل الأعمال رضا إدوارد أواخر أيام مبارك ليحوِّلها من جريدة “معارضة” لمبارك إلى “موالية” تمامًا.
الصفقة “السرية” التي أُبرمت بين إدوارد والمخابرات الإماراتية، تمت برعاية اللواء عباس كامل، حيث أبلغ إدوارد “تليفونيًا” بحسب ما أكدته المصادر بأنه لا مفر من بيع الجريدة للإماراتيين، فوافق الأخير على الفور ووقَّع العقود.
أما تفاصيل باقي الصفقة، بحسب المصادر، فانتهى منها أحد ضباط المخابرات المصرية والتي تضمنت تعيين محمد الباز الصحفي السابق في جريدة الفجر، التي أسسها عادل حمودة، رئيسًا للتحرير. وكان الباز قد أشرف سابقًا على موقع وجريدة “البوابة” وهي إحدى المشروعات الإعلامية الإماراتية في مصر، قبل الانتقال إلى “الدستور”. ويُعرف عن الباز موقفه المعادي بشدة تجاه المملكة العربية السعودية وقطر، وله كتابات “هجائية” ضد الدولتين.
مشروع إعلامي آخر ضخّت الإمارات فيه بعض أموالها وهو مجموعة قنوات “أون تي في”، التي استحوذ عليها رجل السيسي و”ذراعه الإعلامية” أحمد أبو هشيمة، حيث يعتبر هو واجهة المخابرات التي لا تظهر عادة في مثل هذه الاستثمارات بشخصها.
وسرعان ما بدأت خطة “تطهير ON TV” بطرد المذيع والناشط السياسي وأحد شباب “ائتلاف الثورة” خالد تليمة من القناة، حيث أبلغته الإدارة هاتفيًا بإنهاء علاقته بالمحطة دون إبداء أسباب. ثم تلى ذلك منع المراسل البراء عبد الله من دخول المقر الإداري للقناة، وإبلاغه بقرار فصْله، الذي قال عنه لوسائل إعلام محلية، إنه جاء معاقبةً له على مواقفه السياسية بـ”أثر رجعي”، بسبب كتاباته التي تنتقد السلطة على حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت إدارة “أون تي في” قد أنهت تعاقدها مع المذيعة المعروفة بمعارضتها للسلطة في مصر ليليان داوود، مقدمة برنامج “الصورة الكاملة” بعد شهر واحد من استحواذ أبو هشيمة على القناة، وبعدها هاجمت قوة من الأمن منزلها، وقامت باصطحابها إلى مطار القاهرة وترحيلها إلى بيروت بحجة انتهاء مدة إقامتها في مصر.
ومؤخرًا استحوذ رجل المخابرات المصرية والإماراتية أحمد أبو هشيمة على صحيفة “صوت الأمة” التي كان يرأس تحريرها عبد الحليم قنديل، وقام بفصْل العشرات من الجريدة وإسناد إدارتها إلى رئيس تحرير جريدة “اليوم السابع” -إحدى مؤسسات أبو هشيمة– إلى خالد صلاح.
المصادر قالت إن الزيارة الأخيرة التي قام بها قيادي حركة فتح “المفصول” محمد دحلان إلى القاهرة، حيث التقى مسؤولين مصريين على رأسهم رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء خالد فوزي، ومدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل، شهدت مشاورات لبناء موقف معادٍ للسعودية داخل مؤسسات الإعلام في مصر، حيث إنه من المعروف أن دحلان هو أكثر المقربين من المخابرات المصرية، كما أنه أحد المقربين أيضًا من عبد الفتاح السيسي.
المصادر التي اطلعت على بعض نتائج اجتماع دحلان بالمسؤولين المصريين، قالت إنه انبثق لقاء آخر عن هذا الاجتماع، لكنه ضم رؤساء تحرير ومديري القنات الفضائية، حيث صدرت توجيهات إلى تلك القيادات التي تشرف عليها المخابرات المصرية، لتركيز الهجوم على المملكة، خصوصًا وأن الإمارات وإلى جانبها مصر يريان أن موقف الرياض من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وفرعها في غزة “حماس” قد تغيّر من العداء إلى القبول.
