صحيفة فرنسية :هادي فقد شرعيته باستدعاء العدوان السعودي على اليمن
عمران نت-متابعات :
أعلنت منظمة الأمم المتحدة مؤخراً أنَ عدد المدنيين القتلى على إثر العدوان العسكري علي اليمن يكاد يتجاوز 10000 حالة وثمة جدل يدور منذ بضعة أيام في محاولة للتعتيم على هذه الجرائم ما لم تكن محاولة لإخفائها.
اليمن: حرب في طي النسيان أم الكتمان؟
مما لا شك فيه أنه إذا كان يتوفر لدينا الوقت والموارد كنا في الغالب لنطيل الحديث في وسائل الإعلام المختلفة عن العديد من الصراعات المأساوية التي لا تتصدر المشهد السياسي من حيث أعداد الضحايا والآفاق السياسية والاقتصادية المترتبة عليها والتي تدور رحاها في مناطق من العالم كثيراً ما تغيب عنها الأضواء في بلداننا الأوروبية ولكن في العموم حيث أنه توجد حالات استثنائية نلاحظ أنَ أولئك الذين يلقون باللوم على وسائل الإعلام لقلة الحديث عما يجري في اليمن هم أنفسهم الذين يعمدون إلى تهويل وتضخيم التدخل والمشاركة الواسعة من قبل الروس لمساعدة الجيش العربي السوري في حلب على الصعيد ذاته وفي الإطار ذاته لا بد لنا من أمعان النظر فيما يقوم به السعوديون بمساعدة حكومة أوباما الأميركية من جرائم في اليمن لندرك ما إذا كان الوضع مماثل أم أنه أسوأ!
رئيس لا مصداقية في انتخابه
من الواضح أن تلك الصراعات تختلف عن بعضها البعض من نواحٍ عدة ولكنها في الوقت ذاته محاطة ببعض أوجه التشابه: ففي كلتا الحالتين كانت الفترة التي عُرفت بـمايسمي ب”الربيع العربي” هي الحاضنة التي تمخضت عنها الحرب ضد نظام بشار الأسد في سورية وضد علي عبدالله صالح في اليمن ولطالما كانت هنالك قوة إقليمية واسعة النفوذ إلى جانب حليفتها الرئيسة، تلعب الدور الأكبر في الازمة على غرار إيران وحليفها الروسي الذين سارعوا إلى احتواء الوضع لإنقاذ سوريا وفي اليمن كانت المملكة السعودية بدعم من الولايات المتحدة الأميركية هي القوة النافذة الي جانب هادي الذي بالرغم من الشرعية التي حظي بها من قبل الأمم المتحدة إلا أنه فقد مصداقية انتخابه بمجرد السماح للنظام السعودي بإعلان التدخل العسكري بدعم من دول وممالك الخليج زد على ذلك التقارب المتمثل في قيام انتفاضة مسلحة في كلتا الدولتين حيث استهدفت المعارضة المسلحة النظام في سورية من خلال الآلاف من عناصر الكتائب المتطرفة ذات التوجهات السياسية المتباعدة للغاية انطلاقا من الجهاديين مروراً بالعلمانيين ووصولاً إلى السلفيين وفي اليمن كان التوجه التحرري الثوري الذي أعلن على يد الحركة الحوثية التي تمتاز بالتوصيف السياسي والعسكري إلى جانب الارتباط العقائدي الوثيق مع الشيعة الأمر الذي أكسبها الدعم العسكري واللوجيستي من قبل إيران وحزب الله.
كما هو الحال في سورية حالة الفوضى مرتع خصب للتنظيمات الإرهابية
لا يزال هناك تشابه من الوزن الثقيل بين ما يجري في كلا البلدين ألا وهو الإرهاب: ففي سورية كما هو الحال في اليمن تسعى التنظيمات الإرهابية إلى استغلال حالة الفوضى السائدة لتؤسس لها مرتعاً مقدس على غرار تنظيم الدولة الإسلامية – أو ما يعرف بـ”داعش” – في سورية وتنظيم القاعدة في اليمن كلا التنظيمان يستخدمان تلك الحصون لتوجيه دفة عملياتهما الإرهابية انطلاقا من المملكة السعودية وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية.
في الواقع لا يمكننا القول أن روسيا نجحت بامتياز في التخلص من داعش على الأراضي السورية أما في اليمن كانت الولايات المتحدة الأميركية هي المنتصرة في محاربتها لتنظيم القاعدة لشروعها في ذلك منذ زمن بعيد تعود أطرافه إلى ما قبل أحداث 11 سبتمبر وهي فضلاً عن ذلك لا تزال نشطة في هذه المنطقة وإذا كان الأميركيون يقدمون الدعم اللازم للسعوديين في حربهم ضد الحوثيين فذلك لأنهم يرجون أعادة بناء مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية إلا أنهم قاموا في مناسبات عدة ولا سيما عقب الأخطاء المروعة التي ارتكبت من قبل سلاح الجو السعودي بتعليق الدعم اللوجستي المقدم للرياض في محاولة منهم لحث هذه الأخيرة على قبول خطة السلام التي طرحت مرات عديدة من قبل الأمم المتحدة على مدى سنتين متتابعتين.
بعيداً عن التظليل الإعلامي
بالرغم من كل ذلك التقارب تظل تلك الصراعات غير متشابهة بنسبة 100% ومن تلك الاختلافات القوة المفرطة في القمع: قد تكون الأرقام مهولة ومحبطة في آن واحد ولكن في الواقع على مدار 5 سنوات مضت بلغ عدد الذين قتلوا على الأراضي السورية حوالي 400000 حالة ثلاثة أرباعهم هم ضحايا الارهاب الوهابي بينما في اليمن كان عدد القتلى قد وصل على مدى عامين إلى 10000 حالة حيث كانت الضربات الجوية التي نفذتها السعودية وتحالف العدوان هي السبب فيما نسبته أكثر من 60%.
إذن يجب علينا أن نواصل الحديث عما يجري في اليمن من نواحٍ عدة وليس فقط من وجهة نظر إنسانية أما إذا كان الحديث في هذا الإطار فقط للتأكيد على أن الولايات المتحدة الأميركية قد نفذت عمليات أبادة جماعية لشعوب برمتها لتغدو الصورة متطابقة تماماً في كلا البلدين فعلينا هنا أن نحذر من أساليب التضليل التي تهدف إلى زرع الشك في مفاهيمنا.
فرانسوا كليمونسو – صحيفة “لوجورنال دو ديمونش” الفرنسية- ترجمة : محمد السياري