كاتبة إسرائيلية: اليهود ضد قرارات ترامب المناهضة للمسلمين أكثر من السعودية ومصر
عمران نت – متابعات
كان يمكننا التوقع أن يحظى الرئيس الأمريكي الذي يحظر دخول المسلمين للولايات المتحدة، والذي تضمن خطاب تنصيبه الجهر باستخدام مصطلح “الإرهاب الإسلامي”، والذي يؤسس بالفعل للإسلاموفوبيا، بتعامل متحفظ، على أقل تقدير من قبل زعماء الدول العربية.
كن الملك الأردني عبد الله كان أحد الزعماء الأوائل في العالم الذين قابلوا دونالد ترامب، فيما حافظ السعوديون على صمت مطبق تقريبا إزاء حظر الدخول ويفضلون نقل الرسائل بأدب وسرية، ويتفاخر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعلاقاته الشخصية مع ترامب، منذ فترة الانتخابات، حتى الفلسطينيون الذي انتقل الموقف الأمريكي تجاههم من المداعبة العاطفية خلال عصر الرئيس السابق باراك أوباما، إلى تجاهل مهين في عهد ترامب (يحاولون بيأس الحصول على لقاء رسمي مع ممثلي الإدارة، أي ممثل، دون نجاح حتى الآن، كما لو كانوا مرضى بالجذام) يحافظون على ضبط النفس، ويختبئون وراء أكتاف الدول العربية وينتظرون ما سيأتي.
أضف إلى ذلك أنه يمكن أن نقول بشكل قاطع أن قوة احتجاجات المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة على حظر دخول المسلمين، الذي بات يسمى “الحظر الإسلامي”(Muslim Ban) تفوق أضعافا مضاعفة الاحتجاجات التي شهدتها دول عربية لم تُدرج في قائمة الحظر، وسلسلة المنظمات المدنية ومنظمات اللوبي الناشطة في واشنطن. أمر غريب، لكنه صحيح.
تفسير علاقة العرب الغريبة تجاه ترامب يمكن تلخيصه في ثلاث كلمات: أوباما، إيران، والأموال.
كانت السنوات الثمانية لحكم أوباما كارثة بالنسبة للديكتاتوريات/الأنظمة الملكية العربية في منطقتنا. تلقى الحلفاء التقليديون للولايات المتحدة في المنطقة ثلاث ضربات قاسية: الأولى، التخلي عن حسني مبارك لصالح الإخوان المسلمين، والذي تبعه الفتور في التعامل مع السيسي، الذي استولى على الحكم عبر انقلاب عسكري.
الثانية، الاتفاق النووي مع إيران، الذي أعادها من وضع دولة تعاني من العقوبات إلى الأسرة الدولية، وحولها إلى هدف مفضل للاستثمارات.
الضربة الثالثة والأهم من كل ما سبق هي غض طرف إدارة أوباما عن نصف مليون ضحية في الحرب الأهلية بسوريا. حاول مرارا السعوديون والقطريون والأردنيون والمصريون (وكذلك الإسرائيليون) إقناع إدارة أوباما بتغيير اتجاهها. لكنهم فشلوا مرارا.
صحيح أن ترامب أوضح أنه ينوي الاستمرار في السياسات الانفصالية المتشددة، وعدم الغرق في أي مستنقع إقليمي، لكن العرب، وعلى رأسهم السعوديون، اكتسبوا خبرة مع الرؤساء الأمريكان ليفهموا أنه يجب التعامل بصبر مع الوعود الانتخابية.
جاء الرد على إعلان الإدارة أنه من الآن وصاعدا “إيران تحت الملاحظة”، عبر بيان لوزير النفط السعودية، قضى بأن المملكة تنوي زيادة الاستثمارات في سوق الطاقة الأمريكي. نذَكر أن السعوديين يستأثرون بما يزيد عن 100 مليار دولار من إجمالي الدين الوطني للولايات المتحدة، ويمكن أن يكون المبلغ أكثر إذا ما أخذنا في الحسبان الملاذات الضريبية.
بمعرفتنا بالأشخاص المعنيين، فإن هناك أيضا شكوك حول الاستثمارات الخليجية في الأعمال الخاصة لأسرة ترامب. لكن أيضا وبدون ذلك، من الواضح أن المصلحة الاقتصادية التي وجهت كل الإدارات الأمريكية للتحلي بتسامح شديد حيال الدعم السعودي للإرهاب، سارية المفعول أيضا في الإدارة الحالية.
السعوديون من جانبهم بحاجة للولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى.
إذا ما أضفنا إلى ذلك أيضا السن والحالة الذهنية للملك سلمان، وعملية نزع الشرعية التي تجرى ضد العائلة الملكية وسيطرتها على الأماكن المقدسة للإسلام، فسنكون أمام توازن رعب أمريكي- سعودي، أو، حال فضلنا النظر للأمور بشكل مختلف- تعاون مثمر بينهم وبين إدارة ترامب.
إذا ما حكمنا وفقا لتصرفات السعوديين وفي أعقابهم المصريين والأردنيين بعد انتخاب ترامب، فإنهم سوف يفضلون عدم البروز أيضا حيال مظاهر الإسلاموفوبيا من قبل الإدارة، وإبطال مفعول الألغام (نقل السفارة للقدس، وتوسيع المستوطنات) من خلال عمل صامت من خلف الكواليس مع البيت الأبيض وليس بشكل شديد، وبالتأكيد ليس من خلال هجوم شخصي على الرئيس.
علاوة على ذلك إذا ما شعروا أن علاقات أكثر دفئا مع إسرائيل أو المساعدة في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين طموحات شخصية للرئيس، يمكن أن نخمن أنهم سيبذلون الجهود للعمل في سبيلها. في النهاية، إن كان هناك شيء اكتسب العرب فيه خبرة فهو التعامل مع زعماء مرضى بجنون العظمة واضطرابات في الشخصية.