وكان السياسي المصري المعروف نادر فرجاني، قد انتقد بشدة زيارة قام بها دحلان إلى مقر جريدة “اليوم السابع” في سبتمبر/ أيلول 2015، واعتبرها نوعًا من التسوّل، حيث قال في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “استقبلت جريدة اليوم السابع تاجر السلاح محمد دحلان المكلف بتوزيع الرشوة الإماراتية على الصحف، كما يُستقَبل رؤساء الدول، ونشرت الجريدة عشرات الصور لدحلان وهو يتصدر اجتماعًا لمجلس التحرير ومن حوله رئيس تحرير الجريدة وأتباعه (يخدّمون) على دحلان ويلتقطون الصور التذكارية معه وينشرون تصريحاته ضد رئيس السلطة الفلسطينية”.
وأضاف: “لم يتضمن الحوار معه كلمة واحدة عن اتهامات الفساد والاختلاس الموجهة إليه، وحتى تهم تورطه باغتيال المبحوح في دبي مع الموساد الإسرائيلي، حيث كشفت شرطة دبي عن وجود اثنين من أتباع دحلان بانتظار المبحوح في مطار دبي قبل اغتياله من قبل الموساد”. واختتم فرجاني منشوره بالقول: “حامل أكياس محمد بن زايد تفقَّد مكاتب الجريدة وموظفيها نفرًا نفرًا في مشهدٍ مخجل ومعيب ارتضته الجريدة لنفسها في عملية تسوِّل مفضوح على رؤوس الأشهاد”.
تعتبر قناة “الغد العربي” أحد المشروعات الإماراتية “غير الخفيّة” والتي أُسندت إدارتها للإعلامي المصري الذي كان مقربًا من نظام مبارك عبد اللطيف المناوي، قبل الإطاحة من إدارة القناة دون أسباب معلومة، لكن البعض رجَّح أنها قد تكون بسبب حملة الدعاية التي أطلقتها القناة في مصر وكانت عبارة عن “بانرات” تحمل صورة مرشد الثورة الإيرانية على خامنئي، والتي تسببت في أزمة بين المناوي والممولين الإماراتيين.
اتخذت القناة منذ انطلاقها مقرًا في العاصمة البريطانية لندن، بالإضافة إلى مكاتب أخرى في القاهرة وبيروت وعاصم عربية أخرى، بتمويل قُدر بـ200 مليون دولار. واتسمت القناة منذ انطلاقها بعدائها لثورات الربيع العربي والتيارات الإسلامية.
سياسيون مصريون قالوا إن التحالف الإعلامي الذي تشكَّل على يد أجهزة مخابرات السيسي بدعم من الإمارات، لا يهدف فقط إلى محاربة التيارات الإسلامية التي تهدد وجود نظام السيسي على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، لكنه يهدف أيضًا إلى شنِّ هجوم على المملكة العربية السعودية، في ظل مخاوف إماراتية من التقارب بين نظام الملك سلمان بن عبد العزيز وجماعة الإخوان، واستقباله للقرضاوي والغنوشي وقادة حركة حماس.
وأضافت المصادر أن الحملة الشرسة ضد السعودية قد تجلَّت أكثر من مرة على شاشات القنوات المصرية، كان أبرزها هجوم إبراهيم عيسى على المملكة في واقعة “موت الحجاج الإيرانيين”. مؤكدة أن الإمارات ركزت على وسائل الإعلام واسعة الانتشار في مصر لتفرض عليها أجندتها الخاصة، مثل صحف (اليوم السابع، والوطن، والمصري اليوم) إضافة إلى تمويل مراكز بحثية وإعلامية تخدم توجهاتها كالمركز العربي للدراسات والبحوث الذي يديره الإعلامي البرلماني عبد الرحيم علي رجل الإمارات والمقرب من نظام السيسي، ومنح هدايا ومكافآت لبعض الصحفيين.
المصادر قالت إن أجهزة المخابرات التابعة للسيسي، تستهدف أيضًا من تلك المشروعات تحقيق مكاسب شخصية، والحصول على أرباح مادية، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى صراع ينشأ بين المسؤولين داخل تلك الأجهزة على أنصبتهم من الكعكة.